جزء من أزماتنا اليومية في العراق أننا لا نرى إلّا أنفسنا، وربما لا نسمع إلّا أصواتنا فقط، لذلك نتبنّى وجهات نظر أُحادية، خاصة في الأزمات الكبرى، منذ أشهر وأنا أقرأ لمثقفين وكتّاب سواء في الصحافة أو الفيسبوك ، وهم يُمجّدون فصيلاً واحداً من فصائل معركة تحرير الفلوجة ، وتسألني عن رأيي ، فأقول :هذا حقّهم الذي لايستطيع أحد أن يزايدهم عليه ، لكن أين حقّ الوطن بمختلف شرائحه ، وأيضا بمختلف مقاتليه الذين تصدّوا لعصابات داعش . تساءلت في هذا المكان أكثر مِن مرّة عن دور النخب الثقافية في رأب الصدع بين أبناء هذا المجتمع ، وكعادتي عندما أمارس " البطر " استشهدت بأحداث جرت في إندنوسيا والهند واليابان . قد أجد مبادرات هنا وهناك رائعة يقوم بها شباب تخطّوا حاجز الطائفية ، وتركوا خلفهم خطابات التحريض ، وتوحدوا في الخطاب والنية والضمير .
كان سارتر يقول "إننا"، ويعني النخبةـ "مَن سنصنع التغيير لفرنسا، لأننا نعبّر عن مشاعر الناس وأحاسيسهم"، لكننا في العراق للأسف نجد مثقفين يصرون على إخفاء العلم الوطني جانباً ليعيشوا تحت رايات طائفية مختلفة .
أكتب هذه السطور وأنا أقرأ البيان الصادر عن مكتب رئيس الوزراء الذي يكشف فيه عن أعداد متطوعي أبناء العشائر الذين يقاتلون الى جنب القوات الأمنية والحشد الشعبي ، بلغت 20 ألف مقاتل .
كانت هذه المرة الاولى التي تعلن فيها الحكومة عن عدد مقاتلي العشائر ، وهي المرة الاولى التي أشعر فيها بأننا نظلم أشقاء لنا في هذا الوطن يقفون صفا واحدا مع إخوان لهم في تحرير الاراضي ، التي لم نعرف حتى هذه اللحظة اين ذهبت ملفات لجان التحقيق الخاصة بها ، لأننا انشغلنا خلال الشهور الماضية بالبيان الذي القته عواطف النعمة ، أن لامحاصصة بعد اليوم ، مهلاً، هناك ما يفرح في الامر ، أمريكا أُمّ الديمقراطية تعلمت من نوابنا الاعتصام !! هذه الفقرة الاخيرة أعترف بأنني استوليت عليها من صفحة النائبة حنان الفتلاوي .
ما الفرق ياسادة بين مقاتل من الحشد يستشهد في الفلوجة ، وآخر من العشائر يضحّي بنفسه على أطراف الموصل ، وجندي عراقي يفتح صدره لمواجهة الموت الأسود، لافرق سوى في أسماء الشهداء ، وعناوين العوائل .
فيما عدا ذلك كل شيء يعاد تكراره في الفضائيات ، وفي صفحات الشحن الطائفي ، جمل مكررة وخطابات ملّت الناس من ترديدها ، مثلها مثل أخبار هذه البلاد التي تصحو على اخبار التكنوقراط ، وتنام على أنغام الاصلاح ، هناك معلومة واحدة تبدو جديدة ذكرنا بها النائب كاظم الصيادي ، من اننا بعد انفصال بريطانيا عن الاتحاد الاوروبي، سنقوم باستفتاء شعبي للانفصال عن الجامعة العربية . مبروك !!
سقطوا سهواً..!
[post-views]
نشر في: 25 يونيو, 2016: 06:48 م