TOP

جريدة المدى > عام > مع زيادة الإنتاج الأدبي في العالم العربي..هل تمكن النقدمن ملاحقة المنجز الأدبي أم أن النقدحالةفوقية

مع زيادة الإنتاج الأدبي في العالم العربي..هل تمكن النقدمن ملاحقة المنجز الأدبي أم أن النقدحالةفوقية

نشر في: 10 يونيو, 2016: 09:01 م

2-2 الأدب والنقد .. أي علاقة؟يقول الناقد المغربي محمد يوب : إن النقد الأدبي هو الدرع الواقي للأدب وهو الذي يقدم الأديب إلى تاريخ الأدب في صينية من ذهب.. ويوضح : أما الناقد فهو أكسيد التفاعل بين المبدع والمتلقي وبدونه لا نجد أدباً بل سيكون أدب الأدراج

2-2

الأدب والنقد .. أي علاقة؟
يقول الناقد المغربي محمد يوب : إن النقد الأدبي هو الدرع الواقي للأدب وهو الذي يقدم الأديب إلى تاريخ الأدب في صينية من ذهب.. ويوضح : أما الناقد فهو أكسيد التفاعل بين المبدع والمتلقي وبدونه لا نجد أدباً بل سيكون أدب الأدراج المغلقة لأنه هو الذي يصوغ الأدب ويقربه من المتلقين ويقوم بدور المصاحبة والتوجيه في بداية الأدب ووسطه وآخره.. ويرى يوب انه من طبيعة النقد أنه بطيء يأتي بعد قراءة الإبداعات الأدبية لأن الأدب أسبق إلى الوجود من النقد وهذا يعني أن الأديب الأول قد سبق إلى الوجود الناقد الأول أيّا كانت طبيعة هذا النقد من انطباعية تأثرية أو علمية دقيقة لأن الأدب يتصل بالطبيعة اتصالا مباشرا على حين يراها النقد من خلال الأعمال الأدبية التي ينقدها.. ويشير الى إن الأدب ذاتي من حيث إنه تعبير عما يحسه الأديب وعما يجيش في صدره من فكرة أو خاطرة أو عاطفة أما النقد فذاتي موضوعي فهو ذاتي من حيث تأثره بثقافة الناقد وذوقه ومزاجه ووجهة نظره وهو موضوعي من جهة أنه مقيد بنظريات  وأصول علمية.. ويعتقد الناقد يوب ان هناك من الباحثين من يردم الهوة بين النقد والأدب ويزيل كل أشكال التفريق بينهما ويعتبر الممارسة النقدية على الأدب هي نقد للنقد الذي هو الأدب..ويعطي مثالا بقوله: ان روز غريب يقول: " إن الفن نفسه نقد غير مباشر للحياة والطبيعة نظرة فاحصة عميقة يجري التعبير عنها في قالب قصة أو شعر أو رسم أو موسيقى والأدب تعبير عن شعور أو فكرة أو تجربة مستلهمة من الآثار الأدبية أو الفنية؛ فهو معادل لنقد النقد" وعن توظيف النقد الأدبي لمصطلحات ومفاهيم بعيدة عن دائرة الأدب بحيث تكون مستقاة من حقول معرفية أو علمية مفارقة يقول يوب ان الناقد يحاول بها مقاربة الأدب فيبدو أمرا مستهجنا عند الأديب وسببا في هجومه على الناقد لأنه لا يستسيغ أن يحوز الأدب مقولات فلسفية أو معرفية متمظهرة في شكل إبداعي كما أن فهم الإبداع الأدبي من طرف الناقد لن ينجح فيه لأنه لم يعانِ عملية ولادته. ويعد النقد الأدبي القريب من ذات المبدع ثورة جديدة ضد كافة أشكال التسلط المعيارية والعلموية والوضعانية التي تحاول جميعها قهر الوجود الإنساني بأنظمة قيمية واحدة ومطلقة تعمل دائما لصالح السائد العلمي الذي يعيد تأسيس نفسه من خلال استغلال حالة العزلة التي يشهدها مع العلوم الإنسانية والنظريات الأدبية والثقافية.
ويستخلص الناقد المغربي قوله: إن النقد الأدبي هو امتداد طبيعي للقراءة العادية لكنها قراءة من نوع خاص ، قراءة واعية مفككة منوطة ببعض نكهة العلم لأن فيه معنى الفحص والموازنة والتمييز والحكم.

شروط النقد
الاستاذة الجزائرية بجامعة محمد الشريف مساعدية غزلان هاشمي تعد العملية النقدية تتأسس على شروط محددة منها ما يتعلق بالعملية ذاتها كالانفتاح على المغايرة والاختلاف ومنها ما يتعلق بالناقد كسعة الاطلاع وامتلاك أدوات نقدية وآليات تمكن من الكشف عن أسرار النص وفك شفراته ومنها ما يتعلق بالنص الإبداعي كالعمق ومجاوزة الواقع والتسجيلية المبتذلة.. ولكنها ترى أن بعض النصوص المطروحة الآن في ظل استسهال النشر مبتذلة لا ترقى إلى مستوى المحاورة نظرا لافتقارها إلى العمق والتجديد المنبني على رؤية واضحة و كذلك نظرا لعدم ارتكازها على دلالة الاختلاف.. وترى ايضا ان هذا الاستسهال بقدر منحه حرية النشر ومساعدته على خلق حراك أدبي بعد القضاء على العراقيل التي خلقتها من قبل عملية الطبع والنشر الورقي غير أنه شوش ذهنية المتلقي وأربكه نظرا لأن قدرته الاستيعابية لم تعد تتحمل متابعة هذا الكم الهائل من النصوص الأدبية التي تنشر يوميا..وتمضي هاشمي بقولها: قديما كانت تمارس رقابة ذاتية أولا من خلال المراجعة المتكررة التي تقتضي التثبت ثم رقابة ثقافية وأدبية تصقل العمل الأدبي أو تنبذه وتهمشه حتى يسقط في مهاوي النسيان..أما اليوم فيكاد كل عمل يصبح عبارة عن مخزون ذاكراتي ذاتي لا علاقة للوعي الجمعي به حيث يتحول المبدع إلى متلقٍ في الوقت نفسه وكأن به يعاني تغولا على مستوى عقله الإبداعي.. لذا من وجهة نظر هاشي فانها ترى :أن النقد تحول إلى ممارسة قرائية حوارية من خلال التحرر من سلطة الأحكام المعيارية ومن الصرامة المنهجية .. لكنها تستدرك فتقول: إلا أنه لم يستطع الإحاطة بكل المنجزات الأدبية نظرا لكثرتها وانتشارها في ظل المتاحات التكنولوجية والقول هذا ليس من باب إسقاط المسؤولية عن النقاد لأن هناك من الخطابات النقدية من تحول إلى ممارسة متعالية تهدف إلى إيقاع المتلقي في دهشة وذهول معرفي وإلى خلق مسافة كبيرة فاصلة بين المبدع والناقد وبين النقاد والمتلقي للعملية النقدية في حد ذاتها ـ بماهي ممارسة إبداعية محايثة ـ ، من خلال الاحتفاء بمصطلحات نقدية مستعارة تعمق من فوقية الناقد وتجعل من النقد عملية تعسفية مغرقة بالمفاهيم الغيرية ومبتعدة عن هوية النص وبوحه الحقيقي.. وتعتقد هاشمي أن انعدام الرقابة الثقافية الفعلية الجادة ساعد على تمرير أعمال أدبية لا ترقى إلى مستوى النشر والطبع إذ تدخلت العلاقات الشخصية في إبراز بعض الأسماء التي لا علاقة لها بالإبداع ناهيك عن استغلال النفوذ أو المال من أجل الحصول على موضعية أدبية ما من خلال الطبع المتحرر من الرقابة بل ووصل الأمر بالبعض مع ظهور النص الأدبي التفاعلي ثم النقد التفاعلي موازاة له إلى لوم النقاد على عدم متابعة نتاجاتهم وإمطارهم بوابل من الاتهامات وكأن في نصوصهم ما يستحق المحاورة وكأن الناقد أيضا يملك وقتا تفاعليا يجاوز الوقت الفعلي وقدرات خارقة تمكنه من متابعة كل النتاجات على اختلافها.. لكنها تعلن تتبرأ من التعميم إذ تظل هناك تجارب إبداعية تستحق المتابعة لكنها لم تجد التفاتا واهتماما جادا ونوعيا.

