TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > زر الحماسة الوطنية

زر الحماسة الوطنية

نشر في: 5 يونيو, 2016: 09:01 م

بحلول شهر رمضان  تغلق  البارات والملاهي ابوابها في استراحة اجبارية  لتجدد نشاطها مع اول ايام العيد ،  في تسعينيات القرن الماضي  صدرت أوامر تلزم المنتديات الليلية والملاهي بأن تكون النمرة الاخيرة من  البرنامج "ذات طابع وطني " ،  ببث  اغنيات تجسد  التفاف العراقيين حول قيادتهم ، واستعدادهم لمواجهة الاعداء ، وتحديهم الحصار الجائر ، ومن يحاول تجاهل تنفيذ الأوامر من اصحاب الملاهي والمنتديات ، يجد نفسه تحت طائلة المساءلة والاستجواب ، الشخص المكلف بتنفيذ تلك الأوامر كانت مهمته  تشغيل مسجل يبث الاغاني يربط باجهزة مكبرات الصوت ،  فيحفز "المشاعر الوطنية في النمرة الاخيرة" ، وبعدها يتوجه الرواد الى اقرب مطعم لتناول  الكوارع ، و"الفنانات" يغادرن المكان بصحبة بعض الزبائن الى اماكن الاسترخاء والفرفشة .
المسؤول عن تشغيل زر الحماسة الوطنية ، في النوادي العاملة تحت لافتة منتديات اعلامية المنتشرة في العاصمة، حاضر في كل مكان وزمان ، وخاصة في المنطقة العربية ،  وبالتحديد  في الانظمة رافعة شعار مواجهة الامبريالية والصهيونية ، فيما تقع سفارات اسرائيل  بجوار القصر الجمهوري ،  الاعلام الرسمي ، لا يستغني عن مشغل زر الحماسة الوطنية ، احيانا يكون صاحب قرار ويكلف بمسؤولية  الترويج  وتلميع صورة السلطة، لتبدو أجمل بنظر المجتمع الدولي بتبنيها جملة اصلاحات ، فضلا عن التركيز على  اهمية  توطيد الالتفاف حول القيادة ، واعلان  الولاء المطلق ، والابتعاد عن المطالبة بتحسين الاوضاع الاقتصادية ، لأن البلاد مستهدفة من قبل اعداء الخارج  والداخل ، والسبيل الوحيد لتحقيق النصر التمسك  بالمواقف الوطنية ، على طريقة النمرة الاخيرة .
 مسؤول تشغيل  "دكمة" الحماسة الوطنية عندما يكون في موقع رسمي ، يتصور بان جميع وسائل الاعلام اصبحت تحت سيطرته ، ولابد ان تأخذ بنظر الاعتبار توجيهاته في قيادة معركة مواجهة الاعلام المضاد ، وفضح تخرصاته ودوره في التضليل وبث الاكاذيب ، بعض المؤسسات تستجيب لاوامره ، لانها تريد الحفاظ على حبل المودة ،مع كبار المسؤولين ، للحصول على المزيد من المكاسب الشخصية من سيارات مدرعة وايفادات الى دول خارجية ، والاقامة في منازل عقارات الدولة .
 مواقف  معظم القوى السياسية تجاه الارهاب  معروفة ، ولا تحتاج الى تزكية من احد ،ووسائل اعلامها لاتحتاج ايضا الى نصائح وارشادات ووصايا مشغل زر الحماسة الوطنية لاثبات اصطفافها مع الارادة الشعبية ، في القضاء على الجماعات المسلحة  بكل اشكالها وانواعها ومسمياتها ،  من غبار المعارك ودماء الضحايا تحاول جهات اثبات وطنيتها فجعلت حتى  مذيعاتها ترتدي "الحجاب المرقط " لرفع  معنويات المقاتلين . في العراق  يكون الموقف الرسمي تجاه العديد من القضايا  مقدسا ، من ايده ظفر ومن  ابدى ملاحظاته  سيتهم بالخيانة العظمى ، أمس الاحد مرت الذكرى التاسعة  والاربعون لنكسة  او نكبة الخامس من حزيران بعد قرابة نصف قرن ، الانظمة العربية  تبدو اكثر اصرارا على التمسك بالحماسة الوطنية   على ايقاع النمرة الاخيرة ، رقصني يا كدع .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram