حازم مبيضين العرض الاميركي الجديد للعودة إلى مائدة التفاوض، لايتجاوز الترجمة الانجليزية لأفكار أكثر الحكومات الاسرائيلية تطرفاً وعدوانية، وأقلها اهتماماً بالسلام، وورقة التفاهمات التي حملها جورج ميتشل لتحقيق تسوية على المسارين الفلسطيني والسوري دون أي شروط مسبقة،
تعني في واقع الامر أن يقبل الجانب الفلسطيني بالعودة للتفاوض، مع استمرار الاستيطان في الاراضي المحتلة عام 1967، والتي كان مأمولا أن تكون أراضي الدولة الفلسطينية العتيدة، التي تتحول مع أفكار أوباما إلى دولة بحدود مؤقتة، يلي قيامها التفاوض على تبادل أراض ووضع القدس، مع ضرورة الاعتراف بيهودية إسرائيل وتطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل كبادرة تجاهها.يترافق العرض الاميركي البائس مع التهديد بعقوبات مالية للسلطة، ورشوة طلب ميتشل من نتنياهو تقديمها للسلطة الفلسطينية لتستطيع مواجهة شعبها، المتوقع أن يرفض هذا المشروع، الذي يعتبر بحق تراجعاً فاضحاً، عن كل ما وعد به الرئيس الديمقراطي، الذي يسعى لزج ألمانيا وروسيا في مشروعه، محاولاً حثهما على جمع الفلسطينيين والاسرائيليين على مائدة التفاوض، مع وعد تستفيد منه الدولة العبرية وحدها، مفاده أن واشنطن ستتدخل فقط عند توقف المفاوضات أو تعثرها ، وأنها ستبتعد عن تفاصيل المفاوضات، على أن يتقدم الجانبان بتقاريرهما لها عن التقدم أو نقاط الخلاف، وليس مستهجناً أن يعلن نتنياهو أنه سمع من ميتشل أفكارا جديدة مثيرة للاهتمام. لعل أبرزها أن التفاوض سيكون على مستوى أقل من مباحثات الزعماء. وبما يعني فعلياً عدم جديتها ومنح الجانب الاسرائيلي كل الفرص للمماطلة كيفما يشاء.ليس هناك حديث عن الاسرى الفلسطينيين الذين يعدون بالآلاف في سجون الاحتلال، ولا عن حدود الدولة، ولا المدينة المقدسة التي تتسارع عملية تهويدها، ولا عن مصير اللاجئين الفلسطينيين. وكأن عقد اجتماع منخفض المستوى مع الاسرائيليين، يتناول قضايا تتعلق بالحياة اليومية للفلسطينيين سيكون بديلاً عن المفاوضات السياسية. والواضح أن كل هذه المقترحات تدخل في باب الضغط على عباس الذي يلجأ لمناقشة هذه الافكار الاميركية مع القادة العرب، عله يحصل على دعم لموقفه، المتمثل بالاصرار على وقف كامل للبناء في المستوطنات الاسرائيلية بالضفة الغربية بما في ذلك القدس قبل أي اسئتناف لمحادثات سلام تتناول جميع القضايا. ويرفض تجميداً جزئياً لعشرة أشهر أعلن عنه نتنياهو ووصفه عباس بأنه غير كاف. يترافق ذلك كله مع إصرار نتنياهو على المضي في الاستيطان، وهو لا يخفي ذلك وأعلنه في مستعمرة غوش عتصيون قائلاً وهو يزرع شجرة ان هذا التجمع سيبقى إلى الأبد جزءا من إسرائيل، وكأنه يتحدى المجتمع الدولي المؤمن بحل الدولتين الذي تعلن إدارة أوباما أنه الحل الوحيد الواقعي للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني. ويبدو مدهشا ظنها أن ورقتها الاخيرة ستسهل عقد اتفاقات سلام بين إسرائيل وسوريا ولبنان، وتصل إلى التطبيع الكامل للعلاقات بين كل دول المنطقة في الوقت الذي يعلن فيه وزير التنمية الاسرائيلي انه حان الوقت للقول بشكل واضح وصريح انه لا مجال لأي تنازلات اسرائيلية اضافية للعودة الى المفاوضات، وكأن حكومة اليمين المتشدد قدمت أي تنازل، وسيكون مثيراً للغثيان ترحيب أوباما بما أعلنه نتنياهو العام الماضي عن قبوله مبدأ انشاء دولة فلسطينية وتجميد بناء وحدات سكنية في مستوطنات الضفة الغربية لمدة 10 اشهر.ليس مبالغة النظر إلى مقترحات الادارة الأميركية، باعتبارها دعوة صريحة لاستئناف النزاع بطرق غير سلمية، أو باعتبارها دعوة صريحة للمتطرفين لتسلم زمام الموقف، والذهاب بالمنطقة باتجاه حروب جديدة، لن تقف آثارها عند حدود المنطقة، ولن تكون نتائجها في مصلحة السلام العالمي الذي سمعنا من ساكن البيت الابيض كلاماً جميلاً عنه، لكننا لم نلاحظ أفعالاً جديةً لتحقيقه.
خارج الحدود: هل تدعو واشنطن لحرب جديدة؟
نشر في: 26 يناير, 2010: 06:46 م