" قائد الأسود خارج الخدمة " قرار فني بحت صاغته قناعة مدرب المنتخب الوطني راضي شنيشل بعدم استدعاء اللاعب الكبير يونس محمود الى قائمته في ظروف أملَت عليه اختيار توليفة منسجمة مع آماله صوب رحلة تصفيات كأس العالم روسيا 2018 في ظل فقدانه أكثر من 13 لاعباً رئيسياً طوال مدة تحضيراته لالتزامهم بمهمة الأولمبي في طريقهم الى ريو.
قرار كهذا حريُّ أن يتخذه يونس محمود فرصة لمراجعة الذات ويعقد هدنة مع نزعة المكابرة في نفسه غير المسيطر عليها والتي غالباً ما أوقعته في مآزق عدة نتيجة الشهرة كنجم لامع في المستطيل الاخضر - وتصدّره قائمة أفضل المهاجمين الذين مروا على كرتنا بحسابات المقارنة على مستوى عدد المباريات الدولية والأهداف المسجلة، أما خارج حدود الملعب ، فلا وجود لتلك النزعة داخل يونس الانسان البسيط الذي شقي وقهر تحديات الحياة في صباه وكان يدرك حكمة الصبر وعدم التنازل عن حقه، فكيف به اليوم وقد بلغ سن الثالثة والثلاثين يُهزم بصدمة قرار شنيشل؟!
يونس محمود ، مطلوب منه أن يتمعّن بمرحلة ما بعد القرار ولا يتوقف أو يذعن لعواطف انصاره التي تزيده ألماً وتشاؤماً لمصير المنتخب من دونه، ولعل مناشدة رئيس نادي الطلبة علاء كاظم له بمواصلة اللعب مع فريقه أولى صَعقات أمل الكرة ليعيش قربها ولن يفارقها، منحته حب العالم 15 عاماً وصبرت على حزنه في أول تجربة احترافية عام 2003 مع الوحدة الإماراتي الذي ارتكب مدربه الهولندي ديفيد رينوس خطأ فادحاً بالاستغناء عنه برغم تسجيله 19 هدفاً خلال 26 مباراة، ثم فتحت له الكرة باب السعد في الدوحة مفجّراً الأفراح في مدرجات الخور والغرافة والعربي والوكرة والسد بـ(128) هدفاً للأعوام ( 2004- 2013) قبل أن يستنجد الأهلي السعودي بسياط مهارته لجلد الحراس في ست مباريات عام 2013، آثر بعدها العودة الى جمهوره راقصاً نشوة الشوق الى العراق على دبكات الأماني الأربيلية بمرافقتهم الى منصات التتويج لكنه عاد بسرعة للانزواء، قبل أن يقرر إنهاء مسيرته الذهبية مع راعي شبابه ومهندس أناقته الكروية الطلبة.
لا بأس أن ننظر الى الآخرين ممن يماثلون يونس التجربة والقرار ذاتهما، فالنجم الإماراتي الكبير اسماعيل مطر أصغر سناً من يونس محمود بشهرين، صال وجال في ملاعب بلده مع الوحدة ولم يفارقه قط، كتب أجمل حكاية مع اساطير الكرة الإماراتية، كان (سُمعه) منقذاً للسمعة و(مطر) خير إذا ما قحطت أرض المهاجمين بالاهداف، بقي محافظاً على رباطة جأشه ولم يهتز لغيابه عن قائمة مهدي علي قبل يومين لمعسكر إسبانيا، فاحترم القرار وأعلن الرد في الملعب، معاهداً أنه سيبقى معطاءً ولن يخضع لضغوط الاعتزال.
هكذا منطق يجب أن يجابه به يونس كل من ينتقده أو يحدد خياراته بعد تخلي شنيشل عن اعتماده قائداً وكأن بعض الشامتين من حديثي اللعب دولياً يضحكون خلسة ويتمتمون بمكر ( آه .. سنطوي صفحة جيل السفاح مع حكايات جدتي ) ! فالقادم يتطلب تغيير قناعات المدربين ليس في يونس وحده، بل في كثير من اللاعبين البارزين، لا نريد دعوته على اساس انه الرمز والقائد والمزكّى خارج شروط الاعتماد والمفاضلة ، تلك الأحجية التي دأب المدربون المتوالون على المهمة الوطنية إلقاءها على المعترضين كلما ضمّوا يونس لقوائمهم حتى في فترة جلوسه في البيت باستثناء راضي شنيشل يوم دعاه لأمم آسيا في سيدني وكان محقاً، بل نريد دعوته وفقاً لمستواه في دوري الكرة ومدى فاعليته في أوقات مختلفة من المباراة والأهم هل نحتاج اليه عامل حسم أم عامل خدمات لرفع المعنويات؟!
لتكن صدمة يونس ايجابية بعيداً عن الاحباط الذي سيرافقه حتى في افضل حالاته في المنافسات المحلية ما لم تحضر لديه الإرادة على البقاء في القمة ومعاودة تمثيل المنتخب متى ما كان بحاجة اليه خلال رحلة التصفيات الطويلة، ويبقى القرار بيده وهو حُر بقول كلمة " وداعاً " بلا أسف !
صدمة يونس
[post-views]
نشر في: 18 يونيو, 2016: 09:01 م