TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > برلمانٌ في حالِ الفِرار!

برلمانٌ في حالِ الفِرار!

نشر في: 1 يونيو, 2016: 06:37 م

حتى لو لم يكن رئيس مجلس النواب، سليم الجبوري، طرفاً في أزمة الانشقاق، أو الانقسام، داخل المجلس، وحتى لو لم يكن واحد من مطالب النواب المنشقين أو المنتفضين، أو الإصلاحيين كما يسمون أنفسهم، إقالة أو استقالة الجبوري ونائبيه، فإنّ رئيس المجلس والنائبين فقدوا الآن كلّ شرعية لهم كهيئة رئاسة للبرلمان العراقي.
 لو كان السيد الجبوري رجل دولة من الطراز الأول، أو الثاني أو حتى الثالث، لفكّر في أنَّ البلاد تعيش الآن حال حرب حقيقية. وفي حال كهذه فإن رجال الدولة، حتى من الطراز الثالث، لا يفكّرون في شيء غير مصلحة الشعب والوطن. وفي ظرف كهذا فإنَّ مصلحة الشعب والوطن العراقيين تقتضي من مسؤول كرئيس البرلمان أصبح ليس فقط مصدر جدل حادٍّ وإنما أيضاً مصدر انقسامٍ داخل الهيئة التي يقودها وفي مجمل الطبقة السياسية، أن يبحث بكلّ همّة وجدّيّة عن حلّ عاجل لأزمة انقسام المجلس ولو على حساب "حقّه" الانتخابي وكرامته الشخصية، فليس ثمّة حقوق تتقدّم على حقوق الشعب والوطن، وليس ثمّة كرامة تتقدم على كرامة الشعب والوطن. هذا الأمر ينطبق بطبيعة الحال على نائبيه، الشيعي والكردي، أيضاً.
الذي حصل أنّ السيد الجبوري، وكذا نائبيه، تمسّك بالمنصب ولم يرد أن يتخيّل مغادرته منصة الرئاسة والعودة الى مقعد العضوية العاديّة في مجلس النواب، مع أنَّ كرسيّ الرئاسة لم ينزل إليه، وكذا لنائبية، هِبةً من السماء، إنما هو قد انتُخبَ إليه كيما يُمثّل من انتخبه في المؤسسة التشريعبة والرقابية في البلاد، ثم اختِير، وكذا نائباه، على وفق نظام المحاصصة غير الدستوري، ليؤدّي مهمة محدّدة هي إدارة مجلس النواب إدارة سليمة وناجحة، ومن المفترض أن ينتهي تفويضه لهذه المهمة المحدّدة عندما يفشل في أدائها على النحو المطلوب، وقد فشل بالفعل، وكذا نائباه، بدليل الانشقاق أو الانقسام أو الانتفاضة داخل المجلس ضده وضد نائبيه أيضاً.
وعلى افتراض أنَّ السيد الجبوري، وكذا نائبيه، لم يفشل بما يستدعي إطاحته من منصّة الرئاسة، فإنّ تمديده الفصل الشريعي في يوم ثم إنهاءه في اليوم التالي ومنح البرلمان عطلة فيما البلاد في حال حربٍ حقيقية، وبعد نحو شهرين من عطلة أمر واقع للمجلس، هو في حدّ ذاته فشلٌ ذريعٌ وسافرٌ للمجلس وهيئة رئاسته، يستحقّ عليه السيد الجبوري، وكذا نائباه، أن يُطاح من منصبه، إنْ لم يستقلَّ من تلقاء نفسه مُقِرّاً بالفشل، فهو كان مكلَّفاً بإدارة برلمان وليس بتشغيل مقهى المحلّة أو دكان الدربونة.
إذ يُعطّل البرلمان نفسه في هذه اللحظة الفاصلة في تاريخنا وفي حياتنا، يحقّ لنا أن نصبَّ جام غضبنا عليه وعلى رئاسته، وأن نُعلن وفاتهم غير مأسوف عليهم، فلا خيرَ في برلمانٍ وفي كل أعضائه، وفي مقدمهم هيئة رئاسته الثلاثية، ماداموا يختارون الخلود الى الراحة والخدَر (في الواقع يفِرّون من ساحة المعركة)، فيما شبّانُ العراق يموتون بالجملة في معركة كسر الإرهاب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 6

  1. د عادل على

    الظاهر ان كلمة الغيريه موجوده فقط فى القواميس الاجنبيه-انا لست بحقوقى لاشخص ان رئاسة البرلمان خرجت عن القانون ام لم تخرج---الاهم من القانون هو كون الوطن فى اعلى درجات الخطر-والوطنى يستقيل------لم يطلب احد من هيئه الرئاسة ان ينتحروا كما عملها محسن السع

  2. ابو سجاد

    يااستاذ عدنان انت لاتزال تعطي شرعية لهذا البرلمان رغم معرفة الجميع بعدم شرعيته ولاسباب كثيرة وخصوصا لافراد رئاسته التي تم عزلها دستوريا وبالاغلبية اما بقاء المجلس منعقدا دون تعطليه فهذا لايعنينا شيئا لانه اساسا معطلا ولم يقدم لنا غير القرارات التي تضر اك

  3. Wisam

    أوافقك الرأي تماما لكن السؤال هل هؤلاء رجال و نساء جاءوا لخدمة بلد اسمه العراق وشعبه؟ لو كأنو كذلك لردو على كل الكتابات العاقلة المنطقية والبناءة لان لهم مستشارين يقراءوون ويبلغوهم بالمكتوب لكنهم يفعلون بالضبط مثل السابقين. أستاذ حسين لماذا الاكثرية ا

  4. د عادل على

    الظاهر ان كلمة الغيريه موجوده فقط فى القواميس الاجنبيه-انا لست بحقوقى لاشخص ان رئاسة البرلمان خرجت عن القانون ام لم تخرج---الاهم من القانون هو كون الوطن فى اعلى درجات الخطر-والوطنى يستقيل------لم يطلب احد من هيئه الرئاسة ان ينتحروا كما عملها محسن السع

  5. ابو سجاد

    يااستاذ عدنان انت لاتزال تعطي شرعية لهذا البرلمان رغم معرفة الجميع بعدم شرعيته ولاسباب كثيرة وخصوصا لافراد رئاسته التي تم عزلها دستوريا وبالاغلبية اما بقاء المجلس منعقدا دون تعطليه فهذا لايعنينا شيئا لانه اساسا معطلا ولم يقدم لنا غير القرارات التي تضر اك

  6. Wisam

    أوافقك الرأي تماما لكن السؤال هل هؤلاء رجال و نساء جاءوا لخدمة بلد اسمه العراق وشعبه؟ لو كأنو كذلك لردو على كل الكتابات العاقلة المنطقية والبناءة لان لهم مستشارين يقراءوون ويبلغوهم بالمكتوب لكنهم يفعلون بالضبط مثل السابقين. أستاذ حسين لماذا الاكثرية ا

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram