TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الديمقراطية في زمن الطائفية

الديمقراطية في زمن الطائفية

نشر في: 6 يونيو, 2016: 06:39 م

أحد الأصدقاء أعلن بقناعة واضحة أنه لا يؤمن بالديمقراطية ولا يعترف بأنظمتها التي تشكّلت حديثاً في العالم الثالث، الصديق كان قبل سنوات من أشدّ المتحمّسين لكلّ شيء فيه رائحة الديمقراطية، وأُمنيته الوحيدة التي لازمته طوال سنيّ حياته هي أن يرى العراق أُنموذجاً يحتذى به في مجال هذه الممارسة السياسية، ولأنَّ كلّ ذلك لم يحدث، واستولى على البلد سياسيون يتعوّذون بالله كلّما سمعوا لفظة ديمقراطية  وعدالة اجتماعية. حواري مع الصديق ذكّرني بكتاب كنتُ قد قرأته منذ سنوات بعنوان  " عمر في العاصفة "  للكاتب المصري أحمد عباس صالح ، وفيه  فصل عن الديمقراطية يقول فيه أن المجتمعات الغربية وبعد سنوات من التطور الفكري تحولت لديها الديمقراطية من البحث عن حقوق سياسية ، الى التفتيش عن سبل جديدة للرفاهية والسعادة توفّرها الدولة للمواطن ، فيما نحن  استبدلنا الديمقراطية بمصطلح " أجندة " والعدالة الاجتماعية بجملة مؤامرة إمبريالية صهيونية " ، وأعتقد أنّننا في العراق ومع  سياسيين مثل محمود الحسن وصالح المطلك لانحتاج  من يتآمر علينا ، لأنّ الجهل الذي ينشره الساسة أقوى من كلّ مؤامرات الكون ، بعد سنوات من التغيير لم تعد الطائفية عيبا ، ولا الخراب جريمة  !
 من بين الفصول المثيرة في  الكتاب فصلٌ آخر  بعنوان في قلب الصراع السنّي الشيعي يقول فيه : " أثناء عملي في العراق التقيتُ ذات يوم  أُستاذ تاريخ عراقي واسع الشهرة وهو صالح أحمد العلي ، وما أن عرفني  ، حتى صاح غاضبا ومهاجما كتابي اليمين واليسار في الإسلام ، وبصفة خاصة تصنيفي لعلي بن أبي طالب ، على انه كان مهتمّاً بالعدل الاجتماعي ، وزعم أنني  لم أدرس الوضع الاجتماعي  للإسلام دراسة جيدة ، بعد هذه المقابلة العاصفة هدأ الرجل ثم بدأ يروي لي عن أعماله ودراساته وكان موسوعيّ المعرفة ، ولكنه كان يناقش قضايا التاريخ كما لو كانت أحداثا تجري اليوم ، وأنه أحد أفراد المعسكر الأموي الذي يقاتل معسكر الطالبيين ، ويستعمل كل الحجج لدحض زعمهم بأحقيّة الخلافة   ، وبعد أشهر عرفتُ سرّ العاصفة التي قابلني بها صالح العلي، فقد كان تأثير كتابي على شيعة العراق قوياً وجاء كما لو كان حجّة جديدة للشيعة على الأمويين وأنصارهم مما أثار غضب المؤرخ العراقي السنّي الذي كان يعيش في عصر معاوية .. بالمقابل استُقبلتُ من شيعة العراق بترحابٍ أذهلني ،  وأتذكر أنَّ أحد الأساتذه دعاني يوماً لزيارته في بيته ،  ، وقد فوجئتُ بالرجل يتربّع بعد العشاء على مقعد ليقرأ فصلاً كاملاً من كتابي عن ظهر قلب ، خجلتُ خجلاً شديداً ، فقد ذكّرني الرجلُ بحماسةِ صالح العلي غير الحصيفة هي الأخرى "
هكذا ببساطه يا اعزائي ممن تبحثون عن الديمقراطية  ، فنحن قوم لانزال
نعيش في القرن الأول الهجريّ !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 6

  1. الشمري فاروق

    طريقان لا ثالث امامنا؟؟!!أما ان نخرج من التاريخ..لكي نبدء حيانتا مثل البشرومن جديد... أو نبقى كما تفظلت في القرن الاول الهجري...لنعود الى العصور الحجريه!!!!وهذا ما يبدو هو المطلوب...بالامس كنت اتحدث مع أثنين من المعارف احددهما يحمل شهادة الكتوراه ويعمل ا

  2. الشمري فاروق

    طريقان لا ثالث امامنا؟؟!!أما ان نخرج من التاريخ..لكي نبدء حيانتا مثل البشرومن جديد... أو نبقى كما تفظلت في القرن الاول الهجري...لنعود الى العصور الحجريه!!!!وهذا ما يبدو هو المطلوب...بالامس كنت اتحدث مع أثنين من المعارف احددهما يحمل شهادة الكتوراه ويعمل ا

  3. د عادل على

    فلاديمير ايفان ايليج لنين قالها فى عشرينيات العصر الماضى-------خطوة الى الامام خطوتين الى الوراء-------اثناء دراستى فى بريطانيا كنت امر دائما عندما اكون فى لندن على مكتب الشهيد خالد احمد زكى-------مرة قال خالد لى ياعادل هل تعرف ان لينين كتب حتى على ال

  4. الشمري فاروق

    طريقان لا ثالث امامنا؟؟!!أما ان نخرج من التاريخ..لكي نبدء حيانتا مثل البشرومن جديد... أو نبقى كما تفظلت في القرن الاول الهجري...لنعود الى العصور الحجريه!!!!وهذا ما يبدو هو المطلوب...بالامس كنت اتحدث مع أثنين من المعارف احددهما يحمل شهادة الكتوراه ويعمل ا

  5. الشمري فاروق

    طريقان لا ثالث امامنا؟؟!!أما ان نخرج من التاريخ..لكي نبدء حيانتا مثل البشرومن جديد... أو نبقى كما تفظلت في القرن الاول الهجري...لنعود الى العصور الحجريه!!!!وهذا ما يبدو هو المطلوب...بالامس كنت اتحدث مع أثنين من المعارف احددهما يحمل شهادة الكتوراه ويعمل ا

  6. د عادل على

    فلاديمير ايفان ايليج لنين قالها فى عشرينيات العصر الماضى-------خطوة الى الامام خطوتين الى الوراء-------اثناء دراستى فى بريطانيا كنت امر دائما عندما اكون فى لندن على مكتب الشهيد خالد احمد زكى-------مرة قال خالد لى ياعادل هل تعرف ان لينين كتب حتى على ال

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram