TOP

جريدة المدى > عام > قصة قصيرة: قوة الحياة

قصة قصيرة: قوة الحياة

نشر في: 6 يونيو, 2016: 12:01 ص

عندما  عاد بعد منتصف الظهيرة من العمل وجدها وسط غرفة النوم . كان رأسها معصوباً بقطعة قماش بيضاء، وجهها المستدير وشعرها الاسود المنسرح كان فيهما الليل والنهار. كانت جالسة مطرقة لوقع أقدامه ما جعلها ترفع رأسها نحوه وتنظر اليه بعينين ناعستين يلذ له

عندما  عاد بعد منتصف الظهيرة من العمل وجدها وسط غرفة النوم . كان رأسها معصوباً بقطعة قماش بيضاء، وجهها المستدير وشعرها الاسود المنسرح كان فيهما الليل والنهار. كانت جالسة مطرقة لوقع أقدامه ما جعلها ترفع رأسها نحوه وتنظر اليه بعينين ناعستين يلذ له ان يراهما ويبحر في عالمهما الذي لا حد له من الفتنة. في صدرها حمامتان محجوبتان وراء قماش الثوب الذي يستر جسداً مشتهى.. جسداً لم يخلق من طين بل من خلطة عجيبة من اللوز والحليب والكريتسال ذراعان بضّان ممتلئان لاينافسهما سوى فخذيها الصقيلين.
رأسي يؤلمني منذ الصباح وهي تمددت على البساط الاحمر وسط غرفة النوم مسندة رأسها الى ذراعها الابيض اللدن واسبلت جفنيها وادارت له ظهرها فتبخرت كل فكرة عن الالم والاهتمام بشكواها.
- هل تناولت الاسبرين؟
- لكنه لم يعط نتيجة.. رأسي ينفجر من الألم
نهضت متراخية ثم دخلت الغرفة المجاورة وجاءت بوسادة وانطرحت تنظر الى سقف الغرفة وحركة دوران المروحة بينما راح صدرها يعلو ويهبط وكأن الحمامتين تريدان الطيران من شراكهما. وتحركت فانحسر الثوب المخملي الازرق عن صحن فخذ صقيل ثم عادت تدير ظهرها له ثانية وهي تتأوه من وجع الرأس فتجسدت أرادفها الثقيلة أمام ناظريه فتداعت طقوس الزوج والزوجة لكنه قطعها متسائلاً :
- ساذهب بك الى عيادة طبيب.
اجابت
- لا بد من ذلك رأسي ينفجر، وتأوهت بغنج ودلال.
- ولكن دعيني اخذ قسطاً من الراحة.
- الآن؟
 ردت بوهن.
- عيادات الأطباء مغلقة في مثل هذا الوقت تحاملي لساعتين او ثلاث.
- لكن ألمي لا يحتمل واشعر بجسدي يشتعل من الحرارة.
- سأعمل لك شاياً يمكن ان يخفف من ألمك.
نهض من على الكرسي وراح ينزع قميصه وبنطاله ويضعهما في المكان المخصص على حائط الغرفة وتحرك بملابسه الداخلية الناصعة البيضاء وهو يرمقها بنظرات عشيق اكثر منها نظرات زوج محتشم يشارك زوجته بما تشعر به. دلف الى المطبخ مهيئاً الشاي الذي وعدها به، لم يسألها عن طعام الغداء كما اعتاد بل عمد الى فتح الثلاجة والتهام ما وجده فيها.. ثم عاد وسألها كيف تشعر فكانت الاجابة واضحة وبليغة من خلال عينيها الواسعتين السوداوين اللتين اشعلتا فيه عنف الرغبة وقوتها من تجمع احساسات حادة.
جاءها بقدح الشاي ثم دس يده تحت كتفها واجلسها مستندة الى صدره ففاح من طيات شعرها الغزير عبق عطر فواح جعل سريان الدم في جسده يتسارع ويتكاثف في جزء بعينه، في الليل كان لا يشعر الا بجسده وعبق رائحتها لكنه الآن وفي وضح النهار له العطر والجسد والشعر الغزير الناعم والشفة المكتنزة التي تذكره بفاكهة الفراولة القرمزية. خاط لها قدح الشاي قدم لها فارتشفت منه مكرهة وعادت ممدة.
- سأحملك الى السرير ، قال ذلك ولم ينتظر الاجابة جعلها مغمضة العينين وعصابة الرأس جعلت منها اكثر اشتهاء.
بعد ساعتين
- الى اين؟
تساءلت
- الى الطبيب بالطبع
ومسح جبهتها ثم قبلها وتمدد الى جانبها وراحت يده تدب في خارطة الجسد المسجي، اغمضت عينيها بشدة ، سكنت عن التأوه ، وبعد ان وضع شفتيه على شفتيها المكتنزتين. استرخى جسدها وصار اكثر سخونة.
- لا بد ان نذهب للطبيب ، قال لها ذلك بصوت مرتعش وقد اعتلاها وأحاطها بذراعيه ثم رفع ثوبها شيئاً فشيئاً الى ما فوق صدرها العارم. انفرجت ساقاها والتفت ذراعاها حوله وشدته بقوة الى جسدها وراحت يدها تبحث عن ذلك الحيوان المنوي وعن قوة الحياة التي تكاتفت فيها ووجدته.
انفصلا بعضهما عن بعض يلهثان بعد انشغالهما اللذيذ الحاد , تنفسا بقوة وبعد ان هدآ التفت نحوها
- علينا الاستعداد للذهاب للطبيب ، قال لها.
- لا حاجة ، زال الألم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

"مُخْتَارَات": <العِمَارَةُ عند "الآخر": تَصْمِيماً وتَعبِيرًاً> "كِينْزُو تَانْغَا"

الذكاء الاصطناعي والتدمير الإبداعي

موسيقى الاحد: "معركة" المغنيات

السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي

كلمة في أنطون تشيخوف بمناسبة مرور 165 عاما على ميلاده

مقالات ذات صلة

الصدفة والحظ.. الحظ الوجودي والحظ التكويني في حياتنا
عام

الصدفة والحظ.. الحظ الوجودي والحظ التكويني في حياتنا

ديفيد سبيغنهولتر*ترجمة: لطفية الدليميقريباً من منتصف نهار التاسع عشر من آب (أغسطس) عام 1949، وفي محيط من الضباب الكثيف، عندما كانت طائرة من طراز DC-3 العائدة لشركة الخطوط الجوية البريطانية في طريقها من بلفاست...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram