تتسابق الاتحادات الرياضية العربية المشاركة بفعاليات متميزة في دورة ألعاب ريو على تهيئة ابطالها في أفضل المعسكرات الخارجية قبل عام تقريباً بعد تأمين الأموال الكافية من اللجان الأولمبية التابعين لها والتي تعينهم على الاستعداد الأمثل، وتبعث في نفوسهم التفاؤل والثقة بتسجيل أفضل النتائج انطلاقاً من مسؤولياتها الكبيرة بتمثيل بلدانها بفخر بدءاً من طابور عرض الافتتاح حتى وداع آخر الرياضيين في بعثاتها لمسابقات الدورة.
منذ عام نتابع اغلب تحضيرات الاتحادات العربية وهي تنجز مهامها بهدوء وهمّة عالية بلا ضجيج إعلامي أو دخول لجانها الأولمبية على خط الأزمات التي تواجه بعض مجالس إدارات تلك الاتحادات كنتاج طبيعي للعمل المتواصل وحرص الجميع على انجاز ما مطلوب بلا أخطاء أو تأخير، ولا تشكّل لديها المُنح المالية أية صعوبة لإعداد هذا الرياضي أو ذاك طالما أن الحكومات توفّر ما يُغطي المشاركة وفق خطة مُعدّة سلفاً وليس منّة من اللجنة الأولمبية التي تقتصر مهمتها على واجبات إدارية بحتة تقتضي بموجب ذلك تنظيم موازنات كل اتحاد لتمشية أموره وتسليم مقدرات التقييم والمتابعة الى خبراء متخصصين يحملون شهادات عليا تؤهلهم لرسم سياسة الأولمبية قبل الدخول في الأولمبياد.
وكالعادة منذ عام 2003 حتى الآن، دأبت كل مفاصل الرياضة في العراق من اللجنة الأولمبية الى أصغر نادٍ أو مؤسسة التهيؤ لأي حدث كبير ببضعة أشهر، بدليل أن الأولمبية باشرت عملها الفعلي منذ شباط الماضي بعد حسم منتخبنا الأولمبي بطاقة التأهل الى دورة ريو لتستنفر جهودها من أجل تحضيره وبقية المرشحين بأفضل السُبل، لكنها وقعت في فخ أزمة اتحاد الجودو، وتلك حكاية نسجت خيوطها انتخابات مكتبها التنفيذي في 15 آذار عام 2014 عندما وقف رئيس اتحاد الجودو سمير الموسوي نداً لرئيسها الحالي رعد حمودي في صراع لم يكن متكافأً في نتائج التصويت (23) مقابل (7) دعت الأول لمغادرة القاعة أثناء الفرز !
كنا نعتقد أن تلك الواقعة طبيعية وفق الحراك الانتخابي في العراق وموازين القوى والمصالح، لكن يبدو أن انعكاساتها أمتدت لتضرب مجلس إدارة اتحاد الجودو وجمعيته العمومية في 16 آب 2015 حيث صادق المكتب التنفيذي للجنة الأولمبية على قرار تسمية د.عدي طارق رئيساً للاتحاد بدلاً عن سمير الموسوي قبل أن يُلغى القرار بعد تأكيد الاتحاد الدولي للعبة على أن الموسوي رئيس شرعي حتى يُكمل ولايته، وعادت اللُحمة أقوى بين الرئيس والاعضاء ومضى الاتحاد بشؤونه لإعداد رياضييه حسب أجندته للعام الحالي وتصدّرَ الأولويات إعداد البطلين محمد ستار وحسين علي لدورة ريو.
وبخلاف جميع الاتحادات التي استمرت في إعداد رياضييها المؤهلين الى دورة ريو، شكا رئيس اتحاد الجودو من كيل اللجنة الأولمبية بمكيالين في مسألة عدم الاهتمام بالبطل محمد ستار برغم نشر الاتحاد الدولي للعبة اسمه ضمن المرشحين لنيل بطاقة (الكوتا) عن القارة إذا ما زاد من نقاطه التنافسية، فخرجت الأولمبية ببيان اوضحت فيه عدم شمول ستار بميزانية ريو وإن حظوظه ضعيفة في التأهل، ودعم رؤيتها هذه الأمين المالي للاتحاد د.عدي طارق بتصريح يناقض مطالبة رئيسه بضرورة رعاية البطل وتعزيز مشاركاته لتحسين نقاطه وإلا فإنه سيكون خارج المنافسة، وبالفعل لم تتوفر لستار الظروف الملائمة كي يشارك في بطولتين ضاعفت من حظوظ غريمه السعودي الذي قطع التذكرة بفارق 13 نقطة!
