اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > ذكريات ومواقف مع صاحب ديوان «أباريق مهشمة» وآراء في شعره بمناسبة ذكرى رحيله

ذكريات ومواقف مع صاحب ديوان «أباريق مهشمة» وآراء في شعره بمناسبة ذكرى رحيله

نشر في: 27 يناير, 2010: 05:08 م

فؤاد التكرلي كان تطور طاقة عبد الوهاب البياتي الشعرية خلال تلك الاعوام الاربعة، حاسما وسريعا، وكنت غالبا ما اتسلم منه خلال الاسبوع الذي يعقب لقاءنا رسالة تحتوي على قصيدة جديدة، ظهرت بعد ذلك في ديوانه المميز «أباريق مهشمة».
لم يكن عبد الوهاب يومئذ متحدثا كبيرا كما رأيته بعد ذلك، كان، في تلك الامسيات، يسكن الى نفسه جالسا في زاوية من المائدة وامامه كأسه، يشرب بهدوء ويستمع الينا باهتمام. كانت لديه بالتأكيد افكار صامتة، كان يغذيها في ذهنه وقلبه بما يصله من احاديث، وحين كان يتدخل بكلمة او سؤال، كنا نكتشف انه كان معنا على الدوام. كان عبد الوهاب البياتي خلال السنوات 1952و 1953 و 1954 يكتب شعرا جديدا متألقا، لم يسبق لنا ان قرأنا مثله، وكان في طريقه لاستكمال بناء أساس وعيه الشعري.وهكذا، في سنة 1954، كان ديوان «أباريق مهشمة» جاهزاً، وكان نشره يمثل لحظة الانطلاق الحقيقية الاولى لمسيرة عبد الوهاب البياتي الشعرية، لذلك طلب من اخي نهاد التكرلي ان يكتب مقدمة لهذا الديوان.في الحقيقة، لم يكن احد منا، نحن الاطراف الثلاثة، على خطأ، فجماعة «الثقافة الجديدة» معروفة بالتزامها الماركسي، وهي ـ اردت أم لم ارد ـ محقة بشكل عام في نشر ما يتفق واتجاهها الفكري. اما مع عبد الوهاب فالامر يختلف، ذلك انه لم يتصل بهذه الجماعة عبثا، بل كانت له حساباته البعيدة التي تتفق واتجاهه اللاواعي، ربما، لبناء اسطورته الشعرية، أما انا، فإن فكرتي عن الاحترام المطلق لحرية الآخر في التعبير، لم تكن واقعية تماما، بل كانت فكرة تخالطها نزعة مثالية لم يكن لها محل في أي زمان. ومع ذلك فقد انقطعت علاقتي بعبد الوهاب منذ تلك السنة 1954، معتبرا اياه مستغلا لمصلحته عدة اطراف ثقافية.بعد فترة قصيرة من نشر مقال نهاد في مجلة «الأديب» نشر في بغداد ديوان «أباريق مهشمة» سنة 1954، وكان نشر الديوان ضربة معلم ماهر، زاد من تأثيرها احتضان اليسار لعبد الوهاب واعتباره شاعره الجديد رغم ان روح «أباريق مهشمة» لا علاقة حقيقية لها بأفكار هذا الاتجاه.في الوقت نفسه، وقبيل نشر الديوان نشر عبد الوهاب قصيدة ذات دلالة في مجلة «الأديب» بعنوان «الاصدقاء الاربعة» تسري فيها نغمة وداع حزينة ونبرة تحد في الآن نفسه، لكأني به كان يودعنا.. نحن الاصدقاء الاربعة.. ويودع تلك السنوات الثمينة التي شيدت صرح طاقته الشعرية.بعد ذلك، في سنة 1955، غادر عبد الوهاب البياتي العراق الى «بيروت» تاركا كل شيء خلفه، مدركا أن المناخ الشعري العربي آنذاك يصطخب بأمواج عالية من الاتجاهات الادبية والفكرية، وبأن عليه، وقد أمسك بذاته، أن يرتقي موجة أو أكثر من هذه الامواج من أجل ان تفتح له الشهرة ابوابها. لم يكن ملاحقا من السلطة حين ترك العراق ولم يصدر عليه حكم بالاعدام، كما ظن الشاعر التركي «ناظم حكمت». لقد غادر العراق بمحض ارادته، هاجرا عائلته ووظيفته واصدقاءه، مصمما على بناء مصيره وتشييد اسطورته الشخصية بكل ما تحمل هذه الفكرة من دلالات وعذاب ومتناقضات. وما بين «بيروت» و«موسكو» و«القاهرة» ومن خلال دواوينه اللامعة.. «النار والكلمات» و«سفر الفقر والثورة» و«المجد للأطفال والزيتون» و«الذي يأتي ولا يأتي» و«أشعار في المنفى» و«الموت في الحياة» صار عبد الوهاب البياتي، في سنوات قليلة نسبيا، اسما شعريا ساطعا، لا يمكن اغفاله حين يكتب عن الحركة الشعرية العربية الحديثة. ورغم انه لم يكن من مؤسسي حركة الشعر الحر في العراق، فهو بعيد زمنيا عن «السياب» و«الملائكة» و«الحيدري»، الا ان اسمه يعتبر تكملة لا بد منها لاسمائهم وحركتهم.رجع عبد الوهاب الى العراق بعد ثورة (14) تموز 1958 لفترة قصيرة، عين بعدها ملحقا ثقافيا في موسكو حتى استغني عن خدماته في سنة 1963 فلجأ الى القاهرة.كانت الجفوة ما تزال بيني وبينه حتى التقينا سنة 1969 في مقهى «ريش» بالقاهرة على غير موعد، فتناسينا ما مضى وتصافحنا وعادت صداقتنا الى ما كانت عليه.بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر في ايلول سنة 1970، ساء وضع عبد الوهاب في القاهرة واضطر الى العودة الى بغداد سنة 1972، حيث عُين مستشارا في وزارة الثقافة والاعلام، ثم بعد مقابلة له مع صدام حسين، عُين ملحقا ثقافيا في «اسبانيا» فسافر الى هناك سنة 1979. لقد سهرنا معا في بيتي ليلة سفره الى «مدريد»، وجلسنا نتحدث احاديث طويلة ومختلفة حتى ساعة متأخرة من الليل أوصلته بعدها بسيارتي الى بيته واعطيته عنواني. توقعت ان نعاود تبادل الرسائل فيما بيننا كما كنا نفعل في بداية الخمسينيات، وكنت على خطأ.. فبعد أشهر عديدة حدثني، م

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

نادٍ كويتي يتعرض لاحتيال كروي في مصر

العثور على 3 جثث لإرهابيين بموقع الضربة الجوية في جبال حمرين

اعتقال أب عنّف ابنته حتى الموت في بغداد

زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب تشيلي

حارس إسبانيا يغيب لنهاية 2024

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

موظفو التصنيع الحربي يتظاهرون للمطالبة بقطع أراض "معطلة" منذ 15 عاماً

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

مقالات ذات صلة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و
غير مصنف

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

متابعة / المدىأكد الفنان السوري علي كريم، بأن انتقاداته لأداء باسم ياخور ومحمد حداقي ومحمد الأحمد، في مسلسلي ضيعة ضايعة والخربة، لا تنال من مكانتهم الإبداعية.  وقال كريم خلال لقاء مع رابعة الزيات في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram