TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تحذير المالكي

تحذير المالكي

نشر في: 28 يونيو, 2016: 06:36 م

المالكي يرفض ويحذّر مِنْ ضرب المشروع الإسلامي.. هذا هو فحوى جزء مما قاله الأمين العام لحزب الدعوة الإسلامية، نوري المالكي، في حوار مع فضائية "السومرية" بُثّ أمس. المالكي لم يُفصح عمّن يراه مُقبلاً أو عاملاً على ضرب المشروع الإسلامي، لكنه ترك لنا تلميحاً يُشير إلى العِلْمانيين الذين ذكرهم صراحةً وهو يمهّد لتحذيره.
والآن لننظر في ما إذا العلمانيون متورطون في العمل لضرب المشروع الإسلامي. لكن قبل هذا: ما هو المشروع الإسلامي؟ ما تفاصيله؟ مَنْ مِن أحزاب الإسلام السياسي، بما فيها حزب الدعوة نفسه، قد طرح مشروعاً واضحاً ومتكاملا لإدارة الدولة في أيّ من الانتخابات التي شهدناها في السنين العشر الماضية؟
كلّ ما فعله العلمانيون أنهم، بعدما طفح الكيل لدى الناس، نزلوا مع كثيرين غيرهم بينهم إسلاميون، إلى الشارع في 2011 ثم في 2015، وحتى اليوم، مطالبين بإصلاح العملية السياسية. قادة أحزاب الإسلام السياسي أنفسهم ما انفكّوا يقرّون علناً بأنها عملية فاشلة وفي حاجة للإصلاح. السيد المالكي واحد من المُقرِّين بهذه الحقيقة. في إطار الإصلاح رفع العلمانيون شعار إلغاء نظام المحاصصة الذي يعترف قادة الإسلام السياسي، وبينهم المالكي أيضاً، بأنه بلاء على العملية السياسية وعلى الدولة.
العلمانيون وغيرهم من المتظاهرين، طالبوا أيضاً بتوفير الخدمات العامة الأساس (الكهرباء، الصحة، التعليم، الماء وسواها)، وبمكافحة الفساد الإداري والمالي الذي يقف وراء تردّي الأمن وانهيار نظام الخدمات العامة ووراء فشل الدولة برمّتها.
 العلمانيون رفعوا شعار "باسم الدين باقونا الحراميّة"، ولا أظنّ أنّ عاقلاً يمكن أن يفهم من هذا الشعار بوصفه مسعى لمعاداة الدين أو لضرب المشروع الإسلامي، إن كان ثمة مشروع إسلامي عن حق.. هذا الشعار الذي وجد هوىً حتى لدى المرجعية الشيعية العليا، هو دعوة لصون سمعة الدين من الأدران التي لحقت بها من مسؤولي الدولة الفاسدين، وهم في الغالب قياديون وأعضاء في أحزاب الإسلام السياسي ويقدّمون أنفسهم بوصفهم أمناء سرّ الدين.
هذا ما فعله العلمانيون. ولو يتحلّى السيد المالكي بالموضوعية وينظر إلى الأمور بوجدان لوجد أنّ مطالب العلمانيين هي في صالح المشروع الإسلامي، إنْ كان ثمة مشروع.
ولو يتحلّى السيد المالكي وسواه من قادة أحزاب الإسلام السياسي، الشيعية والسنّية سواء بسواء، بالموضوعية وينظرون بوجدان إلى الأمور لاكتشفوا أنّ أحزاب الإسلام السياسي هي التي تعمل على ضرب المشروع الإسلامي، إنْ كان له وجود في الأساس. هي التي سنّت دستوراً " لم يأتِ بشكل دستور يبني دولة، وفيه ألغام كثيرة"، و"كُتِب تحت دوافع خوف وطمع والرغبة بالعودة الى الماضي"، كما قال السيد المالكي بعظْمة لسانه في هذا الحوار وفي مناسبات عدة سابقة. حصل ما يعيبه المالكي في الدستور،لأنه هو وقادة الإسلام السياسي الآخرون أصرّوا على كتابة الدستور بأنفسهم، وهم الجهلة في هذا الأمر، ولم يفسحوا في المجال لخبراء القانون الدستوري وسواهم ليكتبوا مسودة الدستور.
ولو يتحلّى السيد المالكي، وسائر قادة الإسلام السياسي، بالموضوعية وينظرون بوجدان إلى الأمور للاحظوا أنّ أحزابهم هي التي استحوذت على دولة ما بعد صدام، وهي التي تعاملت مع هذه الدولة بوصفها غنيمة حرب فتنافست وتصارعت على حصصها من هذه الغنيمة، وفي إطار عملية الاستحواذ والمنافسة والصراع على السلطة والمال والنفوذ دفعت هذه الأحزاب إلى مناصب الدولة عناصر لا تُجيد إدارة دكاكين صغيرة، وكثير منهم من فلول نظام صدام، فيما حيلَ دون تولّي العناصر الوطنية والمهنية النزيهة والشريفة هذه المواقع. كانت النتيجة تفشّي الوصولية والانتهازية والفساد الإداري والمالي. هذا وسواه هو ما عمل ويعمل الآن على ضرب المشروع الإسلامي، إنْ كان هناك مشروع إسلامي بحقّ وحقيق.
لعِلْمِ السيد المالكي أنّ نشطاء ومثقفين إسلاميين (شيعة) يرون ما أراه، أنا العلماني.. وإذا أحبّ أنْ يعرف ويتوثّق أُحيله إلى: غالب الشابندر، إياد جمال الدين، غيث التميمي، ضياء الشكرجي، سليم الحسني، طالب الرماحي، صاحب الحكيم، وحتى عزّت الشابندر، ولا أستثني عادل عبد المهدي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. ابو سجاد

    لكن ياسيد عدنان ان من وضع الدستور واعتكف لصياغته وحرض الناس بالتصويت عليه وبفتوى صريحة هو السيستاني وليس المسخ المالكي وكان رئيس لجنة صياغة الدستور هو احمد الصافي ممثله واذا كنت ترى ان الدستور ملغوما فان اللوم يقع على من صوت عليه وايد المرجعية بفتواها الم

  2. علماني وافتخر

    لا يا سيدي، هناك مشروع إسلامي يتمثل في ان يقود الدولة جهلة وأميون يرتدون العمائم والخواتم ووسم الجباه، وحين يفشلون في إدارة الدولة يقيمون بسرقتها، وإذا ما تساءلت عن الحال والمتسببين، وحين تصل مستويات الفقر في المحافظات الشيعية الى 35%باعتراف وزارة التخطي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram