اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لسنا رعاعاً

لسنا رعاعاً

نشر في: 24 يونيو, 2016: 09:01 م

من جديد ، يصادفني من يصف العراقيين ب(الهمج) ويعتبر الشعب العراقي متخلفا من الطراز الأول بسبب اهماله شروط النظافة في التعامل مع الممتلكات العامة والنظام والتحضرفي التعامل مع الآخرين ...كان ماسمعته حصيلة نقاش جرى بين موظفين في دائرة رسمية ولم يكن ذلك غريبا فقد سمعت مسؤولا حكوميا من قبل يصف العراقيين ب( الرعاع ) ..الغريب في الأمر ألا يسأل هؤلاء أنفسهم عن السبب الذي اوصل العراقيين الى ماوصلوا اليه !!
تتناقل بعض صفحات التواصل الاجتماعي احيانا صورا للعراقيين في عقود خلت ..في سنوات الخمسينيات والستينيات والسبعينيات ، منها مايصور اناقتهم المفرطة وجلوسهم في انتظام وهم يتابعون مباراة لكرة القدم ، ومنها مايظهر اناقة السيدات ورقيهن في الجامعات والمحافل الادبية والعلمية والفنية آنذاك ، ومنها مايعرض لنا مدارس الاطفال النظامية وأزياؤهم الموحدة الجميلة ..وهذه الصور جميعا تتناقض تماما مع ماذهب اليه المسؤول الحكومي في خطبته والموظفين في نقاشهم ...ماالذي غيرهم اذن ؟ لماذا لايتذكرهؤلاء كيف فقدت شخصية الفرد العراقي اول ملامح أمانها واستقرارها مع شعورها بأن حكوماتها تهتم بالسلطة اكثر من اهتمامها بالشعب ، اذ يمكن ان يسحب النائب كرسي الرئاسة من تحت الرئيس قسرا ليصبح (قائد ضرورة ) بكل مايملكه من ترهيب وطموحات مجنونة ، وما ان يبسط جناحيه على البلد حتى يبدأ باخراج مسلسل الحروب بحلقاته واجزائه المتعددة ، فيختلس الحلم بالمستقبل من أذهان الشباب ويقتل طموحاتهم في مهدها حين يلقي بهم في أتون جبهات القتال ويحول النساء الى أرامل والاطفال الى أيتام ، ويمنح بعضا من سلطته الى من لايستحقها من الابناء والاقارب محوّلا البلد الى عشيرة صغيرة والشعب الى قطيع عاجز عن الخروج عن طاعة رعاته القساة ..كانت تلك بداية التحوّل في شخصية الفرد العراقي الذي ذاق الخوف ثم الحرمان والخسارات ..وحين تلقفته ايدي حكومات اخرى انتخبها بلهفة أملا في ان تنتشله مما كان فيه وتضعه على الطريق الصحيح في مضمار السباق البشري نحو التطور العلمي والحضاري ، اكتشف ان مهمة تلك الحكومات لم تكن تحقيق الصالح العام وإسعاد الناس واعطاء الاولوية للتنمية البشرية والانجازات، بل التطلع الى الالقاب والمناصب واحراز المكاسب الشخصية وخدمة اسياد يحركونها كالدمى فيديموا بقاءها لتحقيق مصالحهم داخل البلد ..كيف لايتغير الشعب اذن حين تصبح مقدراته بيد من لاتهمه نظافة الشعب ولانظامه اوحياته بكل تفاصيلها ..هل يتوقع مثلا ان تستيقظ ضمائر حكامه كما فعلت الحكومة اليابانية في السبعينيات حين سقطت عجوزعمياء على سكة قطار وتوفيت فاعلنت الحكومة الحداد واستقالت باكملها وقامت بتغيير نظام المواصلات بشكل كامل ليلائم ذوي الاحتياجات الخاصة ..او حين سخرالفرنسيون من تعيين رئيسهم ساركوزي لابنه في منصب هام فاعتذر الابن للشعب واختفى من البلد عدا امثلة عديدة غيرها ...من الواضح اذن ان الحكومات هي التي ترتقي بالشعوب حين تمنحها الأمان والعيش الكريم والأمل بالمستقبل وترفع من مستوى التعليم والتربية ...وحين تكون مثالا يحتذى في نظافة اليد واتباع النظام والتسابق مع الدول لبلوغ الصدارة ..اتساءل ، لو وجد العراقيون حكومات لاتتاجر بهم وتصحح اخطاء من سبقها ولاتزيد (الطين بلة ) ..اما كانت سترتقي بهم فلا يستحقون اعتبارهم  (همجا ) أو ( رعاعاً) ؟!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو سجاد

    نعم من حقك ومن حق غيرك ان يطالب الحكومات ان ترعاه وترعى مصالحه وتقدم له مايليق به كانسان ولكن اذا ماوجد هذه الحكومات عميلة وفاسدة وخائنة هل يستسلم لها ياترى ام يتصدا لها بكل مايستطيع من قوة من اجل كرامته ومستقبله ومستقبل اجياله -- فياسيدتي ان مايحصل في ال

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram