TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > خربانة يا وزير الداخلية ويا محافظ بغداد!

خربانة يا وزير الداخلية ويا محافظ بغداد!

نشر في: 27 يونيو, 2016: 06:29 م

من الواضح الآن أنّ القضية المُثارة بشأن الشريحة الإلكترونية التعريفية الخاصة بالسيارات العاملة في العاصمة بغداد "مشروع صقر بغداد"، هي قضية صراع سياسي بين اثنين من الأحزاب والقوى السياسية الحاكمة المتنافسة والمتصارعة على السلطة والنفوذ والمال.
وزارة الداخلية التي يديرها وزير من منظمة بدر أعلنت منذ أيام أنْ لا علاقة لها بهذا المشروع، بل إنها أكدت أنه مشروع غير قانوني وأنها ستقاضي الشركة التي نفّذته وتُحيل ملفها إلى هيئة النزاهة. بالطبع هذا أمر غريب، لأن موظفي الشركة نفّذوا مشروعهم بعلم ودراية ضباط الداخلية وعناصرها، ولم تزل حتى اليوم اللوحات المعلنة عن المشروع وأهميته تنتصب شاخصةً عند العديد من نقاط التفتيش التي يرابط فيها ضباط وعناصر من وزارة الداخلية.
أمس ردّ محافظ بغداد (من التيار الصدري) جهاراً نهاراً، مُفنّداً معلومات الداخلية ومهدّداً بمقاضاة "المحرّضين" على المشروع، وقال إنَّ "مشروع صقر بغداد الأمني صدرت به إجازة استثمارية في 2011 وكانت هناك مخاطبات إلى الجهات الأمنية المتخصصة ولم تعترض عليها"، وأضاف أن "وزارة الداخلية أوعزت بكتاب رسمي لشرطة المرور وشرطة المحافظات بالاستفادة من المشروع الأمني".
لا أظنُّ أنَّ محافظ بغداد لم يستند في تصريحه هذا إلى وثائق تدعم معلوماته.
وعلى أية حال، حتى لو انطوى مشروع "صقر بغداد" على شبهة فساد باستيفاء أموال من الناس من دون وجه حقّ، فإنه ليس العمل الأول من نوعه.. منذ ثلاث سنوات أيضاً كانت جهات أمنية قد فرضت على مواطني بعض مناطق بغداد استحصال بطاقات أو ملصقات تعريفية تسمح لحامليها بالدخول إلى مناطقهم والخروج منها (15 ألف دينار لكل هويّة أو ملصق)، وحتى الآن لا يعرف أحد مصير تلك البطاقات أو الملصقات ومبالغها!
زيادة على هذا فإن ثمة منظمات ونقابات تفرض رسوماً وتجمع أموالاً من دون أيّ سند قانوني. نقابة الصحفيين، مثلاً، تفرض على الصحف والمجلات، بما فيها الصادرة عن الوزارات ودوائر الدولة المختلفة، وكذلك على المراسلين الأجانب دفع "بدل اعتماد"، والنقابة تتحصّل سنوياً على مبالغ كبيرة من هذا الرسم الذي لا يوجد له أيّ سند قانوني، فقانون النقابة الصادر في عهد النظام السابق لا يتضمن أيّ نصّ يخوّلها جباية أموال "بدل اعتماد". القانون مثلاً يُلزمها في أحد موادّه بالدعاية لحزب البعث وأهدافه،ولكنه لا يخوّلها جباية بدلات اعتماد. وأصلاً لا يوجد قانون يخوّل النقابة أو غيرها منح اعتمادات للصحف والمجلات وسائر وسائل الإعلام والمراسلين الأجانب. في عهد النظام السابق كانت وزارة الإعلام تمنح تراخيص الصحف والمراسلين، والنقابة ليست وريثة وزارة النظام المقبور، ولا يُمكن لنقابة أن ترث هيئة حكومية منحلّة. من باب أولى أن تكون وزارة الثقافة هي الوريث بعدما أحيل إليها موظفو الوزارة المنحلّة وممتلكاتها.
وللعلم، فإن الدستور ينصّ في المادة (28) على أن "لا تُفرض الضرائب والرسوم ولا تُعدّل ولا تُجبى، ولا يُعفى منها، إلّا بقانون".. ولا يوجد أيّ قانون سابق أو لاحق يُجيز لنقابة الصحفيين فرض رسم الاعتماد وجبايته.
أدعو وزير الداخلية ومحافظ بغداد إلى التهدئة في ما بينهما، لأنَّ أمور دولتهما "خربانة" في شتّى المجالات، وليس فقط في مجال "صقر بغداد"!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Waleed H Alebrahemy

    اعتقد ان الوضع المتأزم بين الاحزاب السياسية.فرض على الشعب اعباء الغباء السياسي للاحزاب .فكل حزب بمالديهم فرحون .والنتيجة ضياع الوقت والتطور والبناء بسبب الغباء والعنجهية للاحزاب.فالكل يريد التفرد بالقرارات.واخيرا فهي خربانه من الراس للرجلين ...تحياتي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram