1
المرأة الجليلة سيدة الحياة ، من حضورها يتجلى الجمال والحنان والألفة والرقّة، لافرق إن كانت طفلة غضة أوشابة جميلة أو امرأة عاملة منتجة أو أماً ولوداً أو جدة أنجبت ورعت أجيالاً وهي ترنو إلى خطوة الطفل واكتمال الفتى ونضوج الفتاة ، هي التي توقظ أحلامكم حبيبة مشتهاة ،تهبكم المتعة والرعاية والأبناء زوجة متفانية، ترش الماء وشهقاتها وراء خطاكم وتغسل بدموعها خطايا حروبكم وهجراتكم وقسوة افعالكم وتغفر لكم أخطاءكم ولاتملك الا أن تكون المتعالية بالحب والمتسامية بانسانيتها وأنوثة الروح..
تمسد جباهكم وتتلو تعاويذها إذا ما دنا منكم خطر أو مسّكم أذى ، من ثوبها تنبت أشجار حور ومن صوتها يتناثر ربيع ذهبي ووعود مجنحة ، وشاحها يبوح بأحزان الدهر وعبق الأمومة الحانية ، تكنس عن نهاركم ظلال العداء وفي ظلمات لياليكم تسوّركم بالأماني والمحبة وتحرس أحلامكم وتطرد عنكم أشباح الكوابيس ، روحها حارسة أيامكم وقلبها ملاذ احزانكم، وأيامها مقرونة بالبذل والعطاء بلا مقابل ترجوه من أحد ، وانتم أيها الآباء والإخوة والأبناء تخجلون من جلال انوثتها وحنانها وعطائها العظيم وترون عاراً أن تعلنوا اسمها في الحياة والسبي والممات ..
2
العنصرية لاشكل آخر لها ، لامسمى لها غير هذا : أن تتعالى فئة على فئة ، جنس على جنس ، عرق على آخر ، طائفة على طوائف ، قومية على سواها ، دين على دين ، شعب على شعوب ، العنصرية هي أن لا تجد للمرأة الشهيدة مكانة وحضورا لائقا في سرادقات العزاء ولافتات النعي وتصريحات المفجوعين وتعداد الضحايا ، العنصرية هكذا أن تقصي الآخر ، والآخر هنا امرأة وفتاة شابة ووالدة وطفلة ، العنصرية أن تستبعد الأنثى من مشهد الغضب على الجريمة و السخط على القتلة والإرهاب وإهمال السلطة، العنصرية سمة أو مستوى من الداعشية المتسترة برداء العيب والعار ، فالداعشي يحتقر المرأة ، يسبيها ، يذلها ، يعرضها في سوق النخاسة سلعة للبيع وعندما يمتلكها وتصبح حسب تعبيرهم الفقهي ( ملك يمينه ) يحجبها عن الحياة ، يحجرها في كهف ظلمته ، يحرمها من أي حق وقيمة إنسانية، يغتصب جسدها وينتهك روحها، يبرحها ضربا إن تمنّعت ، ينال متعته الداعشية بإهانة إنسانة كانت سببا لوجود أمثاله في الحياة وشاء لها حظها العاثر أن تولد وتعيش في بلاد مهدورة الدم لتغدو امرأة سبية تجرد من انسانيتها ويعاملها الرجال الضواري بعنصرية وفظاظة وعنف لاتجده لدى الضواري، فالطيور والحيوانات الأخرى تنال متعتها في موسم التزاوج بغزل حميم ورقصات وتغريد وإعلان سمات الجمال كأن ينفش الذكر ريشه الملون أو يطلق أغاريده المغوية ، أو يقدم لأنثاه هدية ، طعاماً أو عشاً أو حماية من اعتداء الآخرين، أما الانسان المتَحَيوِن فإنه لايجد متعته إلا بإذلال الأنثى وانتهاك الانسان فيها .
3
يجري اغتيال الشهيدات من النساء في الفواجع العامة مرتين ، مرة بيد القاتل الإرهابي الخسيس ومرة بإغفال أسمائهن، اغتيال مادي يحرمهن من الحياة واغتيال معنوي يحرمهن من الذكرى ، فاجعة اجتماعية يرتكبها المجتمع إزاء المرأة بإقصاء اسمها الذي يعتبرونه عاراً وسُبّة، انسياقاً لتقاليد وأعراف هي محض عنصرية راسخة وإقرار بتدني مكانة المرأة وتبعيتها : كريمة فلان ،عقيلة فلان ، شقيقة فلان، والدة فلان وفلان ، تبقى المرأة حتى في موتها شهيدة مع الرجال ممحوة من ذاكرة المجتمع وعنصرية الذكور.
فاجعة الكرادة.. عنصرية ذكورية ولاعزاء لسيدات الحياة
[post-views]
نشر في: 16 يوليو, 2016: 09:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 1
Faris H. Amana
تحية لك زميلتي القديمة وسيدتي الراقية بكتاباتهادوما .. ذكرت جانبا من مضمون مقالك في مقالي المعنون نساء فقدن اسمائهن المنشور عام 2013 على الرابط التالي http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=377165