TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كيفَ اختفتْ الـ 250 مليارَ دولار؟

كيفَ اختفتْ الـ 250 مليارَ دولار؟

نشر في: 12 يونيو, 2016: 06:14 م

نحن الآن في أزمة حادّة.. دعكم من الأزمة السياسية التي يُراد لها أن تبقى عصيّة على الحلّ، فالأزمة الاقتصادية والمالية ليست أدنى وطأة ولا أقلّ ثقلاً.. إنها تطحن الأرواح وتسحق الآمال والأحلام، حتى المتواضع للغاية منها.
منذ أشهر تنخرط حكومتنا في مباحثات مُضنية مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لاقتراض 15 مليار دولار منهما، فنحن في مسيس الحاجة إلى هذا المبلغ كيما تواصل قواتنا المسلحة الحرب ضد داعش بنجاعة، وحتى لا تنهار دولتنا من الأساس. حتى الآن وافق صندوق النقد على إقراضنا 5.4 مليار دولار، وثمة طريق طويلة للحصول على المتبقي من مبلغ الـ 15 مليار دولار.
في الأثناء تعمل الحكومة على إصدار سندات خزينة بقيمة سبعة تريليونات دينار (أقل من 6 مليارات دولار) لسدّ عجز الموازنة البالغ نحو 22 تريليون دينار، وستُطرح خمسة ترليونات منها في السوق المحلية والباقي في السوق الدولية.
تعالوا نتخيل معاً  أنّ جهة ما في العالم – مجموعة من الحكومات الغنية أو من المؤسسات المالية الكبرى المتخمة كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمصارف الكبرى – قد رأفت بحالنا واجتمعت إرادتها على تقديم قرض لدولتنا بقيمة 250 مليار دولار.
هو مبلغ فلكي مهول بالطبع، ولكن لا تنسوا أننا نتخيّل هذا.
ما الذي يمكن أن يفعله هذا المبلغ الأُسطوري؟
أقلّ ما يمكن أن يفعله هذا المبلغ، إذا ما استثمر في مجالات الاستثمار المختلفة، هو تحقيق عائدات بقيمة 25 مليار دولار سنوياً. هذا المعطى يستند إلى واقع أنّ نسبة الربح من هذا الاستثمار تبلغ 10 بالمئة، وهذه نسبة تُعدّ متدنّية في مجال الاستثمار.
لكن، بمبلغ 250 مليار دولار يمكن أيضاً إنشاء 4000 مشروع زراعي وصناعي وتجاري وفي مجالات الكهرباء والنقل والاتصالات وسواها.
تخيّلوا ما يُمكن أن ينجم عن هذا العدد من المشاريع .. على صعيد العمالة وحدها، ونحن نعاني الأمرّين من البطالة ومن الفقر الناتج عنها، يمكن لهذه المشاريع أن تُشغّل 400 ألف عامل وموظف (بمعدل 100 عامل وموظف لكل مشروع كحدّ أدنى)، أي أنها ستوفّر الحياة الكريمة لمليوني فرد عراقي، ناهيكم بالطبع عما ينتجه هذا العدد الغفير من المشاريع من السلع والخدمات وما توفّره هذه السلع من عائدات ماليّة.
لأكشف لكم الآن عن أنّ هذين الرقمين (250 مليار دولار و4000 مشروع ) ليسا افتراضيين في الواقع. إنهما وردا على لسان المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح الذي أعلن منذ أيام قلائل أنّ عدد المشاريع المُعطّلة في البلاد يزيد على أربعة آلاف مشروع، هي بقيمة إجمالية تصل إلى 250 مليار دولار.
كيف تعطّل كلّ هذا العدد من المشاريع؟ وكيف تبدّد مع هذا التعطّل هذا الرقم الفلكي للدولارات (250 ملياراً)؟
اسألوا عن سوء الإدارة في دولتنا التي تديرها أحزاب الإسلام السياسي، وفتّشوا عن الفساد الإداري والمالي الذي تجاوز كلّ الحدود وتخطّى كلّ الخطوط الحمراء على مدى السنين العشر الماضية.
هذا العبث الجنوني بثروة الشعب هو ما حوّلنا إلى شحّاذين على أبواب العالم، وأكبر المسؤولية عنه يقع على عاتق حكومتي نوري المالكي (2006 – 2014). ومَن يرى خلاف هذا ليُثبته لنا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. بغداد

    استاذ عدنان حسين أضف الى ال ٢٥٠ مليار الملفوطة الف مليار ١٠٠٠ مليار اخرى ملفوطة كلها في زمن نوري بابة وابنه المدلل حمودي حرامي ومزورجي العقارات في المنطقة الخضراء ؟! واحد اذا ضيع قران يلمع في الضلمة هم يلكيه كيف مليارات الدولارات اللامعة وتنتقل من بنك الى

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram