TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > متى نتبيَّنُ أنَّ لنا رجالاتِ دولة..؟

متى نتبيَّنُ أنَّ لنا رجالاتِ دولة..؟

نشر في: 1 يونيو, 2016: 07:02 م

كان أول ردّ فعل لرئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون على نتائج الاستفتاء على استقلال سكوتلندا، أنّ "علينا أنْ نبحث في برنامجنا القادم، لماذا صوّت مواطنون على الانفصال ، هل لأنهم يشعرون بالظلم ..؟".
وفي دول العالم المتحضّر يكفي خروج بضع عشراتٍ من المواطنين يرفعون لافتةً تحمل مطلباً أو احتجاجاً، أو اعتصام بضعة أفراد مع شعارات مكتوبة بخطٍّ رديءٍ على كارتون أمام البيت الأبيض أو ١٠ داوونغ ستريت أو مبنى البرلمان الأُوروبي، حتى تهرع وسائل الإعلام الى المواقع المذكورة  وتُحوّل  كلّاً منها إلى حدثٍ وتعليقٍ، لتنتقل بعدها الى اجتماعات الحكومة أو الوزارة المعنيّة.
وفي بلدانٍ أخرى تُريد أن تتحضّر وتتعثّر في مساعيها للانضمام الى دول العالم المتحضّر، مثل تركيا الأردوغانية أو الجمهوريات السوفيتية السابقة، لا تجد أُسلوباً أكثر تعبيراً عن الادّعاء بديمقراطية برلماناتها، غير اللجوء إلى استخدام اللّكمات بلا قفّازات ملاكمة والحوار بقذف الآخر بالكراسيّ ومنافض السكائر وقناني المياه، وأحياناً الأحذية الأنيقة!
لكنَّ دولنا، نحن المقصيّين فوق تلّة نفايات العالم السفلي، يفخر حُكّامنا بأنهم الأكثر من هؤلاء جميعاً في مراعاة قواعد اللعبة الديمقراطية وأصولها، فليس مثلهم مَنْ يتلقّى الشتائم والاتهام والتعريض والمطالبة بالرحيل ونفي صلاحيتهم للحكم، ومع ذلك فهم يُدارون الرأي الآخر بالصبر والإهمال !
وفي دولنا، يسخر الحكّام من مظاهر استعباد الأقلية من جانب الأكثرية، إذ كيف لبضع عشراتٍ من المشرّدين أو "الهوم لس" أن يُضيّعوا الوقت الثمين للحكومة ببحث مطالبهم، في حين أن الشعب كلّه ظلّ بمنأىً عن استعراضهم المُخلّ ذاك . أمّا إذا خرجت مئات الآلاف والملايين الموزّعة على المحافظات والمدن ترفع ذات المطالب والشعارات والأهداف على مدى سنوات متصلة، فإنّ حكّام دولتنا اللا دولة، الفاشلة بامتياز، المقصيّة هي فوق تلّة فضلات غير قابلة للتدوير، سيزجّون بكلّ ما في ترسانة شرطة مكافحة الشغب من أفراد مُدجّجين بالسلاح الفتّاك وآلياتٍ عسكرية وخراطيم مياه وقاذفات قنابل الغاز المُسيل للدموع، ويستعينون بعمليات بغداد أو ما شابهها في المحافظات، ويُقطّعون أوصال شوارع المدينة ومحلّاتها ويشلّون الحركة فيها، خشيةً وخوفاً من الاعتداء عليهم، والإضرار بالممتلكات العامة والخاصة وقطع أرزاق الناس. ويصادف أحياناً أن تُحلّق فوق رؤوسهم ، كما حصل في شباط ٢٠١١ مروحياتٌ عسكريةٌ تُثير عليهم عجاج ساحة التحرير!
لكنْ من المستحيل أنْ يعترف حكّامنا ولو لمرّةٍ واحدةٍ بأنَّ  تظاهرات الملايين هي استفتاءٌ على فسادهم وانعدام صلاحيتهم.
وأقصى ما تتفتّق عنه إذهان حكّامنا في مثل هذه الحالات الحرجة: أنهم زمرةٌ من المشاغبينَ والمندسّينَ، أو مُجرّد فقاعة ..!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram