اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > ريـبــورتـــاج: معلّبات مسرطنة تتجول فـي الأسواق والبسطيات

ريـبــورتـــاج: معلّبات مسرطنة تتجول فـي الأسواق والبسطيات

نشر في: 27 يونيو, 2016: 12:01 ص

لم يستقر حال "أم رضاب" الا بعد التأكد من نوعية بيض المائدة وماركته العراقية ومدة صلاحياته، رغم ان جارتها فضّلت شراء نوعية بيض اخرى وبسعر يبلغ نصف سعر طبقة البيض العراقي الذي يترواح سعر طبقته بين خمسة الى ستة آلاف دينار حسب الحجم، فيما يبلغ سعر البيض

لم يستقر حال "أم رضاب" الا بعد التأكد من نوعية بيض المائدة وماركته العراقية ومدة صلاحياته، رغم ان جارتها فضّلت شراء نوعية بيض اخرى وبسعر يبلغ نصف سعر طبقة البيض العراقي الذي يترواح سعر طبقته بين خمسة الى ستة آلاف دينار حسب الحجم، فيما يبلغ سعر البيض المستورد ألفي دينار وهو امر يثير بعض الشكوك بصلاحيته وجودته، الا ان البعض من الناس يقبل عليه لرخصه ، حسب ادعائهم.

"يحفظ بعيدا عن الحرارة واشعة الشمس" .. عبارة مكتوبة على علبة لحم لانشون معروضة في بسطية ، فيما كانت درجة الحرارة تشير الى (44) درجة مئوية في الظل، حيث كانت بسطية المعلبات تحت اشعة شمس الصيف العراقي اللاهبة. رغم ذلك اشترى حسام قرابة سبع علب مختلفة الانواع، لم ينتبه لتاريخ الانتاج والصلاحية، او مكونات مواد الحفظ، بقدر اهتمامه بالسعر الذي يعادل نصف سعر العلبة في الاسواق والمحال الخاصة ببيع المواد الغذائية.
بين آونة واخرى تكشف الجهات الرقابية الصحية عن انتشار معلبات مجهولة المصدر وغير صالحة للاستخدام البشري بسبب احتوائها على مواد مسرطنة تؤثر في صحة الانسان ، لكنها وللاسف الشديد  تلاقي اقبالاً شعبياً واسعاً لرخص اسعارها، بسبب البطالة وارتفاع معدلات الفقر وموجة النزوح والهجرة التي اجبرت الكثير من العوائل على اللجوء الى هذه المعلبات التي تدخل دون رقابة او تفتيش.
في المنطقة المحصورة بين ساحة الخلاني وساحة التحرير مرورا بالسنك ثمة عشرات المحال والعربات التي  تشهد عرض معلبات غذائية مجهولة الهوية والمصدر، كتبت ماركاتها بلغات غير مفهومة، يتجمهر حولها الناس بكثافة فمنهم من يشترى ومنهم من يكتفي بالتفرج والتفحص، لكنه لايقوى على إخبار الآخرين انها مضرة بالصحة وغير صالحة للاستهلاك، اذ سيثور عليه الباعة وربما يحصل ما لم يكن متوقعا.
 هذا ما حدث مع مدرس الفيزياء "حميد شاكر" الذي لاحظ وجود الصدأ والتلف على العبوات الحافظة لتلك الأغذية من لحوم وبقوليات واسماك التونة والسردين وبعض العصائر والمربيات. وحين حذره احد الاصدقاء ممن كان برفقته وهو يروم شراءها نهره صاحب المحل بقوة وحاول الاعتداء عليه ، ولولا تدخل الاخرين لحدث ما لاتحمد عقباه . رغم ما حدث ، لم يمنع ذلك شاكر من اخبار جميع ابناء محلته ومعارفه بخطر هذه المعلبات وتفاعل الصدأ على العبوة مع المواد الغذائية المعالجة بمواد حافظة مجهولة المصدر.
البعض الآخر من المعروضات التي تباع يخضع لتلاعب في صلاحية استهلاكه، حين تبين من فحص عينات مختلفة منها أن تاريخ صلاحيتها المدون عليها ينتهي في العام 2017، والصحيح انها منتهية عام 2014 من خلال شطب التاريخ وتدوين آخر بدلا عنه.
"ابو ريام" -موظف في دائرة الضريبة- حذر جدا من شراء المعلبات المستوردة لما تحمله من اضرار صحية حسب وصفه، وبشأن كيفية ادخالها الى الاسواق يذكر ابو ريام انه حسب ما يتوفر من معلومات فان اغلب تلك المعلبات تدخل السوق عن طريق رشا يقدمها التجار ومن يعمل معهم لمراكز الكشف والمنافذ الحدودية. موضحا: يقوم الموظف المختص بعملية التفتيش بفحص الطبقة العليا من الشحنة، والتي تكون في الغالب مطابقة للمواصفات، في حين يضع التاجر المواد المشبوهة في أسفل الشحنة، ويتم تمريرها إلى السوق. مبديا اسفه على علم اغلب الجهات الرقابية بانتشار هذه البضائع في الاسواق والمحال. مشيرا: الى سوق الباب الشرقي وسط العاصمة الذي يعج بعشرات الممنوعات.
رغم تأكده من التلاعب بتاريخ العلبة إلا أن صاحب المحل يؤكد غير ذلك ، حتى وصل الامر الى نشوب شجار بينهما انتهى على خير غير ان ابا فهد أرجع السبب الى واقع الحال الغذائي وضعف الانتاج المحلي ان لم يكن غيابه والذي ألقى بظلاله على الوضع العام للأسواق العراقية التي راجت فيها مناشئ عدة من الأغذية المعلبة كاللحوم والدجاج والألبان نتيجة سياسة الإغراق التي شهدتها هذه الأسواق. مبينا: وبسبب الغلاء الفاحش لجأ الكثير من العوائل الى شراء هذه الأغذية والمعلبات بدل الطازجة منها ولغياب المعلبات العراقية، مذكرا بمعامل تعليب كربلاء وبعقوبة وغيرها من معامل سواء كانت للقطاع العام او المختلط والتي كانت ترفد السوق العراقية بمختلف المنتجات.
غياب الجهات الرقابية هو احد اسباب انتشار هذه المعلبات وتزايدها في مناطق عدة من بغداد والمحافظات. "ابتسام كامل" –موظفة- كانت تتفحص بعض انواع المعلبات في احد المحال التجارية في سوق بغداد الجديدة دون ان تشترى حيث عزت سبب ذلك الى مجهولية المواد الحافظة لهذه المعلبات وشكّها بالتلاعب بتاريخ الانتاج والصلاحية، مشددة على غياب الجهات الرقابية والمتابعة لهذه المعلبات في الاسواق والتي للاسف الشديد تجد من يشتريها ان كان بسبب رخص اسعارها او جهله بمضارها الكثيرة على الصحة العامة. اما زميلتها "سجى علي" فقد اوضحت ان مشكلة المعلبات والاغذية المجمدة أخذت مديات واسعة جدا. ولابد من اخذ التدابير اللازمة للحد من مضارها الكثيرة. مشددة على ضرورة التوعية الصحية عبر وسائل الاعلام او عبر منشورات توزع في المستشفيات والمراكز الصحية تنبه المواطنين لمضار تلك الاغذية والمعلبات التي تحوي اغلبها مواد مسرطنة.
اختصاصي الباطنية د. محمد زيدان أبدى مخاوفه من تناول هذه المعلبات والتي اكد احتواء العديد منها على مواد مسرطنة او مواد حافظة غير أمينة على الصحة، مشيرا الى ورودد الكثير من حالات التسمم او الالتهابات المعوية جراء تناول تلك المعلبات، مشددا على ضرورة وجود جهات رقابية تتمتع بصلاحية فرض عقوبات رادعة لمن يدخل هذه المعلبات ومن يتعامل بها في السوق ويروج لها، معتبرا اياها خطرا لايقل عن خطر الارهاب ان لم يفقه. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram