هناك نجوم قلائل يصمدون في ذاكرة الناس على مدى طويل من الزمن، لكونهم تركوا أثراً طيباً خلفهم من خلال البصمات العديدة التي يقدمونها فوق المستطيل الأخضر وكافأتهم الجماهير بالخلود الطويل في ذاكرة الجمهور الرياضي.
(المدى) تحاول الغور في مسيرة نجوم المنتخبات العراقية السابقين الذين ترفض ذاكرة جمهورنا مغادرتهم لها حيث صمدوا في البقاء فيها برغم مرور عقود عـدة على اعتزالهم اللعب حتى أن قسماً منهم ابتعدوا عن الرياضة برمتها أو غادروا العراق إلى بلدان أخرى.
زاوية (نجوم في الذاكرة) تستعرض في حلقتها 148 مسيرة مهاجم فريقي النفط والقوة الجوية والمنتخبات الوطنية السابق جعفر عمران الذي وُلِد عام 1967ولعب مباريات دولية عدة حيث سيجد فيها القارئ الكثير من المحطات والمواقف المهمة والطريفة.
بـدايـاتـه
لم تكن بداية اللاعب جعفر عمران مختلفة عن بقية أبناء جيله، حيث كانت مراكز الشباب المنتشرة في المناطق الشعبية المختلفة تحتضن المواهب الناشئة وتهتم بها وتطورها، لذلك كانت بداية جعفر عمران في مركز شباب الزعفرانية الذي كان يشرف عليه المدرب خيري حسين عام 1982، إذ تعلم أُسس اللعب الجماعي وكيفية التحرك بكرة ومن دون كرة تحت إشراف المدرب المذكور وبعد أن بدا مستواه الفني والبدني يتصاعد قرر جعفر عمران الانضمام الى نادي العمال الذي كان يلعب في دوري الدرجة الثانية ويشرف على تدريبه نجم الكرة العراقية السابق كاظم وعل، وقد كان تواجد جعفر عمران في الفريق المذكور قد مثـَّل إضافة مهمة جداً له، إذ أفصح بشكل واضح جداً عن مواهبه التهديفية عندما نجح في إحراز لقب هداف دوري الدرجة الثانية لموسمين متتاليين.
نقطة التحول
في موسم1985 ـ 1986 حصلت نقطة التحول المهمة في مسيرة اللاعب جعفر عمران عندما قرر الانضمام إلى صفوف فريق النفط الذي بدأ يؤكد حضوره في مباريات الدوري المحلي ، منحه المدرب واثق ناجي فرصة اللعب مع الفريق المذكور بعد أن وجد مواصفات جميلة فيه، وفعلاً بدا جعفر عمرن يلفت الأنظار إلى مستواه الجيد برغم أنه يلعب بفريق لا يحظى بمتابعة واسعة من قبل وسائل الإعلام، لكن المفاجآت الكبيرة التي يحققها هذا الفريق أسهمت بصورة وأخرى في بروز بعض لاعبيه ومنهم جعفر عمران.
وفي عام 1988 وضع مدرب المنتخب الوطني الراحل شيخ المدربين عمو بابا اللاعب الشاب جعفر عمران في حساباته، لذلك استدعاه إلى صفوف المنتخب الوطني الذي غادر إلى ماليزيا في العام نفسه للمشاركة في نهائيات بطولة أمم آسيا، إلا أن تلاعباً حصل في قرعة مباريات البطولة جعل المنتخب الوطني ينسحب منها لتضيع فرصة كبيرة على اللاعب الجديد، إلا أنه لم ييأس مطلقاً، لأن هذه الدعوة منحته حافزاً كبيراً للتواصل والتألق.
وفي العام نفسه شارك جعفر عمران مع المنتخب الوطني الذي لعب في بطولة كأس الرئيس الكوري الجنوبي، لكن النتائج لم تكن مثمرة ، وفي عام 1989 تم اختياره إلى صفوف المنتخب الوطني الذي شارك في تصفيات مونديال ألمانيا التي خرج منها منتخبنا بعد تعادله في بغداد أمام المنتخب القطري"2 ـ2" حيث أشركه عمو بابا في المباراة الأولى ضد قطر في الدوحة وخسرها منتخبنا بهدف واحد ثم أشركه أيضاً الدكتور جمال صالح الذي حل محل المدرب السابق عمو بابا في المباراة الثانية ضد قطر والتي انتهت بالتعادل كما ذكرنا حيث أدت هذه النتيجة إلى خروج منتخبنا من التصفيات بمرارة ، بعد ذلك أُبعد جعفر عمران عن المنتخب الوطني الذي اشترك في بطولة الصداقة والسلام عام 1989 وأحرز لقبها تحت إشراف المدرب أنور جسام، كما أُبعد عن خليجي"10" في الكويت لكن تمت دعوته من قبل المدرب عمو بابا إلى صفوف المنتخب العسكري الذي تعادل في بغداد أمام نظيره الإماراتي (1ـ1) وخسر في الإمارات (0ـ1) تحت إشراف المدرب عبد الإله عبد الحميد.
هدفان يتسببان بشهرته
في موسم 1990 ـ1991 الذي كان من المواسم المتميزة جداً في الدوري العراقي نتيجة لعودة لاعبي الأندية إلى فرقهم المفضلة بعد غياب إجباري طويل نتيجة مشاركتهم مع فريق الرشيد، الأمر الذي جعل حالة من التوازن بين فرق الدوري حيث قدم جعفر عمران صورة رائعة جداً في مباراة النفط والزوراء عندما تمكن من تسجيل هدفين جميلين في مرمى الحارس الدولي احمد جاسم برغم أن الزوراء فاز في تلك المباراة بثلاثة أهداف مقابل هدفين، إلا أن جعفر أكد للجميع أنه لاعب كبير وهداف رائع بعد أن تلاعب بمدافعي الزوراء وسجل في مرماهم هدفين رائعين وكان يمكنه أن يسجل أكثر من الهدفين لو وجد مَن يسانده في فريقه، إذ أن هذه المباراة كشفت الهوية الحقيقية للاعب المذكور ، لكن هذا التألق الكبير قابله غياب للكرة العراقية عن المشاركات الخارجية بسبب ظروف الحصار الاقتصادي الشامل الذي فُرض على العراق، مما جعل جعفر عمران يبقى محصوراً داخل نطاق المحلية.
التألق مع الجوية
وفي موسم 1992 ـ1993 قرر جعفر عمران الانتقال من فريق النفط إلى فريق القوة الجوية بعد خلافات حصلت بينه وبين المدرب أنور جسام ، وقد أسهم في حصول الجوية على العديد من الألقاب أبرزها حصول الجوية على جميع ألقاب موسم 1996 ـ1997 تحت إشراف المدرب أيوب أوديشو.
هدفه في مرمى اليابان
في عام 1993 اختار المدرب عدنان درجال اللاعب جعفر عمران إلى صفوف المنتخب الوطني الذي شارك في التصفيات النهائية لمونديال أمريكا التي جرت في الدوحة ، وبرغم إبعاد درجال بعد المباراة الأولى ضد كوريا الشمالية وتسمية عمو بابا وأكرم سلمان ويحيى علوان، إلا أن جعفر عمران تمكن من إقناع الطاقم التدريبي الجديد بقدراته، حيث تسبب جعفر عمران عبر هدف قاتل سجله في الدقيقة الأخيرة بمرمى المنتخب الياباني بحرمان المنتخب المذكور من التواجد في المونديال، لأن التعادل الذي تسبب به جعل بطاقة التأهل تكون من نصيب المنتخب الكوري الجنوبي، إذ تسبب هذا الهدف بإبكاء الشعب الياباني بأسره لأنهم لم يصدقوا هول الصدمة التي سببها لهم اللاعب جعفر عمران، لذلك وجهوا الدعوة له لزيارة اليابان.
لكن الغريب أن بعد هذا الانجاز الكبير الذي تسبب به جعفر عمران لم تتم دعوته مرة أخرى للمنتخبات العراقية برغم المستوى الجيد الذي كان يقدمه مع فريق القوة الجوية.
وفي عام 1998 احترف جعفر عمران مع نادي الجزيرة الأردني ومنه عاد مرة أخرى إلى فريقه الأم "النفط" ثم قرر الاعتزال نهائياً وتحول إلى التدريب حيث عمل مع مدرسة عمو بابا الكروية وكذلك مع فريق شباب القوة الجوية.
أعــز مبارياته
يضم السجل الشخصي للاعب جعفر عمران الكثير من المباريات الجميلة، إلا أنه يعتز بثلاث مباريات وهذه المباريات هي مباراة النفط والزوراء التي سجل فيها هدفين أسهما في شهرته محلياً وكذلك مباراة القوة الجوية ضد الشرطة في إحدى البطولات المحلية التي انتهت بفوز كبير للجوية بستة أهداف مقابل لاشيء سجل منها جعفر عمران هدفين ، بينما تبقى المباراة الأهم ضد المنتخب الياباني التي انتهت بالتعادل"2ـ2".
أجمـل أهدافـه
سجل جعفر عمران الكثير من الأهداف الجميلة إلا أنه يتذكر دائماً هدفه الرائع الذي سجله لفريق النفط في مرمى القوة الجوية، حيث قام بغربلة مدافعي المنتخب الوطني والقوة الجوية راضي شنيشل وسمير كاظم وجبار هاشم ثم راوغ الحارس عمر احمد ووضع الكرة في شباكه بكل ثقــة وهدوء.
مميزاتـه
يمتلك اللاعب جعفر الكثير من المميزات من أبرزها سرعته وقوته الإنفجارية في الجري بالكرة وكذلك تسديداته القوية ومراوغته واستخدامه ألعاب الرأس والتعاون مع المهاجمين الذين يلعبون إلى جانبه، لكن ما يعاب عليه انفعاله السريع الذي أكل من جرف إبداعه الكثير.. الكثير.
أبـرز المدربين
أنور جسام، المرحوم عمو بابا، أكرم سلمان، جمال صالح، واثق ناجي، عدنان درجال، يحيى علوان، أيوب أوديشو، حسن سداوي، حسن فرحان والمرحوم ناطق هاشم .
نجوم في الذاكرة..جعفر عمران.. أبكى اليابان بهدف قاتل لن يبرح الذاكرة

نشر في: 31 أكتوبر, 2012: 11:00 م