مع حلول الشهر الساخن تموز بدرجات حرارته المرتفعة يكون قد مر عام كامل على اندلاع التظاهرات الاحتجاجية المطالبة بتحسين الخدمات الاساسية في مقدمتها توفير الطاقة الكهربائية ، واطلاق وزير الكهرباء قاسم الفهداوي تصريحه الخطير حين عزا اسباب تدهور نظام القطع المبرمج الى الاقبال المتزايد على استخدام السخانات . وفق الله الوزير وسدد خطاه لانه جعل العراقيين يضحكون في زمن النكد والحزن ، ومنهم من مات من الضحك لحظة سماعه التصريح الكوميدي. مرور عام على اندلاع التظاهرات لم يحفز الضمائر الرسمية والسياسية على بلورة موقف موحد لانقاذ العراقيين من معاناة مريرة رافقتهم منذ تولى بريمر حفظه الله وبطانته مسؤولية ادارة ما تبقى من الدولة مع اطلاق وعود باعادة البنية التحتية المدمرة ، في مقدمتها توفير التيار الكهربائي على مدى اربع وعشرين ساعة ثم تصدير الفائض الى الخارج طبقا لنظرية الدكتور حسين الشهرستاني .
قوات التحالف في حرب الخليج الثانية بقيادة الولايات المتحدة استطاعت ان توفر الطاقة الكهربائية في الكويت خلال ساعات. التجربة لم تتكرر في العراق، اقتصرت على اطلاق الوعود ، الملف سُلّم الى الحكومات المتعاقبة ، رافقه الفساد المالي والاداري ، مع استهداف محطات الانتاج وشبكة التوزيع بهجمات مسلحة في مناطق متفرقة . الوزارة اضطرت مؤخرا الى استيراد الطاقة من الجارة العزيزة ايران مقابل مبالغ تدفع سنويا بالعملة الصعبة. استيراد الطاقة لم يحل المشكلة خصوصا في فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة مع بروز رغبة شعبية في مواصلة الاحتجاج ، نظرا لما تركه تموز في اذهان العراقيين بانه شهر الثورات والانقلابات العسكرية .
اندلاع تظاهرات وشهر تموز وكيزر الفهداوي، ثالوث مرعب يثير قلق ومخاوف اصحاب القرار من انتفاضة شعبية ضد النخب السياسية المشاركة في الحكومات المتعاقبة التي ضحكت على العراقيين منذ 13 عاما ومازالت تتجاهل مطالبه في تحقيق اصلاح حقيقي يتمثل بمحاسبة المفسدين بكل عناوينهم ومناصبهم ، سراق المال العام ، ومن عرقل الدور التشريعي للبرلمان في تعطيل تمرير مشاريع القوانين الخاصة بتنظيم الحياة السياسية في العراق وتعزيز نظامه الديمقراطي .
قرار المحكمة الاتحادية الاخير أعاد الفهداوي سالما غانما الى منصبه ، وليخسأ الخاسئون ، وليس من المستبعد ان تتكرر قصة السخان هذا الصيف .
في شتاء عام 1958 تعرضت اذيال عباءة زاير مهاوي، الرجل الضرير، للحرق في مضيف "المحفوظ" طويل العمر فصرخ باعلى صوته: ياسامعين الصوت، حاضركم يبلغ غايبكم، ليحذر الحاضرين من سنوات قحط ، وقال بكل ثقة ان "مؤامرة" حرق العباءة سواء كان الحادث مقصودا او سهوا نذير شؤم". سمع الزاير ضحكات سخرية اطلقها طويل العمر ثم كررها الاخرون. بعد اشهر قليلة اندلعت ثورة الرابع عشر من تموز ، فتحققت نبوءة المرحوم زاير مهاوي ، بهروب "المحفوظ "الى جهة مجهولة.
عباءة زاير مهاوي
[post-views]
نشر في: 2 يوليو, 2016: 09:01 م