ظلّ الكتّاب والمفكّرون يضربون أخماساً بأسداس وهم يحاولون وضع تعريف للسياسة، المعلم الاول أرسطو كتب مجلدا ضخما أطلق عليه "علم السياسة"، قال فيه: السياسي الحق هو الذي يبني فكرته على مبدأين، العقل والعدل، في مرات عديدة وأنا أسترجع ما قرأته أتذكر دوما ما كتبه أحمد لطفي السيد في تقديمه لكتاب أرسطو وهو يترجمه للقارئ العربي، فقد اشترط على السياسي ان يتمتع أولاً بالنزاهة وثانياً بالامانة وثالثة بالفصاحة والذكاء، المهم ان لايحوّل السياسي مواطنية الى مجرد أرقام في المصارف.
بعد ثورة 1952 في مصر أراد الضباط الأحرار، أن يرشحوا شخصية ذات ثقل في المجتمع ليتولى رئاسة الجمهورية، فوقع اختيارهم على أحمد لطفي السيد، ويذكر هيكل في حواره المطول مع الاديب يوسف القعيد ان عبد الناصر أرسله ليفاتح " السيد " بالموضوع يقول هيكل: نقلت له الاقتراح فكان واضحا وصريحا وهو يقول لي: " كلّ إنسان يتصدى لعمل عام ينبغي ان يتحمل مسؤوليته، وأنا رجل أجد نفسي ضعيفا في مواجهة تجربة جديدة ".
ربما يعترض قرّاء أعزّاء على ما كتبت، بأنه من الأفضل ان أتناول نماذج عراقية، والنموذج موجود ياسادة، فلدينا ساسة ومسؤولون اعتقدوا انهم يقيمون دولة القانون، وإذا بهم يرسلون مواطنيهم الى خيام التشرد ودروب الغربة وتوابيت الموت، ولا يختلف الوضع كثيراً بين نائب يصفق لانتصارات الجيش رياءً، وسياسي يصر على ان يستحوذ على اموال النازحين، او نائبة تريد ان تعيّن رئيس وزراء على مقاسها الخاص.
هل تريدون نموذجاً " وطنياً " آخر، ليكن، فبينما تتواصل المعارك في الفلوجة واجزاء من الرمادي، تنشغل الحكومة المحلية في الانبار، بمعركة الـ 120 مليار دينار عراقي، تخبرنا الانباء ان المبلغ تحول بقدرة قادر الى اعضاء نافذين في كتل سياسية البعض منها " مؤمنة " تنتمي الى الحزب الاسلامي، واخرى " ثورية " تجاهد في عمّان ودبي.
كم باع العراق من النفط منذ عام 2003، لاأنتم ولا أنا نعرف ولا حتى القائمين على وضع موازنة الدولة، فالارقام لاتعني شيئا امام الرفاهية والازدهار اللذين ننعم بهما، ما قيمة 120 مليار دينار امام تضحيات الكربولي والحلبوسي والمطلك، وما اهمية خمسة ملايين نازح امام تقوى السنيد والعلاق والخزاعي، فالنفط مجرد وسيلة لان يعيش ساستنا حياة مرفّهة.
أما العراق نفسه فهو بخير، راح الجعفري فجاء المالكي، وذهب المالكي فجاء العبادي، ويرحل العبادي فيأتي الزاملي. لن يدقق الشعب في سيرة هؤلاء الزعماء الأجلّاء، بل سوف يحيل المسألة بأجمعها إلى كتاب أرسطو لدراسة حجم العبقريات الفذّة التي عشنا في ظلها..
الحزب الإسلامي وإخوانه
[post-views]
نشر في: 21 يونيو, 2016: 07:05 م
جميع التعليقات 1
ابو سجاد
كل هذا يتحمله الشعب هو الذي اتى بهؤلاء وايدهم ودافع عن وجودهم وكياناتهم وغالبية الشعب اليوم يموت من اجل رموز الرذيلة والفساد في المجلس اللااعلى والتيار اللاصدري وحزب الدعوة البعثي الذي اسس قاعدة الفساد والعمالة في الدولة العراقية وحتى الجانب الاخر لايزال