اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > حين لا يسير الزمن منتصب القامة..النحّات نجم القيسي.. توقّفات طارئة

حين لا يسير الزمن منتصب القامة..النحّات نجم القيسي.. توقّفات طارئة

نشر في: 25 يونيو, 2016: 12:01 ص

(أحيانا.. لا يرغب الناس في سماع الحقيقة.. لأنهم لا يريدون أن تتحطّم أوهامهم)-نيتشه-
سيبقى ذلك الحيز أو المجال اللاشعوري-اللاواعي،هو من يَمدّ عقل ومنطق ويد الفنّان بالكثير من التفاعل والتناغم والتحُسّس في مجسات تجسيده للمواضيع والأفكار التي يروم&nbsp

(أحيانا.. لا يرغب الناس في سماع الحقيقة.. لأنهم لا يريدون أن تتحطّم أوهامهم)
-نيتشه-

سيبقى ذلك الحيز أو المجال اللاشعوري-اللاواعي،هو من يَمدّ عقل ومنطق ويد الفنّان بالكثير من التفاعل والتناغم والتحُسّس في مجسات تجسيده للمواضيع والأفكار التي يروم  تنفيذها،بتعاضد فعل الواقع وعمل الجزء أو المجال الشعوري-الواعي لديه،عبر سلسلة محاولات وآليات تسعى لأن تأخذ به صوب  حيز الوجود الفعلي،بمحاذاة محاولات تنظيم نسق الأحلام وتشذيب الذكريات واستثمار التجارب السابقة القابعة كلها في ذلك الجزء الغاطس الذي يعادل-بحسب آراء جميع علماء التحليل النفسي- ثلاثة أرباع الشخصيّة بشكلها السويّ العام.

لا شك أن تقييم فن النحّت يعتمد-بطبيعة الحال-على مدى مقدّرات وحيثيات استجابات الشكل عبر ثلاثية أبعاده المعروفة،وهذا ما يجعل منه الفن الأصعب من بين جميع الفنون التعبيريّة الأخرى،كما انه النهج الخالص العميق-القديم من حيث علاقته الوثقى بالتأريخ ومُسببّات تطوّرات الحضارة ومتابعات تحوّلاتها المستمرة،وصولاً إلى تقريب وجهات النظر بما يحصل اليوم في متغيرات عالمنا الراهن،من هنا تنهض بعض الاستجابات بحدود وعيها المعاصر،من خلال جملة من تشخيصات حيّة،تباغت الواقع وتتجاوز مألوفيته المحضة،رغم كون تلك الأفكار والمواضيع والتطلعات والمواقف التي ينتحلها الفنّان تستمد قوة أثرها وتاثيرها وحقيقة استجاباتها من ذات روح ذلك الواقع المُعاش، جراء جردٍ وإجراءاتٍ تدقيق وفحص اقتراحاتٍ شعوريّة وأخرى غير شعوريّة -كما أشرنا- تتخذ شكل وجوهر الفكرة ومدياتها التعليليّة والقصديّة،ولعلنا نرى فيما تضعهُ تطلعات وخواص تصوّرات النحّات (نجم القيسي تولد بغداد/1961دبلوم معهد الفنون/1987بكالوريوس كلية الفنون/1998) من أوزار وعيها لواقع راهن حياتنا في العراق الجديد-كما كان يُطلق عليه بعد متغيرات حرب الربيع عليه/نيسان2003- عبر لوامس فهمها الحداثوي في مسالك متغيرات عجلات الزمن،الزمن من وجهة نظر كونه المُعادل الموضوعيّ  للحيّوية والحركة والتقدّم والسّير والوثوب في سُلم التطوّر العام لمجمل مجريات الحياة،ما يُغذي ويداني ويساند ما نصبو إليه.

ظلال البرونز.. ومجاوراته
إن ما يدعم ويعززّ مثل هذا الرأي والتقييم الحالي الذي لازم وآزر تطلعات رؤى ومواقف (نجم)الأخيرة -تحديداً- في مجموعة أعماله التي شارك فيها في معرض(أرض الرافدين في باريس)أيلول/ 2014 على (قاعة لوسكريب لارماتان) في الحيّ اللاتيني مع النحاتيّن(رضا فرحان وطه وهيّب)من خلال عرض ستة أعمال لكل واحد منهم،وكانت مادة(البرونز)بمثابة القاسم المشترك الذي جمع تلك المعروضات،رغم تخلّل دخول مواد أضافية كمادة(الستيل)في منحوتات (القيسي) والطلاء الكهربائي لبعض سطوح مناطق العمل النحتي،ثم تواليات مشاركاته في معرض النحت العراقي/عمان-الأردن 2015(تحية إلى النحّات الراحل الشاب إياد حامد)،وإذ نركن-مؤقتاً- بقية مشاركات(نجم القيسي)تلك التي تعود إلى بداية التسعينات حيث المشاركة في معارض جمعية التشكيليين العراقيين ومعارض دائرة الفنون،وأصداء فوزه ضمن قائمة الفنّانين الفائزين في تنفيذ سياج وزارة الثقافة/2001 فضلاً عن سيل مشاركات في دبي/باريس/ لاروشيل/عمان/بيروت/الكويت،وزهو تصميمه لسارية العلم العراقي في ساحة الطيران/2008،وعمله النحتي في منطقة أهوار جنوب العراق، وصولاً لمشاركته الأخيرة في معرض جمعية التشكيليين على قاعة متحف(متز)الفرنسي /2016،إنمّا لكي نتوقف عند عتبات سعة مقاصد تلك الاعمال التعبيريّة برمزيتها الحاذقة في قدرة استجاباتها للتدليل وبث الإشارة عن تعطل أو توقف الزمن وتعثرّاته المتواليّة،على نحو وعي تحريضي- انتقادي بارع الثقة والتكثيف والدلالة الواعية في قنص شروط تراكمات خبرته السابقة ومتانة محاولاته التجريبيّة بغية الارتقاء بالعمل النحتي نحو مصاف الموقف الفكري والثقافي والتحريضي كما في نسق منحوتاته الشهيرة بالمكعب والمرأة،وقبلها عمله المُعنون(المرجوم)،كذلك عمله عن فضيحة سجن أبي غريب/2004،فيما انضوت سلسلة أعماله الأخيرة-والتي نحن بصدد تناولها،هنا،تلك التي استعان بها قصداً دلاليّاً في استثمار وتطويع عجلات الدراجة الهوائية،بعد إجراء تحوّلات وتحويرات وظائفية تخالف من أصل فعل وأثر الحركة والسرعة والانطلاق التي دَرجنا على معرفتنا بها من خلال سهولة وحيويّة ستخدام  هذه الآلة التي رتبطت،من حيث لا ندري بنوازع طفوليّة،وأخرى لها علاقة مباشرة بالرياضة،ومن ثم الاستخدام العام والمعروف لها.

حيوات الحركة والإعاقة
لقد تفاعلت رغبات وتنظيرات(نجم القيسي)مع أنساق ابتكاراته في تحويل الدراجة الهوائيّة-دون غيرها من آلات وكيانات لها ذات خواصها الجوهريّة،فيما يتعلق بالتنقل والسرعة وتحديد درجات الانطلاق مثل السيارة،الدراجة البخارية وغيرها- إلى رمز دلاليّ فائق الأثر،وعميق التأثير من حيث كون هذه الآلة تتميز بالخفة والرشاقة وتتابع الحركات والوضعيات بيسر وسهولة دون حاجة للوقود وما يلّوث البيئة،فالدراجة الهوائيّة هي صديقة البيئة-كما يقول أنصارها المدافعون عن نقائها ونظافتها(الفيزيقيّة)-إلى جانب أن يكون سائق الدراجة على مساس مباشر مع يلاقيهم من أشخاص وموجودات دون الحاجة إلى واقيات ونظّارات ووسائل دفاعية أو احترازية تقيه توّقعات جنون السرعة وآثارها الوخيمة والمحتملة كما في غيرها من وسائل النقل المتاحة والمألوفة،وهذا ما سعى إلى تلخيصه النحّات في خِضمّ تبنيه لفكرة ذات ملامح وترميزات وطنيّة بحته فيما يتعلّق بوضع العراق الحالي-كما نوهنا- بسبب حِمم التصارع والتدافع ما  بين الأطراف السياسيّة المتنازعة التي حوّلت احتمالات مبادئ الانطلاق والوثوب والعبور إلى ضفة التعويض والتواصل إلى عثرات وعوائق تسببّ بتوقف دورة الحياة،لذا عَمد الفنّان-بجهد وعي تحليلي دقيق ومعبر-إلى تطويع  إشارات واستطلاعات بصرية نازفة بوضعيات إعاقة  بلاغية أضحت نابعة من رواسب ثقة تحفيز وتحوير شكل العجلة من الدائرة إلى مربعات ومستطيلات وغير من معاملات تشي وتشير إلى التباطؤ،بل إنعدام تام للحركة،فضلاً عن تقاطعات إجرائيّة حوّلت من درجات الإحساس الممتع للحركة وخفة وحيوية الدراجة،ألى أشبه بكابوس جاء يُعيق التطلع والسعي نحو الأمام.

المخيلة.. بمحفزاتها البصريّة
 سوف لن تتعدّى أية محاولةٍ قصديّةٍ تنوء بشرح قواعد  منظمومة التفكيك والتحليل التي أجراها النحّات في سياقات هذا التداول البارع للثيمة الأساسيّة المُحِفزة لمحتويات مخيلته،حدود الفهم والتقيّم لجدارة الجرأة التي تسكن روح المنحوتة القادمة من تخوم طبيعة إستعدادتٍ  تجريبيّة برعت في تعشيق وتمتين مقاصد وعيها عبر قُدرة تطويرها للشكل المحوّر و تشيؤاته البلاغيّة،كما كُنا قد ألفنا ذلك في العديد من تساميات قاموس (القيسي)في مجال النحت القائم على مساند تدفقات تداخل إجرائي واثق ودقيق في لفت الفضول والنظر في ذات لحظات الاندهاش وإمكانيّة التأويل التفاعلي ما بين العمل والمُتلقي دون عناءٍ أو تعتيمٍ لغموضٍ قد  يُعيق لغة ذلك التفاعل والإفصاح المعاصر بين الأثنين،وبما يتعيّن على تحويل  وإحياء فائض حاجات تتشابك فيه الأشياء والموجودات مع بعضها،لتصل الى نهاية مسعى هذا الفنّان الذي درس أبجديات الهندسة ولغة التفاهم التفاعل مع سياقاتها(التكنولوجية) وسار في ترسيم حدود تجربة عراقيّة تشي بنسجِ خطاباتٍ وإبلاغاتٍ تحريضيّة باصرة،معاصرة تُحاكي وتُساجل بوجودها الإبداعي إهتمامات الحاضر الراهن ومشاغله مشفوعةً بروح هواجس و تلميحات تعيد النظر في ترتيب وتوضيح وفضح الكثير من الأخطاء والممارسات الخاطئة في نهج وآلية التفكير الجمعي للمجتمع والعالم الجاحد-عموماً-من وجهة نظر هذه التجربة الساعيّة بالجري والسير على إهتزازات حِبال أنساق انشغالاتها الفكريّة والإنسانيّة والجماليّة على حدٍ متسقٍ مع جوهر ذاتها الذائبة في حومة الدفاع عن قيمة الإنسان،فثمة عَتباتٍ يُشيّدها(نجم) ويحاول أن يرتقيها من خلال سلالم أعماله بوضع تسميات شارحة للمواضيع التي يطرحها،كما في عناوين إعماله(نقطة الشروع/ بلا...جدوى/ سيزيف/ كبوة/ نقطة تحول/ قارئ الجريدة)التي جادت تراصف وتحاذي أصول أفكاره المغايرة للكثير من نوازع النحّت بشقيه المباشر-السطحي والتغريبي-الغامض،فضلاً عن مهارات أدائيّة بارعة في تطويع الحديد وبعض المعادن واللحيم وغيرها من توافر تقنيات تؤاخي ما بين الجهد التعبيري وما بين الجهد التنفيذي في لحظات تأمل وتثوير لأصلِ الشكل المُنجز وفق حسابات قيمة ودقة وجوهر المضمون الذي يتوق لتنفيذه(نجم)بشتى الوسائل الممكنة والمتاحة،على نحوٍ مغايرٍ ومختلف-تماماً-مع أقرانه
 ومجايليه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وزير الداخلية في الفلوجة للإشراف على نقل المسؤولية الأمنية من الدفاع

أسعار الصرف في بغداد.. سجلت ارتفاعا

إغلاق صالتين للقمار والقبض على ثلاثة متهمين في بغداد

التخطيط تعلن قرب إطلاق العمل بخطة التنمية 2024-2028

طقس العراق صحو مع ارتفاع بدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram