٢-٢
لماذا تكتب؟ سؤال ليس ساذجا كما يبدو للوهلة الأولى، وإجابته عسيرة حتى على الكاتب نفسه، وتضمينه في صلب مناهج تدريس فن الكتابة، دليل أكيد على جدوى طرحه: أكتب إستجابة لوخزة غامضة في روحي تعتريني آكتب لتحقيق آمل آمي فيّ اكتب لنشر آرائي السامية!لآحقق شهرة عريضة!لأني قلق، حائر، وحيد وحزين.لأغيظ حسادي وآحظى بإعجاب حبيبتي.لأني قرأت شكسبير وفلوبير ودانتي ونيتشة، وفاض بهم كأسي،اكتب، لعجزي عن الكلام، فأنا أتأتئ حين اتكلم أكتب لأني أكره من هم حولي، وأود توزيع كراهيتي لهم بما يليق.اكتب لأحصل على قوت يومي.اكتب لأني عاشق من قمة رأسي حتى أخمص قدمي.أكتب، لا أدري لماذا!
…………
الكتابة المبدعة المقروءة بضاعة نادرة.كانت، وغدت، وستظل.منذ بدء الخليقة، الى هذا الزمان .تجدها في الكتب المقدسة.في الأحاديث الصحيحة وكتب البلاغة.في مزامير داوود واناشيد الإنشاد لسليمان الحكيم، في ذرى تسابيح النيرفانا، في حِكم كونفوشيوس وتعاليم بوذا، في اقوال سقراط.في صراع جلجامش، في تضاريس الإلياذة، في …. في.فمن بين بلايين البشر الذين مروا بهذا الكوكب، مذ خلق الكون، لم يحفظ لنا التاريخ إلا أسماء نفر ضئيل — قياسا—من الذين صاروا جزءا من الطاقة الكونية.احتضنهم الزمن بأذرعه الحانية، وصر على أعمالهم الخلاقة بنواجده ودفع عن أسمائهم ومؤلفاتهم البلى، وعن نتاجهم عصف الريح،،، وترك باقي القطيع للمصير المحتوم، عرضة للهلاك، للفناء، للنسيان.فماذا انت صانع لتنسلخ عن جمهرة القطيع، لتغدو جزءا من الطاقة الخلاقة المتجلية بدفء مندس بشعاع، برواء ونماء محمولان بقطرة مطر او نفثة ندى …. لا سبيل إلى ذلك إلا ببضاعة نادرة ….لا سبيل للخلود إلا بالتفرد والتميز، لا سبيل إلا بالإبداع.