اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الخامس من حزيران.. أشهر فضيحة عربية

الخامس من حزيران.. أشهر فضيحة عربية

نشر في: 6 يونيو, 2016: 09:01 م

فضائح العرب كثيرة ،لكن أشهرها فضيحة الخامس من حزيران 1967 عندما انهزمت جيوش العرب أمام الجيش الإسرائيلي بفضائحية عسكرية وثقافية وإعلامية تدعو للبكاء والضحك معاً. أتذكر وأنا مراهق عراقي، وقتها، أن مانشيت الصحيفة العراقية كان: "طائراتنا تدكّ قصر سلمان (زلمان) شازار وهو رئيس دولة إسرائيل آنذاك. بينما كانت المطارات المصرية تغرق بدمائها على أرض الكنانة قبيل بدء الحرب. الفضيحة التي صار عمرها 49 عاماً، قبل يومين، أي ما يقرب من نصف قرن على أكذوبة الدولة القومية العربية التي طالما رفعت شعار "فلسطين محور نضالنا" لتعميم العماء وغسل الأدمغة ومنع الناس من التفكير بالواقع العربي المنخور بالفاشية والفساد والعسكرتاريا الانقلابية التي مثلت، ولم تزل، الدولة، في سياق التاريخ الشعبوي للسياسة العربية المهينة لنفسها ولنا، نحن المواطنين المهزومين معها أمام قضية عادلة تتلخص بشعب مقهور ووطن محتل اسمه فلسطين. كان أحمد سعيد يزعق بالنصر ومطارات مصر شُلَّت تماماً، ومحسن إبراهيم، الناصري، وقتها، ثم الشيوعي، يقرر: عبدالناصر لم يخطئ ومصر لم تنهزم. عبدالرحمن عارف، رئيس العراق، آنذاك، يودع الطيارين العراقيين إلى جبهة القتال، يوصيهم، على طريقة السلف الصالح: لا تقطعوا شجرة ولا تقتلوا شيخاً ولا امرأة، وهو لا يعرف أن الآلاف في جيش إسرائيل هم من النساء. تتحول المأساة إلى مهزلة عندما عند اللحظة التي تتضح فيها الأكذوبة: الجيوش العربية تنهزم والإعلام العربي ينتصر! الإعلام العربي ينتصر علينا كما انتصرت إسرائيل علينا، يعني نحن ننهزم مرتين: عسكرياً على أيدي جيش الاحتلال الإسرائيلي وعلى أيدي إعلامنا العربي الكاذب. الفضيحة العربية فضيحة داخلية قبل أن تكون هزيمة بسبب "مؤامرة أجنبية" وأسئلة الفضيحة هي مفاتيح الدخول إلى البهو العربي اللامع الذي يأكله العث، وكان صادق جلال العظم من بين أجرأ من أشار إلى خراب العالم العربي، داخلياً، رغم أنه اعترف بأن كتابه "النقد الذاتي بعد الهزيمة" قد شاخ لكن فضيحتنا في عز شبابها. الأجيال العربية الشابة التي تجهل تاريخ بلدانها وما حل بها ولا تعرف معنى "الماضي الذي لا يمضي" عليها أن تسأل وتقلق وتصفن بشأن ما جرى وما سيجري. العالم العربي، اليوم، في أسوأ حالاته، بل أسوأ مما كان عليه عام 1967، وإسرائيل، دولة الاحتلال والاستيطان والعنصرية، في أفضل حالاتها، تضحك على العرب وسعيدة بما يجري من إرهاب إسلامي وتفكك الدولة القومية وتلاشي الدولة العربية التي تضمحل اقتصادياً وثقافياً وأخلاقياً، ولم تعد فلسطين سوى ما تعنيه للفلسطينيين، وحدهم، وهم يواجهون الاحتلال وتوسع المستوطنات والقتل اليومي. الهزيمة العربية درس دامٍ لنتعلم أنها نتاج منظومة من المفاهيم المتخلفة التي حكمت مجتمعنا العربي بقوة السوط والديماغوجيا والجهل، وليست الهزيمة العسكرية سوى شكلها العنيف الذي هو نتيجة للبنية السياسية في مجتمعات بائسة عجزت عن بلوغ حريتها وطلاقتها التعبيرية في الوقوف بوجه حكامها المتسلطين، رغم التضحيات التي قدمتها طلائعها المناضلة. الفضيحة العربية ماثلة، مستمرة، وستستمر حيث الكذب على الذات وتشويه الواقع وإعادة انتاج الفضيحة بأشكال متعددة، عندما تنكفئ الدولة العربية إلى جزيرة منعزلة، أو إقطاعية منغلقة، تخشى أقرب جيرانها من الأشقاء، أكثر من جيرانها الأعداء. فلسطين ابتعدت جداً ولم تعد بين أوليات الحزن العربي المقيم، حتى المثقفون العرب استغرقوا بالمحلي، لهول ما يحدث، وللفلسطينيين رب إسرائيلي يذيقهم مرارة التوسع والاستيطان على مدار الساعة. أطلق على الفضيحة العربية أسماء عدة، فإسرائيل صار اسمها دويلة العصابات الصهيونية وهي الدويلة التي هزمت جيوشاً عربية عدة، والهزيمة صار اسمها نكسة، لتقليل الخسارة لغوياً، والحرب صار اسمها معركة، لأننا خسرناها معركة ولم نخسرها حرباً، فالقاموس اللغوي العربي يتسع لمزيد من الأكاذيب والفضائح. رحم الله محمود درويش القائل: "طلعنا عليهم طلوع المنون فكانوا هباءً وكانوا صدى، صدىً نحن، هم يحرثون طفولتنا".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: العميل "كوديا"

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram