أن ترتكب أكثر من خمس حوادث أمنية في يوم واحد بالبصرة، ويقع البعض منها في اماكن وسط المدينة، وفي وضح النهار مع وجود العديد من الجهات الأمنية، لهو أمر غريب وفي غاية الخطورة، وينبئ بعواقب وخيمة ومفزعة. ومهما بالغت أجهزة الشرطة في إعلاناتها بأنها تصدت او ستتصدى فلن تزيدنا في الأمر إلا خيبة وخذلاناً، لكن مَن يصطدم من مواطني المدينة بحقيقة عمل الشرطة لن تمكث الغرابة في نفسه إلا القليل، ومَن يقع ضحية مشكلة أمنية في بيته أو عند أحد أقربائه او جيرانه، فعليه أن يتحمل نتائجها بنفسه وعلى رأسه بدلا من إشراك الشرطة في قضيته وأمره، لأنه سيخسر الكثير.
نسمع الغريب والعجيب من قصص الابتزاز والرشى والاتاوات من المواطنين الذين ألجأتهم الظروف ليودعوا في مراكز الشرطة، لسبب تافه أو لغيره، فالشرطي لن يدخل بملفك على القاضي ما لم تدسَّ في جيبه الخشنة الحمراء، ولن يعود للمركز ما لم تدفع له اجرة التاكسي، ويماطل الضابط الذي بيده قضيتك في استحصال قرار القاضي بالافراج عن سيارتك، أو أنه لا يكتب في مطالعته له حقيقة قضيتك البسيطة، إنما يبالغ في تعظيمها وتعقيدها ذلك لأنه استودعها في كراج مدني سبق الاتفاق مع صاحبه على أجرة المبيت، ولأنه سيتقاسم المبلغ معه بعد الافراج عنها، أما ضابط المركز فلن يقنع بالخشنات الحمر إنما يتطلع الى الورق الاميركي الأخضر، فهو لم يجلس على مكتب إدارة المركز ببلاش إنما اشتراه بالملايين. نعم، بالملايين!
أما التبريد والثلج والماء البارد وعلبة السجائر ونفــر الكباب وعشاء الضابط الخفر وثمن اتصالك باهلك بالهاتف فهذه مبالغ لا يمكن تصورها، وعلى المودع بالمخفر التعامل معها بجدية، حين يصل ثمن علبة السجائر الى العشرة آلاف وأكثر، وثمن مكالمة من ثلاث دقائق يتجاوز الـ 25 ألف دينار وعلى الموقوفين جمع ثمن الثلج والكاز والكهرباء لكي ينام أحدهم على عجيزة الآخر، فالغرفة سعة ثلاثة في اربعة بخمسين أو ستين نزيلاً، وكلما إزداد العدد إزداد الدفع، وهذه معادلة يحرص ضباط المخفر على إدامتها!
معلوم أنه، منذ سقوط النظام الى اليوم لم تفلح معالجات الأجهزة الأمنية مجتمعة ولا المواثيق التي يبرمها شيوخ أو مسوخ العشائر في الحد من النزاعات وحوداث القتل التي باتت البصرة المرتع الخصب لها، والمكان الأخير لتنفيذها، فمن كانت لديه خصومة أو قضية ثأر وهرب من مدينته سيحسم أمرها في البصرة، ومن ضاقت عليه مدينته وسُبل العيش الشريف فيها يذهب الى البصرة، لأن فيها معيشة الشريف والوضيع من الناس بعدما أصبحت مأوى للكثير من الخارجين على القانون والمطلوبين في عشائرهم، ومع ذلك تتبجح الحكومة المحلية بقولها إنها ستمنح المتجاوز مبلغ خمسة ملايين دينار من أجل مساعدته في العودة الى مدينته.
مَن يشاهد مقاطع الفيديو التي يقوم بنشرها البعض والخاصة بالقتال الدائر بين بعض العشائر في البصرة سيطلع بنفسه على كمية ونوعية الاسلحة المستخدمة في المعارك هذه، ولا نريد أن نستبق الحوادث ففي اليوم الذي سيتم فيه القضاء على داعش ويعود المقاتلون من هناك، ستنفتح صفحة أمنية جديدة، وسنسمع قصصاً أكثر غرابة، ونشاهد فصولا لم نشاهدها من قبل، ومن هنا نقول للقتلة والمجرمين ورجال العصابات: أطمئنوا وكونوا بخير وسلام، فأنتم في المكان الصحيح، فالشرطة مشغولة عنكم بغيركم!
لأنَّ الشرطة مشغولة سلام على القتلة والمجرمين في البصرة
[post-views]
نشر في: 2 يوليو, 2016: 09:01 م