حظيرة الأدب العربي
الكاتب والناقد مصري ممدوح رزق يورد منذ البدء مقارنة كتبها الناقد الكبير الدكتور صلاح فضل عن رواية (الحريم) لحمدي الجزار (لكن أعتب عليه بشدة طريقته في وصف أمه عندما علمت بسقوط أبيه مغشياً عليه في ورشته «كان ثدياها الكبيران اللامعان بماء الغسيل يهتزان بإيقاع متناغم مع هزة فردتى ردفيها» فلا يمكن للصبى أن يتحدث عن أمه بهذه الطريقة، ولو كنت من أبيه وقرأت هذا الوصف لأعدت كي أصابعه بحرص هذه المرة كي يتأدب).. هذا مجرد مثال بسيط..ويضيف رزق ان :هناك انسجاما منطقيا بين الكتابة الأدبية العربية ونقدها .. الكتابة الأدبية العربية كتاريخ من المسالمة والنمطية الخاضعة لسلطة المقدس الديني وللقيم (الأخلاقية) الحاكمة للوعي الجمعي عند الشعوب العربية..ويرى ان :النقد الأدبي كخطاب داعم ومُرسّخ لهذه الهيمنة المعرفية (المنجز الأدبي) إذن هو مراكمة وتكاثر من النسخ المروضة الناجمة عن سيطرة الخطاب الاستبدادي العام الفائض باليقينيات القهرية المطلقة عن (الثوابت الأصلية للوجود الإنساني)..ويرى ان النقاد العرب عدا استثناءات نادرة من الأكاديميين وغيرهم وحتى كتّاب الريفيوهات (الملقبين بالنقاد) بانطباعاتهم المباشرة وقراراتهم غير المكلِفة المتباهية بعدم بذل الجهد اللازم لاختراق القشور النصية هم قطعان داجنة تتوالد عبر الزمن لخدمة هذه المرجعية الشمولية..ويمضي بقوله: إذا كان معظم ما تنتجه الكتابة الأدبية العربية أقرب إلى تراص المتشابهات الأليفة وتكرار القوالب الآمنة وإعادة صياغة الأفكار والأطر التقليدية حيث لا تصادف انتهاكاً فعلياً أو تمرداً مخرباً يتسم بالغرابة الصادمة حقاً إلا في شكل مفاجآت عسيرة فإن النقاد العرب هم المعينون والمنذورون لحماية سلطة المقدس الديني وقيم الوعي الجمعي داخل هذه الكتابة موظفو الأمن،الأوصياء على (اللغة) و(البناء) و(المعنى) الذين تستقر في أدمغتهم كافة الحقائق المؤكدة والإجابات الحاسمة غير القابلة للشك على جميع الأسئلة (الجوهرية): ماهي الكتابة؟ من الذي يمكنه أن يكتب؟ متى يكتب؟  ماذا يكتب؟  كيف يكتب؟ .. من الذي لا يمكنه أن يكتب؟ ما هو العقاب العادل لعدم الامتثال للشروط والأحكام؟ هؤلاء النقاد فضلاً عن دورهم في ترسيخ الهيمنة المعرفية عند القراء الذين تربوا على الطاعة العمياء لبديهيات الثقافة العربية نجحوا بامتياز في تحويل هؤلاء القراء (خاصة مع انفتاح فضاءات التصارع الاجتماعي على الإنترنت) نجحوا في تحويلهم إلى قبائل مُرهبة، يمارسون الترويع ضد بعضهم وضد الكتّاب وضد من يحاول منهم أن يكون كاتباً: (الكتابة ليست شيئاً هيّناً) (كم كتاباً قرأت حتى تكتب؟) (لا تتعجل النشر) (لا تفكر في الكتابة ثانية) (ما كتبته لا يمت للإبداع بصلة)..(هذا ليس شعرا)..(ما كتبته يفتقد لكل "عناصر" الرواية)..(المنجز الأدبي) الذي يتسارع في البلدان العربية إذن في (توافق) تام مع النقد الأدبي وهي فضيلة تتجاوز فكرة (الملاحقة)..ويرى رزق النقد انه : يجيد استثمار الوجاهة الكامنة في كلمة (العلم) فالناقد الأكاديمي يستغل هذه الصفة في تقوية قدرته على الهجوم والإرهاب خصوصاً لو كانت مدعومة بقدر ولو بسيط من التزمت الديني الأمر لا يدعو لأي نوع من القلق ففي مقابل كل فرد تعلّم الكتابة وامتلك المال لكي يطبع نتاجاً هناك الكثيرين من مصاصي الدماء في انتظاره.

المفهوم الأكاديمي والمفهوم الأدبي
ويقول الناقد عبد الهادي الزعر :أن هذا سؤال متشعب الرؤوس ولنبدأ بتعريف النقد من انه حقل معرفي جدلي يبدأ قارئا وينتهى محللا.. غايته الكشف عن مسارات النصوص النسقية واستجلاء جمالياتها  والتحري عن مرجعياتها ثم  الكشف عن عيوبها أن وجدت ! لا لغرض التفنيد والحط من قيمها بل سكب دفقات من الضوء لإنارة ما خفي منه بين السطور - كل ذلك يجب إتمامه بحياديه تامه.. ويرى الزعر الفرق بين المفهوم الاكاديمي والمفهوم الأدبي فهذا  يتوقف على خصيصة تفكيك الخطاب ونوع الجنس المنقود  فالقصة القصيرة مثلا  تختلف رؤاها ومبادئها  عن الرواية والشعر النثري غير  الشعر  العمودي كل له أفقه ومساراته..ويرى انه :أحيانا تتدخل الانطباعية بقوة لأنها المدخل لأي رؤيه نقدية بالرغم من تشابك المدارس الوافدة كالبنيوية والشكلانية ( حلقة موسكو ) الممثلة بشكلو فسكى وبروب وباختين والمعلم الأبهر سوسير كذلك المدرسة النفسية التى قلبت المفاهيم رأسا على عقب ولا ننسى الامريكية بزعامة هيلم سليف..ويضيف: بقى شيء مهم وهو أن مدارس النقد الحديثة رغم وسعتها وتعدد مسالكها فهي لم توجه خطابها نحو المثقف العربي لأنها نمت وترعرعت في بلدانها الاوروبية واقترفت جرما كبيرا حين غطت على نقادنا وذواقينا العرب كابن سلام وابن طباطبا والقرطاجنى والجرجانى وقدامه بن جعفر والجاحظ وغيرهم ويقع بعض اللوم على نقادنا المعاصرين فإنهم تماهوا مع المستورد وتركوا الاصيل !! بحجة عدم تلاؤمه مع مقتضيات الحداثة - فأمسى الناقد ( المحلى ) مضطرا للالتجاء الى ما هو مشاع اليوم في الساحة النقدية وألا يعتبر غير ذي قيمة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

"مُخْتَارَات": <العِمَارَةُ عند "الآخر": تَصْمِيماً وتَعبِيرًاً> "كِينْزُو تَانْغَا"

الذكاء الاصطناعي والتدمير الإبداعي

موسيقى الاحد: "معركة" المغنيات

السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي

كلمة في أنطون تشيخوف بمناسبة مرور 165 عاما على ميلاده

مقالات ذات صلة

الصدفة والحظ.. الحظ الوجودي والحظ التكويني في حياتنا
عام

الصدفة والحظ.. الحظ الوجودي والحظ التكويني في حياتنا

ديفيد سبيغنهولتر*ترجمة: لطفية الدليميقريباً من منتصف نهار التاسع عشر من آب (أغسطس) عام 1949، وفي محيط من الضباب الكثيف، عندما كانت طائرة من طراز DC-3 العائدة لشركة الخطوط الجوية البريطانية في طريقها من بلفاست...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram