عملية التنقيط — الترقيم — ملح المقال الجيد وعسله أيضا! شهيق الكاتب والقارئ وزفيرهما معاً..
ليس بطراً قط الكتابة المستفيضة، عن تجاهل أو إهمال بلاغة التنقيط في معظم كتاباتنا، سواء منها العلمية، الأدبية، والصحفية على وجه الخصوص.
النقطة، الفارزة، الفارزة المنقوطة، علامة الإستفهام، السؤال، النقطتان الشارحتان، علامة التعجب، شرطتا الإستغناء: وما بينهما من جمل إعتراضية.إلخ.. إلخ.
علامات الترقيم التي — غالبا — ما تلقى إهمالا او إعراضا من لدن الكاتب، لا يمكن غض النظر عن اهميتها ، او الإستهانة ببلاغتها في النص، ولا يمكن إعتبارها نتوءا طارئا او مجرد زهو ديكور لإستعراض العضلات .
……..
يُذكر في هذا الشأن إن الأديب ( لطفي السيد)— بعد جفاء وقطيعة مع أديب آخر — إقتطع ورقة بيضاء، ووضع في وسطها علامة إستفهام كبيرة، وبعث بها للزميل المقيل، ولم يكن ما تلقاه من رد إلا ورقة بيضاء صغيرة وفي زاوية منها علامة تعجب أكبر!
…………
مناسبة عمود هذا اليوم، ما أشهده من إهمال واضح لعملية التنقيط في كثير مما أقرآ، سيما عبر جادة الأعمدة اليومية والإسبوعية، تلك المؤمل منها قبل غيرها، إيلاء الأمر أهمية قصوى، برفد المتلقي أوجز عبارة وأصفى فكرة. والتهيؤ لمخاطبة قارئ عجول، ملول، نافذ الصبر، متقلب المزاج، كثير التطلب.
قد يتهمني البعض بالإفلاس.او البطر.فما جدوى النقطة او علامة الإستفهام او غيرهما من علامات التنقيط في بلد يُحارب أفراده على جميع الجبهات:تارة لتأمين لقمة عيش ـ كريم في زمن العطالة والتهجير؟ وتارة للحفاظ على شبر — فرسخ من الإرض ان يقتطع تحت السمع والبصر، وحينا للنجاة من المحرقة التي قضت او أوشكت القضاء على الأخضر واليابس، بما فيهاالمساهمة بوعي او من دونه، تقطيع أوصال اللغة.وتوزيعها، شلواً شلواً مجاناً على الغربـــاء.
شهيق الكتابة وزفيرها!
[post-views]
نشر في: 3 يوليو, 2016: 09:01 م