رسامو الكاريكاتير في العراق على الرغم من فسحة حرية التعبير الواسعة، لم يتخلص البعض منهم بعد من رقابة مشددة يفرضها رؤساء تحرير صحفهم خشية نشوب مشكلة مع جهة سياسية او رسمية ، او مع مسؤول او زعيم سياسي. رئيس التحرير يكون مرنا في التعاطي مع المواد الصحفية ، لكن حين يعرض امامه الرسم الكاريكاتيري، يحفز كل حواسه الرقابية ويستعين احيانا بمساعديه لاكتشاف الخطاب المضمر ومنع الرسام من تمرير فكرة خفية قد تخضع لتأويل فتفسر بشكل اخر خارج سياقها ، لذلك يقرر صاحب القرار في الجريدة حظر نشر الرسم الكاريكاتيري ، مع توصية بتنبيه الرسام للالتزام بسياسة الصحيفة ، والا سيتعرض لعقوبة قطع الراتب.
رسامو الكاريكاتير العاملون في صحفنا المحلية ينتابهم شعور دائم بأنهم من وجهة نظر رؤساء التحرير يثيرون المشاكل. انطلاقا من هذا الشعور ينتابهم الخوف من نظرة العيون الحمر ، مهما كانت ألوان عيون المسؤولين في الصحيفة ، خضراء، زرقاء ، عسلية ، سوداء ، كلها تتغير الوانها حين يستفزها تخطيط رسام الكاريكاتير ، فتتحول الى حمراء تقذف الحمم على صلعة خضير الحميري البهية .
الحميري مع زملائه الاخرين عملوا في الصحف المحلية منذ سنوات طويلة ، تلاحقهم تهمة المشاكسة ، والخوض في قضايا لا تخدم المصالح الوطنية والقومية ، رسام الكاريكاتير يجب ان يكون منضبطا ، يلتزم بالتوجيهات المركزية الصادرة من الجهات العليا ، من يحاول اتخاذ طريق اخر خارج عن المسار العام بمعنى "ينزل على الترابي" ستلاحقه تهمة الخيانة العظمى وتهديد الامن القومي . ابو عمار الحميري ، لإنقاذ جلده من سوط رئيس التحرير، استعان بالكاري ليقدم للقراء خلاصة رؤيته من زاويته الخاصة للأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية ، اصراره على استخدام الكاري محاولة لإضافة مطيبات تساعد القراء على تجرع مرارة المشهد بتخطيط كاريكاتيري سواء تعامل معه رؤساء التحرير بعيون حمر او سود .
في صحف تصدر في دول اخرى، يكون رسام الكاريكاتير هو الشخص المدلل في الجريدة ، في اغلب الاحيان يشغل الصفحة الاولى بقرار من رئيس التحرير ، انطلاقا من مبدأ يؤكد ان الصورة ابلغ من الكلام ، وحتى من الافتتاحية . تجربة تلك الصحف لم تنتقل بعد الى المنطقة العربية الا باستثناءات قليلة ، في مصر ولبنان ، اما في العراق فهي تحتاج الى المزيد من الوقت ، مع تبني نظرة جديدة في التعاطي مع رسامي الكاريكاتير ، حتى يصل المسؤولون في الصحف العراقية الى قناعة بان الكاريكاتير بإمكانه ان يبعث برسالة مباشرة واضحة الى القراء افضل من الافتتاحيات والمقالات المنشورة في الصحف التابعة لأحزاب وقوى سياسية .
في عيد الصحافة العراقية من الضروري استذكار رسامي الكاريكاتير الراحلين مؤيد نعمة وأحمد الربيعي وغيرهما ، من اجل الحفاظ على صلعة خضير الحميري وزملائه من شر حاسد اذا حسد ومن نظرات رؤساء التحرير .
صلعة خضير الحميري
[post-views]
نشر في: 14 يونيو, 2016: 09:01 م