لم تنته حكاية الجودو مع الأولمبية، فالبطل الثاني حسين علي حقق مراده وعوّض ضياع حلم زميله، وانتزع بطاقة التأهل بجدارة ، إلا أن رئيس الاتحاد جدَّدَ شكواه من رفض الأمين المالي للأولمبية سرمد عبدالإله شمول البطل بميزانية الإعداد للدورة الأولمبية بذريعة أن مشاركته تأتي ضمن حسابات (الكوتا)، وهذا يعني تخلياً صريحاً للأولمبية بواجبها تجاه رياضي يدخل تاريخ الألعاب الأولمبية ممثلاً لبلده وحاملاً علمه بين آلاف الرياضيين من مختلف الجنسيات، سواء خرج من أول نزال أم استمر الى منصة التتويج.
وفي الوقت الذي ترقبت وسائل الإعلام توضيحاً من اللجنة الأولمبية عن موقفها أزاء ما أدلى به رئيس اتحاد الجودو لـ (المدى) أمس الأول الإثنين في قضية لا تقبل التأويل هذه المرة عن تأهل البطل حسين علي الى الدورة بشكل رسمي، تلقت (المدى) رسالتين واردتين من البريد الالكتروني للزميلة صحيفة (الملاعب) التي دأبت على تعميم رسائل موفدي اتحاد الصحافة الرياضية الذي يرأسه الزميل خالد جاسم رئيس تحرير الصحيفة ذاتها، الرسالة الأولى حملت تصريحاً لعضو اتحاد الجودو د.عدي طارق جاء فيه ( يؤكد الاتحاد المركزي للجودو أن الحديث عن خلافات بين اللجنة الأولمبية واتحاد اللعبة مجرّد إدعاءات لا أساس لها من الصحة وأن هنالك تفاهماً كبيراً وتنسيقاً مشتركاً لإعداد بطل الجودو المتأهل الى اولمبياد ريو 2016 حسين علي مما سيمنح اللاعب دافعاً كبيراً للتألق في المرحلة المقبلة) والرسالة الثانية حملت تصريحاً للمدرب احمد جاسم لإحدى الوكالات المحلية يشير فيها الى ( أن اللاعب حسين علي سيدخل محطات عدة لتحضيره للنهائيات، مبيناً أن رحلة الإعداد ستكون في محطات أوروبية وآسيوية، معرباً عن عدم إكتراثه لما يشاع بوجود خلافات بين الأولمبية واتحاد الجودو) وبعدها نقل بريد المكتب الإعلامي للجنة الأولمبية رسالة من رئيس اتحاد الجودو سمير الموسوي يوضح فيها ( إن ما صرّح به الأمين المالي للاتحاد هو رأي شخصي لا يمثل رأي الاتحاد، وإننا نؤكد ما ذهبنا اليه في حديثنا مع الصحفي إياد الصالحي بأن اللجنة الأولمبية لم تلتزم مع الاتحاد بما وعدت به بأنها سوف تتحمل جميع المبالغ التي صرفت على اللاعبين خلال مرحلة التحضير والإعداد للدخول في منافسات التأهيل الأولمبي، وأن الأولمبية لم تعترف بتأهل اللاعب رسمياً إلا بعد وصول كتاب الاتحاد الدولي الى رئيس اللجنة الأولمبية، وإننا نلتزم بما صرّحنا به للصحفي جملة وتفصيلاً وكما ظهر في صحيفة المدى).
لا نريد أن ينصرف نظرنا عن القضية الأهم وهي إعداد البطل حسين علي أسوة ببقية المرشحين للدورة، لكن ما الغاية وراء تعميم صحيفة رياضية متخصصة تصريحين لأمين مالي ومدرب في اتحاد مركزي الى وسائل الإعلام، وأين دور المنسق الإعلامي للاتحاد، ثم كيف ذكر رئيس الاتحاد في حديثه للمدى بأنه يُطمئِن أسرة الجودو بأن الاتحاد مستقر بعد أزمة العام الماضي، ويتواجد جميع الاعضاء في الاتحاد لمناقشة الأولويات الخاصة بتطوير اللعبة ؟ إذن ماذا نصف تصريح الأمين المالي وهو ينسف جزءاً كبيراً من حديث رئيسه بالقول (لا اساس له من الصحة) ؟ّ!
رئيس اللجنة الأولمبية رعد حمودي مطالب بتقصّي حقيقة ما يجري في اتحاد الجودو باعتباره أحد الاتحادات الفاعلة، لأننا أزاء انقسام واضح في أفكار الرئيس ورؤى ظله نخشى أن يضيع البطل وسطهما، وكل ذلك وغيره لم يكن يجري لولا غياب الأمين العام د.عادل فاضل لأسباب غامضة منذ عدة اشهر أحدث إرباكاً لملف الإعداد للأولمبياد الذي نأمل أن يُغلق بتسوية جميع المشاكل إكراماً لسمعة العراق.
أزمة الجودو.. مفتعلة أم تسقيط انتخابي؟!
[post-views]
نشر في: 14 يونيو, 2016: 03:56 م