في جلسة دار حوارها حول قضية "مشروع صقر بغداد"، ورد ذكر جهاز الادّعاء العام. تساءل أحد الزملاء: أليس من واجب جهاز الادعاء التحقيق في هذه القضية؟.. وفي الحال ردّ زميل آخر بالسؤال: وهل يوجد لدينا جهاز للادعاء العام؟.. كنت أظن أنه موجود في مصر فقط!
الزميل الثاني كان يتهكّم بطبيعة الحال، لكنّ تهكّمه ليس من دون أساس.. حقاً نحن هنا لا نشعر بدور ملموس لجهاز الادّعاء العام، بخلاف ما هو جار في مصر التي للنيابة العامة فيها حضور قويّ يوازي حضور سائر أجهزة السلطة القضائية، وبخاصة المحاكم.
قانون السلطة القضائية المصري يصف جهاز النيابة العامة بأنه: منظمة متخصصة تمثّل المجتمع وتنوب عنه في مطالبة القضاء بالتطبيق الصحيح لأحكام قانون العقوبات وتوقيع الجزاء الجنائي على المتّهم؛ وذلك بمباشرة الدعوى الجنائية التي تحتكرها لنفسها. وهي وحدها من لها أن تباشر الدعوى الجنائية ومتابعة سيرها أمام القضاء حتى يصدر فيها حكم نهائي بغرض ضمان التطبيق الصحيح لقانون العقوبات، فالعمل على التطبيق الصحيح للقانون هو الغاية الأساسية لوجود النيابة العامة، سواء كان ذلك بالتمسّك بإدانة المتّهم أو التمسّك ببراءته، وإنها لا تملك الحق في عدم تحريك الدعوى الجنائية، ولا الحق في عدم رفع الدعوى إلى القضاء ولا الحق في وقف أو تعطيل سير الدعوى الجنائية في غير الأحوال التي أجاز فيها القانون ذلك.
أفترض أنّ هذا الكلام ينطبق أيضاً على جهاز الادّعاء العام لدينا، لكننا لم نلحظ يومياً أنّ جهازنا يبادر إلى تحريك الدعاوى ومتابعتها بوصفه ممثلاً للمجتمع (هل قانون السلطة القضائية لدينا لا يمنح الجهاز مثل هذه السلطة؟)... يبدو جهاز الادعاء العام في أذهاننا في صورة البيروقراطي المحافظ والمتحفّظ بوجه قاسي القسمات، ليس في رأسه ذهن يفكر ولا في صدره قلب يعتصره الألم بسبب كمّ ونوع الجرائم المُرتكبة في حق المجتمع والدولة.
يوم الأربعاء الماضي فاجأتنا المستشارةُ القانونية في الجهاز فاتن محسن بالقول إن قضية الموصل (وقوعها في أيدي داعش وتداعياته) هي "من الجرائم العسكرية، وتمّ التحقيق فيها من قبل مكتب القائد العام للقوات المسلحة، وتمّ تشكيل مجالس تحقيقية بهذا الشأن وإحالة قادة ميدانين إلى المحاكم العسكرية"، لافتة الى أن "القضاء المدني لا علاقة له بهذا الموضوع، وهي من اختصاص القضاء العسكري ودائرة المستشار القانوني ومديرية الادعاء العام العسكري ومحكمة التمييز العسكرية".(السومرية نيوز(.
هذا أمر أعجب من العجيب!.. أن تُعامل قضية احتلال الموصل بوصفها جريمة عسكرية فحسب، أي قضية فرار من ساحة المعركة وعدم الالتزام بالقوانين والضوابط العسكرية. لكن ماذا عن مئات المدنيين الذين قُتلوا؟.. ماذا عن آلاف النساء اللائي سُبينَ واغتصبنَ؟ وماذا عن ملايين الناس الذين نزحوا من مدنهم وديارهم وواجهوا الويلات؟.. لماذا تُعمى عيونُ جهاز الادّعاء العام عن هذا كله، ولا يرى غير الجانب العسكري، فلا يبادر إلى تحريك الدعاوى ضدّ من تسبّب فيها هذا كله؟. والمتسبِّب ليس داعش وحده وإنما القيادات السياسيّة والعسكريّة.
لماذا يتنصّل الادّعاء العام عن مسؤوليّته؟
[post-views]
نشر في: 1 يوليو, 2016: 06:37 م
جميع التعليقات 1
بغداد
أستاذ عدنان حسين العصابة المقبورة في زوو الخضراء هي ليست بحاجة الى تفعيل الأدعاء العام المهم جدا بالنسبة لهم عندهم قاضي مخضرم الى الأبد وهو مدحت المحمود الذي تجاوز حتى ارذل العمر محبس بيد الحبربش وزعيم الحبربش الحقيقي نوري بابا الطويريجي زعيم دولة الفافون