TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > نحن نزرع "الطليان"

نحن نزرع "الطليان"

نشر في: 12 يونيو, 2016: 09:01 م

الحكاية معروفة  وردت في كتب الامثال والقصص الشعبية ، تتحدث عن قوم قالوا انهم زرعوا الصوف ثم حصدوا الاغنام ، كيف تحققت  المعجزة ؟ يقول الراوي ، ان عشرات الرجال من اتباع  السلطان او الملك الساكن في قلعة في ضاحية المدينة ، شاهدوا الصوف على اشواك بالقرب من جدران القلعة ، فعقدوا اجتماعا على طاولة مستديرة ، اسفر عن اتخاذ قرار ثوري لم يسبق له مثيل في كل مدن العالم البدائي والمتحضر ، قرروا  الابقاء على الصوف مع توفير ظروف الانبات المناسبة ليحصدوا في  نهاية الموسم على  الاغنام من النوع الهرفي ، الجزء الاكبر من الحاصل اي الطليان يذهب الى الملك او السلطان حاكمهم المبجل ، وربع من القسم المتبقي يذهب الى العاملين  في القصر الواقع  بمنطقة محصنة  بتوزيع الطليان على الروس ، والجزء الاخير يصدر الى الخارج للحصول على موارد  مالية  لدعم الدخل القومي ، من يسمع الحكاية للمرة الاولى  يصيبه الاعياء من جهل اصحاب فكرة زراعة الاغنام   لكنهم حققوها ، في احد الايام مر رعاة يقودون اغنامهم  بالقرب من سور القلعة ،  شن عليهم الصناديد صولة تسليب فصادورا جميع الاغنام ، مع حلول فجر اليوم التالي   اعلنوا انهم حصدوا زرعهم  ،  وكان الحاصل يبشر بخير وفير  قطيع من الاغنام  يسد قرص الشمس .
 مر الموكب  بالقرب من القصر  ، الرعية اصطفت فوق  وامام الخرائب تستطلع الخبر السعيد ،  فظهر المنادي راكبا فرسه ، ايها الناس ، ارفعوا ايديكم الى السماء ، مملكتنا اول من زرعت الصوف وحصدت  الاغنام ، بحكمة قادتها وعقول خبراء  البلاط ، اليوم انتصر العقل على الجهل ، اندحر الفقر ، سيعيش ابناء المملكة اغنياء بفضل زراعة" الطليان "  ردد الحاضرون  شعارات وعبارات  الولاء ، مع الدعاء ببقاء طويل العمر على عرشه حتى يرى احفاد احفاده.
اصحاب العقول  عرفوا اللعبة ، لكنهم عجزوا عن اقناع الاخرين بان زراعة الاغنام لعبة تمارسها السلطة للتغطية على فشلها ، فتعرضوا لحملة ملاحقة ، منهم من زج في المعتقلات وقسم اخر فضل الذهاب الى بقعة اخرى من الارض ، سكانها لايزرعون الصوف .
اصحاب الاغنام شكلوا وفوداً واتجهوا الى القلعة لمقابلة سلطانها او ملكها لمعرفة مصير اغنامهم المغتصبة استطاعوا  الدخول الى صاحب العرش فتحدث كبيرهم :
- مولاي رجالك  اغتصبوا اغنامنا ، نناشدك منحنا حقنا .
- رجالي زرعوا الصوف فحصدوا  الاغنام .
- من يصدق هذا القول   مجنون .
- الاغنام لمن زرعها .
وصل ممثل اصحاب الاغنام الى قناعة بان  المتربع على العرش يؤمن بزراعة الطليان ، فقدم نصيحة الى الحاضرين ، بعد السماح له بالكلام ، انصحكم اخواني واصلوا زراعة الصوف ، باستخدام سماد البعرور ، مع اطلاق مفردة ميع ميع تقليد صوت الخروف لضمان الانتاج الوفير  ، الرجل قال كلمته بعد مغادرة القلعة مع زملائه سمع اصواتا من الداخل ، ميع ميع ، نحن نزرع الطليان ، الحكاية في العراق تحولت الى بناء دولة مؤسسات ، ميع .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram