TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > اسمي بابل

اسمي بابل

نشر في: 19 يونيو, 2016: 03:41 م

تصدَّر مواقع التواصل الاجتماعي ونشرات الأخبار  مساء أمس ، خبران يضافان إلى  يوميات بلاد ما بين النهرين ، التي في النيّة  تغيير اسمها وجغرافيتها وتاريخها ،  الخبر الأول  محاولة لإعادة الروح الى ما يُسمّى  بطاولة الحوار الوطني " المستديرة " ، وهي  مجموعة اللقاءات التي عشنا معها أسعد الأوقات ، فما ان يختلف فرسان المائدة المستديرة على تقاسم الغنائم ، حتى تجد محافظات العراق وقد ضجّت بأصوات المفخّخات والعبوات الناسفة  . ، الخبر الثاني هو ( استعداد اللجان التحضيرية في العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية لإطلاق فعاليات المهرجان السنوي لتغيير اسم محافظة بابل الى " مدينة الإمام الحسن عليه السلام " ) . وفي هذه المناسبة  وقبل ان يتّهمني البعض  بالإساءة إلى المعتقدات الدينية  ، وخوفاً من أن يُصاب اشخاص  بنوبة " دروشة " نتقدّم لمحافظ بابل السيد صادق السلطاني   بالشكر والامتنان  لأمر  مهم  جدا ،  أنه  بصمته بارك  هذه الخطوة " الميمونة بتغيير  اسم المدينة " الكافرة " الى اسم يليق بمكانة المحافظ وتقواه وقربه من قلوب مواطنية ، وبُعده عن هيئات النزاهة  التي لم يمض على مذكرتها الشهيرة سوى ستة أشهر بالتمام والكمال .
ربما يعذرنا القائمون على مؤتمر تغيير اسم محافظة بابل ، أننا جيل نشأ على حب العراق  أو بلاد الرافدين ، ومصدر فخرنا حضارة بابل وآشور وسومر وأكد  ، ولهذا يصعب علينا ان نستبدل مسلّة حمورابي بوصايا الحجاج بن يوسف الثقفي  ، ويصعب علينا ان يدعو البعض من العراقيين الى مؤتمرات للمساس بحضارة وتاريخ هذا البلد،  لقد خُدعنا منذ عام 2003 حين أصغينا لخطب تطالبنا بأن ننتخب قائمة " جماعتنا " مثلما خُدع آخرون ،  حين أصغوا لهلوسات عدنان الدليمي  ورفيقه في النضال " الطائفي " طارق الهاشمي  .
منذ أن دخلت عصابات داعش الموصل وعملت جرافاتها على تهديم حضارة هذه المدينة ونحن نستنكر في  الفضائيات وعلى  المنابر ، لكننا للأسف نعاني هذه اللحظات  من داء الخرس، حين نرى جهات " دينية "   تريد ان  تُلغي برمشة عين  أكثر من خمسة آلاف عام من تاريخ العراق  ، ،  للأسف ما يجري في بابل ، لايختلف عما جرى في بغداد حين جردت العاصمة  من آخر مسيحييها عنوة، وبأوامر من أُمراء الطوائف، لم نجد أمامنا سوى ان نتضامن بالشعارات والهتافات ومنصّات الخطابة .
في كل يوم نخضع لابتزاز أصحاب فتاوى الحرام، فدرسُ الفن في المدارس حرام، الاختلاط يشجّع الفتنة،  وإعادة إعمار شارع الرشيد  جريمة لاتغتفر  ، وما بين السعي لإقرار قانون مجلس العشائر الذي يصر اصحابه على إلغاء القانون والمحاكم واستبدالها بجلسات عشائرية  ، تولد ثقافة  الثأر والطائفية، فتخطف أول ما تخطف تاريخ البلاد ، وتُحلّل لنفسها ولقانونها الخاص كل شيء  .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. أبو أثير

    بأسم الدين بكونا الحرامية .... شعار ينطبق على تغيير أسماء المدن لرموز أسلامية ...وسيكون الشعار بأسم الرموز ألأسلامية باكونا المحافظجية ... ...!!!!! لكم كافي لعب بالدين والرموز الدينية لكم صرتم مضحكة للعالم أجمع ..... أحسن متتلاعبون بأسماء المدن ... طوروها

  2. كمال يلدو

    شكرا لك ولقلمك الرائع استاذ علي حسين ......لا هؤلاء ولا الاكبش منهم قادرون على تغيير اسم بابل او تأريخ العراق ....ولي في وصايا أبينا حمورابي وما كتبه على مسلته خشية المساس بها او تخريبها او الكتابة عليها قال: ستنزل عليه لعنات الآلهة! والامر ليس بعيد أبد

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram