كاظم مرشد السلوم ما حصل من اشكالات وأزمات وصراعات بين رواد ونجوم الفن السينمائي وبين الأنظمة الفاشية والنازية في كل من ايطاليا وألمانيا من الممكن ان يحصل في أي بلد تطول فيه فترة الحكم الدكتاتوري والشمولي لعقود عدة.. المخرج الايطالي – ماركو توليو جيو ردانا – يحاول من خلال فيلمه (الدم الجامح)
ان يبن ذلك الاشكال الحاصل بسبب تلك العلاقة التي نشأت بين نجوم السينما الايطالية وبين رموز النظام الفاشي الايطالي ورأسه (موسوليني). الفيلم بطولة – مونيكا بيلوشي – لوكا زنكريتي- اليسو بوني – ماسيمو سارجلي وهو فيلم ايطالي خالص ولايقل جدارة عن معظم افلام هولويود التي تقف وراءها مؤسسة سينمائية هائلة. أحداث الفيلم تبدأ قبل اربعة ايام من سقوط الفاشية الايطالية واستسلامها لقوات الحلفاء. ومن أول مشهد يظهر لنا المخرج (جيوردانا) حجم الخراب الذي طال كل شي بما في ذلك السينما من خلال استخدامه للونين الأسود والأبيض وما يشكلاه من دلالة على ما أراد توصيله للمشاهد.. المشهد لطفلين يجوبان الخراب الذي حل بمدينة ميلانو ويعثران على شريط سينمائي قرب يافطة كتب عليها (تم إعدام ليزا فيرندا وازفالدو فالدوفالنتي).. ليتنقل بفلاش باك والذي يستمر في استخدامه معظم وقت الفيلم الى اليوم الرابع قبل سقوط الفاشية لنشاهد بطل الفيلم (ازفالدو) وهو يقرر الذهاب الى معسكر الثوار الشيوعيين محاولا الخلاص من بقايا الفاشية التي شكلت لها جمهورية في الشمال الايطالي بعد اندحارها في عموم ايطاليا، تاركا زوجته النجمة (لويزا) في انتظار نتيجة ما سيتوصل اليه، والتي تلتحق به فيما بعد بعد ان يقوم صديق قديم لها واول من انتج لها فيلم بالذهاب اليها وجلبها الى مواقع الثوار. ثيمة الفيلم تستند الى سؤال السينما المهم (ماذا يحدث لو) والسؤال هنا ماذا يحدث لو ان نجمين من أشهر نجوم ايطاليا في الثلاثينات والاربعينات كانت لهما علاقة برموز الفاشية الايطالية ايام عزها واستمرت هذه العلاقة الى أيام احتضارها وتشكيلها لجمهورية كارتونية ضمت بقايا الفاشيين الهاربين ومن تعاون معهم، وقررا في لحظة ما الالتحاق بمواقع الثوار؟ يحاول المخرج (جيو ردانا) ان يفك العلاقة والارتباط بين هذين النجمين وبين رموز النظام الفاشي من خلال إظهار عدم قناعتهما وانتقادهما الدائم للفاشية ورموزها رغم ان سمعتهما سبق وان شوهت عمدا من قبل هؤلاء الفاشست، وبالتالي من الذي يمكن ان يقتنع بحسن نوايا من يتعامل مع أنظمة دكتاتورية وما نسبة توفر لغة التسامح في فورة ولحظة التغيير.. مستعرضا تفاصيل كثيرة عن حياة النجمين اللذين يكونان ضحية لهذه العلاقة، بطريقة الفلاش باك موظفا بعض المشاهد الجنسية الساخنة للاثنين والتي جاء بعضها بشكل غير مبرر. ازفالدو الممثل المشهور ومدمن الكوكائين والمغامر جدا ولويزا الحسناء الساحرة التي تحاول صعود سلم الشهرة تلتقي بازفالدو وتنشا بينهما علاقة عاطفية كبيرة ويتزوجان ولتبدأ بعد ذلك رحلة متاعبهما مع السلة الفاشية، التي تشيع عن تعاون لويزا وازفالدو معها واشتراكهما في تعذيب السجناء مستغلة حفلة صاخبة حضرها ازفالدو ولويزا، حيث وفي واحدة من شطحاته يطلب ازفالدو تصوير المعتقلين بكاميراته السينمائية، وهو المهووس بتوثيق كل شيء سينمائيا، ثم استخدام إحدى المومسات القريبات من بعض الضباط لتثير المعتقلين مدعية انها لويزا. الهروب الى جهة الثوار لم يغفر للويزا وازفالدو تحمل ذنب علاقتهما بالسلطة الفاشية، رغم الدفاع الكبير الذي ابداه احد اصدقاء لويزا والذي تكفل بجلبها الى معسكر الثوار ولكنه يصاب برصاصة قناص ويموت على أثراها تاركا الاثنين يواجهان مصيرهما بعد ان طالب بضرورة محاكمتهما محاكمة عادلة، ولكن الثوار يحكمون بإعدامهما جيوردانا نجح في توظيف عناصر اللغة السينمائية بما يخدم هدف الفيلم، الفيلم يؤكد على علو كعب السينما الايطالية، ومنافستها لسينما هوليود ... واستطاعت مونيكا بيولوشي بجمالها الأخاذ ان تؤدي دورها بشكل مؤثر، في حين أستطاع زنكيرتي ان يؤدي دور الشخصية المركبة عديدة الشطحات والرغبات التي أدت الى الكثير فيما وصل اليه من علاقة بالسلطة جارا زوجتة اليها أيضاً أخيراً ان مثل هكذا قصة او حدث ربما مازال يمر بالعشرات من الفنانين الذين يعانون من علاقة سابقة ربطتهم ببعض رموز الأنظمة الدكتاتورية رغما عنهم او بسبب طبيعة عملهم، او من خلال استغلال هذه الأنظمة للفن والفنانين في مكانتها الدعائية السيئة.
السينما والفاشية- إمكانية تكرار الحدث فـي السينما والواقع
نشر في: 27 يناير, 2010: 05:55 م