الدراما التلفزيونية العراقية تراجعت في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ . في سنوات الانتاج الغزيز تبددت ملايين الدولارات على إنتاج أعمال هزيلة وفّرت حتى للمشرف العام حصته المالية ، فضائية الدولة انفقت الاموال من "دون وجع قلب " على انتاج اعمال لم يتذكرها الجمهور المهتم بمتابعة المسلسلات التركية والمصرية. ركزت الفضائية على احداث الماضي القريب ، والشعب العراقي ليس بحاجة الى مَن يذكره بمعاناته فهو مازال يحملها معه ويدفع ثمنها، الطرح المباشر بنظر النقاد والمختصين يعد عدو الدراما ، اذا كنت تبحث عن استقطاب انتباه جمهورك فابحث عن زوايا اخرى تثير انتباه المشاهدين .
الفنان جبار المشهداني غامر انتج مسلسل "قوارب الروح" ليعالج مشكلة هجرة الشباب العراقيين الى الخارج . باع قطعة ارض وسيارته الشخصية . صرف كل الصاية والصرماية على امل ان تتعاقد معه احدى الفضائايات وتعرض مسلسله خلال شهر رمضان ، لكن اصحاب الفضائيات سدوا ابوابهم امام المشهداني ،لانه من وجهة نظرهم من "المكون السنّي" ورؤيته الفنية في تناول المشكلة ربما تخضع لنزعة مذهبية ، وفضائية الدولة ترفض إحداث شرخ في النسيج الاجتماعي ، لهذا فهي لن تغامر بشراء "قوارب الروح" وعساها تغرق. بهذا المستوى من التفكير يتم تعامل المسؤولين مع الدراما التلفزيونية ، فاضطروا تحت طائلة الازمة المالية الى انتاج برامج رديئة لا يشاهدها حتى الزعاطيط .
المتفائلون بإمكانية توفير الدعم الحكومي لإحياء الدراما وإنتاج المزيد من المسلسلات لرمضان المقبل سيواجهون جملة عقبات ستجبرهم على التنازل امام رغبة الجهة المنتجة في خبز مسلسلات بلا لون وطعم ورائحة ، تبدأ من اخضاع النص الى رقابة مشددة ، واضافة مشاهد جديدة لتسليط الضوء على الدور الجهادي للحزب الحاكم ، في محاولة لاستنساخ تجربة "الايام الطويلة" وبطلها محمد الصكر (صدام).
الدراما الكويتية استطاعت خلال السنوات الماضية ان تتفوق على نظيرتها العراقية ، على الرغم من ان تلفزيون بغداد هوالاول في المنطقة . دخول الطرف الرسمي في انتاج الدراما يعني قتلها في المهد . التجارب والشواهد كثيرة . في مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية خصصت ملايين الدولارات لإنتاج افلام سينمائية يقال ان واحدا منها فقط يصلح للعرض ، والبقية فرض الحظر على عرضها لتدنّي مستواها الفني ، على وفق الفرضية بان الجهات الرسمية قررت تمويل انتاج الدراما ، كيف يتم تسويقها وهي مثل اي بضاعة بحاجة الى سوق ، أما اذا اقتصر عرضها على شاشة العراقية فلن تخرج الدراما المحلية من دائرتها المغلقة.
تجارب الدول العربية في انتاج الدراما اعتمدت على القطاع الخاص مع توفير هامش من الحرية. الجهات الرسمية العراقية ربما ستطلب من كاتب السيناريو، لإجازة مسلسله، ان يضع في المشهد الاخير للحلقة الثلاثين عزة الدوري في قبضة مستشار الامن الوطني فالح الفياض!..
لا يابه الدراما التركية !
عزّة الدوري في مسلسل تلفزيونيّ
[post-views]
نشر في: 25 يونيو, 2016: 09:01 م