يمضي اثنان من المستكشفين الغربيين إلى أعلى النهرعبر أحراش كولومبيا الأمازونية، في فيلم "عناق الأفعى Embrace of the Serpent"، في بحثٍ لمعرفة ما يتعلق بالسكان المحليين الذين يعيشون هناك. ويفقدان نفسيهما في غمرة بحثهم هذا. أحد الرجلين، ويدعى ثيو (
يمضي اثنان من المستكشفين الغربيين إلى أعلى النهرعبر أحراش كولومبيا الأمازونية، في فيلم "عناق الأفعى Embrace of the Serpent"، في بحثٍ لمعرفة ما يتعلق بالسكان المحليين الذين يعيشون هناك. ويفقدان نفسيهما في غمرة بحثهم هذا. أحد الرجلين، ويدعى ثيو ( الذي يقوم بدوره الممثل جان بيجفوت ) يقوم بالرحلة في عام 1909. ويقتفي الآخر، إيفان ( برايون ديفيز ) آثار مرور ثيو هناك بعد 40 عاماً، سعياً وراء حل غموض اختفاء الرجل الأول. الاثنان يقومان بالرحلة بصحبة شامان محلي ( أي كاهن يستخدم السحر للمعالجة وكشف المستور )، ويمثل نيلبيو توريس دور الشخصية في الأقسام المتعلقة برحلة عام 1909 وأنطونيو بوليفار سلفادور حين تكون الشخصية في سن متقدمة. والممثلان معاً من أهل الإقليم الأصليين، وبالرغم من أنهما لم يمثّلا في فيلم أبداً من قبل، فإن أداءهما يتّسم بالقوة والإثارة بشكلٍ عميق. والشامان، كَيرامَكيت، دليل متكرر هنا، مراقب بالنشأة وشخص تراجيدي. وهو آخر فرد من قبيلته، وبهذا فهو رمز للهولوكوست التي أهلك بها الأوروبيون سكان أميركا اللاتينية الأصليين منذ العهد الكولونيالي، وأنقصوا عددهم تماماً بفعل المرض والاستغلال.
وقد صُور "عناق الأفعى" بالأسود والابيض على نحوٍ مثير في غابة مطرية كولومبية، وبالتالي فإن الفيلم المرشح لجائزة أوسكار يعد تنويعاً على مضمون رواية جوزيف كونراد الشهيرة، " قلب الظلام ". وتستند شخصيتا ثيو وأيفان على فردين واقعيين : ثيودور كوش ــ غرندبيرغ، وهو مستكشف وعالم في مجال الأعراق، وريتشارد أيفانز شولتس، وهو عالم بايولوجيا أميركي. وقد سافر كلاهما إلى منطقة الأمازون ليدرسا السكان الأصليين، وليتعرف ايفانز أيضاً على النباتات المخدرة للأعصاب التي يستخدمها الأهالي للعلاج ولأغراض احتفالية. وقد استخدم المخرج والكاتب المساعد الكولومبي سيرو غويرا دفاتر مذكرات المستكشفين اليومية كمنطلق إلى قصته المتخيَّلة والرمزيةٍ المعنى إلى درجة عالية عن صدام الثقافات.
ويبتلي ثيو في رحلته بالمرض، فيضعف وتصيبه الحمى والرجفة من البداية، ثم ينتعش لكنه لا يشفى بالمعالجات الطبية التي يتلقاها من كَيرامَكيت. ويضطر الرجلان، اللذان أثقلتهما صناديق التجهيزات والأوراق، إلى التخلص من منتجات الحضارة، عن طريق رميها على جانبي زورقيهما المصنوعين من جذوع الأشجار في المياه الأمازونية، بينما يمضيان بعيداً في طريقهما المائي، وهي عملية تجعلهما يعودان أكثر قرباً على الإطلاق من حالة الطبيعة.
وهكذا يُبرز غويرا في فيلمه المحزن الفاتن هذا هشاشة الثقافات المحلية وموطنها، بيئة الغابات المطرية في أميركا اللاتينية.
عن / NEWSOK