TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مَنْ أطلقَ "صقر بغداد"؟

مَنْ أطلقَ "صقر بغداد"؟

نشر في: 21 يونيو, 2016: 06:10 م

لا يكفي أن تتنصّل وزارة الداخلية، أو تُخلي مسؤوليتها، مما عُرِف بـ "مشروع صقر بغداد"، الذي يبدو الآن في صورة مشروع كبير للنصب والاحتيال، جرى على مدى سنوات تحت أبصار وأسماع العديد من الأجهزة الأمنية والعسكرية والاستخبارية.
في مرّات عديدة، ربّما بالعشرات، حدث أن أُوقِفتْ السيارة التي أستقلّها في نقاط التفتيش، وكلها حكومية تديرها قوات من الجيش أو الشرطة أو من كليهما بالإضافة الى المخابرات والاستخبارات وعمليات بغداد وقوات "سوات".. إلى آخر القائمة الطويلة جداً من هذه الأجهزة التي ربما كان تعدّدها على هذا النحو من أسباب عدم الاستقرار الأمني على النحو المطلوب في بغداد.
 لم يقتصر أمر الإيقاف على سيارات المؤسسة التي أعمل لها (المدى) أو سيارات التاكسي أو سيارات الأصدقاء. في كل مرّة كان ثمة عسكري أو عنصر أمن يسأل السائق: لماذا لا تحمل سيارتك شريحة صقر بغداد؟ ثم يطلب العسكري أو العنصر الأمني من السائق ان يتنحّى بسيارته جانباً أو يتحرك نحو ساحة قريبة ليستقبله شاب بلباس مدني يحمل جهازاً إلكترونياً، ويتحدث بلهجة آمرة عن لزوم شراء الشريحة (بسعر 15 ألف دينار) ولصقها على الزجاجة الأمامية للسيارة، قبل أن يستفيض بالإخبار عن أنَّ الشريحة موصى بها من الجهات الأمنية المتخصصة بمكافحة الإرهاب، وأنها تؤمّن السيارة ضد أي سرقة أو استخدام غير أصولي لها، وبخاصة للأغراض الإرهابية.
في بعض تلك المرّات كان السائق يدفع المبلغ المطلوب فتُلصق الشريحة حيث يجب أن تكون، وفي مرات أخرى كان السائق يحلف أغلظ الأيمان أنه ليس لديه المبلغ المطلوب لكنه سيشتري الشريحة في وقت لاحق.
الآن وزارة الداخلية تقول أن لا علاقة لها بهذا " المشروع" الذي لا سند قانونياً له البتّة!.. لا نملك إلّا أن نصدّق بما تقوله الوزارة، لكنّ السؤال الكبير: لماذا سكتت الوزارة كلّ هذا الوقت لتنطق أخيراً بهذه الكلمة؟.. لن تستطيع الوزارة القول بأنها لا تعرف بالأمر.. إنها بالتأكيد تعرف، لأنَّ عناصر منها (الشرطة الاتحادية) موجودة دائماً في نقاط التفتيش التي دأبت على إيقاف السيارات والطلب من سائقيها شراء الشريحة الأمنية المزعومة. والصحف ووسائل الإعلام الأخرى لطالما تناولت هذه القضية، فكيف ظلّ مسؤولو الداخلية غافلين عنها كل هذا الوقت؟
والآن أيضاً وقد تبيّن لوزارة الداخلية وسواها أنّ المشروع لا سند قانونياً له، ما هي الإجراءات اللازم اتخاذها؟.. هل سيُستدعى المسؤولون عن المشروع للمساءلة أمام الأجهزة الأمنية والقضاء؟.. الأهمّ، هل ستجري مساءلة لعناصر الجيش والشرطة والأمن في نقاط التفتيش وللمسؤولين عنهم الذين أجازوا لجهة غير حكومية القيام بهذا العمل الذي لا سند قانونياً له؟.. الأكثر أهميّة، هل ستُتخذ إجراءات تكفل عدم اختراق التنظيمات الإرهابية الأجهزة الأمنية مثلما اخترقت جهة "صقر بغداد" هذه الأجهزة وقامت بعملها غير القانوني في وضح النهار؟!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram