TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هل يلعب الصدر آخر أوراقه؟

هل يلعب الصدر آخر أوراقه؟

نشر في: 16 يوليو, 2016: 06:22 م

تتداول الأوساط السياسية هذه الأيام، حقيقة مفادها أنّ زعيم التيار الصدري استنفد أوراقه عندما اقتحم أنصاره المنطقة الخضراء في نيسان وأيار الماضيين، لكن ذلك لم يؤدّ إلى الإصلاح الصدري المنشود.
هذه الرؤية تكتسب صدقيتها من جهة تحليلية فقط، لكنها تنطوي على بعد خطير من ناحية سياسية.
فالمراقبون أشّروا منذ انطلاق الحراك الصدري افتقار الأخير إلى برنامج واضح، فضلا عن فشله في بناء تحالف سياسي يساعده على إطلاق موجة تغيير داخل النظام القائم، لا بل هو الآن يعاني من عزلة خانقة لا يبدّدها تحالفه الشكلي مع بعض الأصوات المدنيّة في الشارع.
الصدر وجمهوره بدوا مهتمين باستعراض القوة أكثر من تبنّيهم رؤية إصلاحية قابلة للتطبيق، وقادرة على كسر الجمود والانغلاق الذي تعاني منه العملية السياسية. هكذا يقول المحللون.
لكنّ تبنّي هذه الرؤية من قبل الكتل والأحزاب السياسيّة لا يعدُّ مؤشراً طيباً في أيّ حال من الاحوال، لأنها ببساطة تكشف عن حجم الهوة بين الساسة والمجتمع، كما تكشف عن عدم وعي وإدراك لخطورة الغليان الاجتماعي الذي يغذيه التيار الصدري بحضوره وتحشيده المتواصلين منذ انضمامه للحراك الشعبي قبل اكثر من عام.
فالكتل السياسية المتحاصصة والمتورطة بفساد وإفساد النظام السياسي، يحلو لها استعارة ما نكتبه كصحفيين وترديده، متناسيةً دورها في تنفيس الاحتقانات الاجتماعية، ونزع فتائل التوتر التي تغذي السخط الشعبي منذ 2011. لكنّ هذه الكتل والاحزاب فشلت إلا في ترسيخ جذورها على حساب الدولة ومواردها، وعلى حساب المواطن الذي يجد نفسه في متاهة سياسية تؤدي لذات الاحزاب وذات الرموز!
وبالعودة الى الحراك الصدري، فانه بالفعل فقد الكثير من أوراق التأثير التي كانت بيده، وآخرها ورقة كتلته النيابية التي غاب صوتها عن المشهد لصالح حضور "المعاون الجهادي" لزعيم التيار الصدري والمقربين منه. فلم يكن من الصواب تهميش كتلة برلمانية لها وزنها في البرلمان، وهي تمثّل دستورياً وقانونيا مطالب الشارع الصدري في مؤسسات الدولة العراقية.
ورغم ذلك، وخلافاً لما يتداوله المحللون وبعض الساسة، وخلافاً لما يعتقده حتى الصدريون أنفسهم، فإن الصدر يمتلك ورقة أخيرة ورابحة، وبإمكانه استخدامها لتحقيق أهداف حراكه، وهي ورقة "الحوار الوطني" الذي يجب ان يكون شاملا لكل المكونات السياسية والاثنوطائفية، من دون شروط مسبقة.
حتى الآن، فقد استخدم الصدر شتى وسائل الاحتجاج السلمي، الذي يعلن مرارا تمسّكه به حتى النهاية، لكنه لم يحقق إنجازاً ملحوظاً سوى استمرار حراكه بوتائر متباينة. لكنّ ذلك ينطوي على مخاطر قد تدفع أتباع التيار الصدري وحلفاءه من المتظاهرين لتبنّي خيار العنف الذي اقتربوا منه خلال اقتحام الخضراء خلافاً لرغبة زعيمهم نفسه.
لكنَّ ورقة "الحوار الوطني"، والحال هذه، تصطدم بعدم وجود سقف محدد لمطالب الصدر. أو فلنقل تصطدم بالسقف العالي لمطالب الصدر، التي يلخّصها بالسعي لكسر المحاصصة من دون بيان آليات ذلك، ومن دون طمأنة الشركاء في الوقت ذاته.
إلا ان ما يؤهل الصدر للعب هذه الورقة، هي الأجواء المؤاتية التي نشهدها، بعد قرار المحكمة الاتحادية بإلغاء جلستي البرلمان في نيسان. وتصفير المشهد السياسي بإعادته الى ما قبل مشروع "التعديل الوزاري الجوهري" الذي أطلقه العبادي في شباط الماضي.
وخلافاً لجميع الأطراف، فإن الصدر بات يتعكّز على جمهور منقاد له، ومطيع لتوجيهاته، بشكل لا نجده عند غيره، كما أنّ حراكه يلقى صدىً لدى فئات من خارج جمهوره ساخطة على مجمل الاوضاع. يضاف الى ذلك، فإن الحراك الصدري وضع الكتل السياسية في زاوية حرجة في مواجهة الشعب العراقي من خلال إصراره على محاربة الفساد وكسر المحاصصة.
وبتقديري فإن الصدر الآن، مؤهّل لترتيب طاولة حوار وطني يجتمع حولها كل الأطراف التي تمتلك بدورها رؤية خاصة عن إصلاح النظام السياسي، ومستقبل الشراكة في إدارة البلاد، والدور الذي يجب ان يلعبه العراق في المنطقة بعد فراغه من داعش.
أمام الصدر فرصة ذهبية لاستعادة رصيده السياسي، بل مضاعفة ما خسره خلال الفترة الماضية، عبر تبنّي هذا الخيار وإحراج الجميع وجرّهم جرّاً لما يريد من دون الحاجة إلى "اقتحام" أو "انقلاب" أو استعراض زيتونيّ.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بايدن: اتفاق غزة بات أقرب من أي وقت مضى

خرائط وبيانات ملاحية ترصد 77 خرقاً "إسرائيلياً" لأجواء أربعة دول عربية منذ تهديد إيران

مشعان الجبوري يخاطب "السيادة": اعتذروا والا

أمر قبض ومنع سفر لـ"زيد الطالقاني"

برلماني يكشف آخر مستجدات منصب رئيس البرلمان

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

قناطر: في قراءة قانون الأحوال الشخصية

قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959

الدولة لا الاحكام الظنية من تضع للاسرة تشريعاتها

العمودالثامن: لماذا يطاردون النساء ؟

العمودالثامن: من الشبيبي إلى رشيد الحسيني

العمودالثامن: من الشبيبي إلى رشيد الحسيني

 علي حسين لم يكن الشيخ محمد رضا الشبيبي مجرد سيرة حافلة بالمواقف الوطنية، بل كتاباً غنياً لحقبة من الزمن الجميل، كان الشبيبي يريد دولة تقوم على العقل والأخلاق السياسية والاجتماعية وكرامة الإنسان، كان...
علي حسين

كلاكيت: عماد حمدي.. المسطول الذي رثى مسيرته

 علاء المفرجي إذا ما سلمنا أن الممثل عادة هو من صنع المخرج، فأن انطلاقة الفنان عماد حمدي كانت من تلك الفورة الكبيرة في السينما المصرية ومن نشاط المنتج (شركة أو افراد) التي كانت...
علاء المفرجي

قرنان من التشيع والحوزة في العراق.. من 1722 إلى 1922

علي المدن شاهدت الحلقة التي أعدها الأستاذ أحمد الحسيني على قناته في اليوتيوب وكان عنوانها (صراع قم مع النجف.. هل اقترب ظهور المرجع العراقي). وهي حلقة غنية بالمعلومات تنم عن جهد كبير بذله الحسيني...
علي المدن

الدولة لا الاحكام الظنية من تضع للاسرة تشريعاتها

هادي عزيز علي اعتمد الفقهاء المسلمون الاحكام الظنية التي تتسع فيها دائرة الاجتهاد اذ استنبطوا منه الحكم الشرعي من الدليل التفصيلي فيما لا نص فيه للوصول الى قواعد عملية تتعلق بادارة الشان العام بما...
هادي عزيز علي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram