لم تلتزم الصحافة الرياضية العراقية الصمت أزاء قضايا المنتخبات الوطنية وشجونها التي ما برحت تؤرق المعنيين بقيادتها الى برّ الأمان لاسيما أن اتحاد كرة القدم ينظر بعين الإهتمام لكل ما يُثار في الصحف من أعمدة رأي وتقارير وحوارات تقوّم عمله وتستهدف سلوكه ومنهجه في التعاطي مع تلك القضايا عندما ينحرفان عن مصلحة الكرة.
من دون شك أن القاسم المشترك بين الاتحاد والصحافة هو الحرص على المساهمة في انجاح مشاركة المنتخبات مع تعزيز عنصري الاستقرار والثقة اللذين يُعدّان من اهم اسلحة المدرب لتحقيق الفوز، ولهذا تبقى الصحافة ناصحة ومراقبة في آنٍ واحد بدافع الحرص على تكامل مستلزمات المدربين واللاعبين قبل خوض التحديات الصعبة.
ما أثاره الكابتن عدنان حمد ود.كاظم الربيعي أثناء حديثهما لـ(المدى) يسترعي توقف اتحاد الكرة عندهُ وعدم اهمال ما ورد في ثنايا كلامهما عن ستراتيجية العمل المشترك بين المنتخبين الوطني والأولمبي وتوأمة أفكار الكابتن راضي شنيشل مع زميله عبدالغني شهد بما يخدم تطلعات كرتنا بوصولهما الى اقصى الطموحات وعدم ضياع الجهود في مغامرات فاشلة.
وسبق أن أطلَعْتُ رئيس اتحاد الكرة عبدالخالق مسعود خلال اتصاله التشاوري مع عددٍ من الصحفيين بغية الاستئناس بالآراء بُعيد تسنم شنيشل مسؤوليته بخصوص ذات المقترح بوجوب العمل في مشروع واحد بين منتخبين يضمّان عناصر قادرة على تحقيق أحلامنا في الأولمبياد والمونديال، وكان رأيي اعتماد المنتخب الأولمبي أساساً في تصفيات كأس العالم طالما إنه يتمتع بالحيوية وخبرة الاحتكاك الدولي ويحظى بثقة الوسطين الكروي والجماهيري ويتسم بالانسجام الكامل سواء بين لاعبيه انفسهم أم مع الملاك التدريبي، ولا يحتاج شنيشل سوى تعزيزه ببعض العناصر التي يمكن اعتمادها أساسية أو بديلة حسب ظروف المنتخب الوطني.
وقتها لم يتفق رئيس اتحاد الكرة مع المقترح وكان حديثه يتركز على وجوب فصل المنتخبين ومنح الاستقلالية لكل مدرب ! واليوم تتساقط وريقات التاريخ لتدنو من الدورة الأولمبية وليس في أجندة شنيشل سوى دعوة 29 لاعباً للالتحاق في تجمّع يبدأ من يوم الأربعاء المقبل ويستمر لغاية الرابع من تموز، من ثم يبدأ مرحلة المعسكرات التدريبية حتى الأول من أيلول عندما يواجه منتخب استراليا على ملعبه وبعد أيام قليلة يلتقي السعودية في ماليزيا، أي لا توجد نقطة إلتقاء بين الأولمبي والوطني، الطرفان يعملان بمعزل عن الآخر، وكأننا نستغني طواعية عن أكثر من 15 لاعباً أساسياً في توليفة شهد وأحللنا بدلاً عنهم الأبرز ممن لفتوا الأنظار اليهم في دوري الكرة ولم يتسن لهم اللعب دولياً سابقاً، ما يضعنا في طريق غامض لا يعرف اتحاد الكرة نقطة الخلاص منه في ظل إلحاح شنيشل على فصل مهمته وإختيار تشكيلة مختلفة ليقول " أنا حاضر وموجود وسأبدأ من الصفر" وكرر المعنى ذاته في أكثر من تصريح بأنه يعمل لمستقبل اللعبة وليس للتصفيات !
لم يبق مدرب أو محلل ممن التقينا به سواء في أحاديث رسمية أم ودية إلا ووضع يده على قلبه مما تترقبه كرتنا في المرحلة المقبلة بسبب مجهولية بداية تصفيات كأس العالم ومدى قدرة شنيشل على تحقيق الانسجام بين لاعبيه خلال تحضيرهم في شهرين مطالب بعدهما بمواجهة منتخبين من العيار الثقيل هما (استراليا والسعودية) بغضون ستة أيام ( 1 - 6 أيلول) !
لا يوجد في علم التدريب صناعة معجزات في ظروف قياسية إلا إذا كانت مؤاتية كما حصل للأولمبي في الدوحة، أما محاولة إقناع شنيشل لاتحاد الكرة والإعلام والجمهور بأنه ماضٍ في التحدي وقادر على النجاح الذي نتمناه له، فذلك يمثل ضياعاً للوقت ونطحاً في صخر المستحيل، بدليل أن اليابان واستراليا والإمارات تخطط منذ ثلاث سنوات ليس لعبور التصفيات، بل لتحقيق المفاجآت في مونديال روسيا، فأي منطق هذا ونحن نريد مساواتهم في الطموحات وليس لدينا متسعاً سوى 75 يوماً ؟!
إذا كان هناك من يتحمّل مسؤولية فشل منتخبنا الوطني في تصفيات كأس العالم لن تكون اللجنة الأولمبية الوطنية بعيدة عن الإتهام بعدما اقحمت أثنين من موظفيها بمسألة فنية خارج تخصصهما في فترة حرجة جداً كان يمكن أن تنفّذ مشروعها الداعم للأولمبي في وقت لاحق، لأن القرار الأصوب هو اجتماع المدربين والتشاور على المهمتين والعناصر المطلوبة ويتم الإعلان عن قائمة المنتخبين الوطني والأولمبي في وقت واحد ويتواجد شنيشل ولاعبوه المرشحون من خارج قائمة شهد في معسكرات الأولمبي ويكون هناك جهد مشترك ينصب على خدمة رؤية الاتحاد بتحقيق حلم التأهل الى المونديال بوجود أفضل العناصر، لكن اهتمام الأولمبية بالمدرب شهد بمعزل عن مرجعه الفني اتحاد الكرة وتسابقه لإخراج قائمته من باب (حصتي وحصتك ) واحتكار مدرب اللياقة غونزالو أدى الى حصر شنيشل في زاوية لا يحسد عليها دفعته للرد بالطريقة المناسبة من خلال اعتماد عناصر جديدة يُغامر بها في المجموعة النارية ومصارحته المتابعين " مجبراً " أن هدفه أمم آسيا 2019!
منتخبا الوطني والأولمبي هما مشروع العراق لربح السمعة الدولية، وللأسف هناكَ من عَمَد الى جعلهما بضاعة للتكسّب الاعلامي في ظل غياب قرار المسؤول الرياضي الأعلى.
كل عام ووعودكم في الأحلام...
معجزة منتخب الأحلام !
[post-views]
نشر في: 11 يونيو, 2016: 03:05 م