TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > الثقافة والادب..في الوساطة ما بين العقاد وخصومه

الثقافة والادب..في الوساطة ما بين العقاد وخصومه

نشر في: 29 يناير, 2010: 04:56 م

بلند الحيدريقد تذهب الظنة الحسنة ببعضها الى ان ايمان عباس وحرية الفرد التي من ابرز مقوماتها الجهر بالرأي دون موارية او مداجاة والترفع عن "الذل والنفاق والغباء" قد اورده الى مواقف كان في غنى عنها، وعقد علاقاته بكبار جيله، "لان استكمال الحياة بحرية الفكر واجب لا شك فيه ولا حاجة به للبراهين،
ولانه لن يكون للامة الناهضة ما يحميها من خطر مزيفي القيم والمتاجرين بالسياسة، الا الفكر الذي يدحض دعاوى هؤلاء الناس ويفضح نياتهم، وقد تذهب الظنة بغير هؤلاء، الى ان عباس محمود العقاد ما سلم من عقد نفسية، ومنها انه لم ينل شهادة عليا كالكثيرين من دكاترة الادب في زمانه، وانه اذ كان يستعرض في العديد من مؤلفاته تاريخ العديدين من عظماء أمته، كان يسقط عليهم شخصيته ويخرج طموحه بطموحهم فيكبر من ظله على الارض، ويتعالى على من حوله، ويوسع من ثقافته الموسوعية، لينال بهم منهم ولنا ان ندركه في شيء من الحقيقة في كلتا الظنتين، وفي شيء آخر، ألب عليه خصومه واثار حفيظة الكثيرين من معاصريه ضده، ومن ذلك اراؤه في السياسة والقومية وجنوحه الدائم الى تبني مواقف اليمين العالمي، بحجة ما اتاحه الغرب للمفكر من حرية كانت الاساس الذي قامت عليه نهضة الغرب الحضارية والتي لابديل لنا عنها ، ومن ذلك ايضا ضعف حسه القومي العروبي، الذي مد بخصوماته الى خارج مصر والى العديد من البلدان العربية، فيقول عنه الناقد والكاتب اللبناني مارون عبود "1885-1962" ساخرا ومتهكما: "اما العقاد، فمن شيعة الراي الاول، حاول ان يصور مصر الجديدة فلم يصور شيئاً، وكيف يصور من لاقبل له بالالوان التي تخلق الشعر القومي، وما برهانه على انه شاعر مصري، الا اغفاله كلمة عرب في دواوينه ، أجل ذكرها مرة واحدة واعتذر يوم رثى حافظ ابراهيم –وحي الاربعين ص 172 ، كانما العروبة والادب المصري ضدان لايجتمعان، ومما لاشك فيه ان اسلوب العقاد النقدي ضد مناوئيه و المتميز بالعنف والقسوة دفع بالاخرين الى ان يكيلوا له الصاع صاعين، وبلغة ربما كانت اشد قسوة، وقد تتبذأ وتتبذل في بعض الاحيان، وحسبنا ان نذكر من بين اعتى خصومه، مصطفى صادق الرافعي "1880-1937". وكتابه "على السفود" الذي اصدره غفلا من توقيعه، وفي ذلك ما نحتاج به ضد الرافعي، ويبقى صحيحاً ما يقول به المرحوم محمد مندور عندما يصف العقاد بأنه واحد من "اولئك النفر القليل الذي يصح ان يقال فيهم، مثلما قيل في المتنبي: من انه ملأ الدنيا وشغل الناس واثار الصداقات والعداوات، وخاض المعارك في شجاعة وصلابة، وان يكن عنف خصومه، قد ارث له من العداوات ما اضعف من قوة تأثيره في عصره وضيق من رفعة ذلك التأثير، وبخاصة في خصوماته التي لا تقوم حول قضايا ادبية او ثقافية، بل حول آراء ومذاهب سياسية". واذا كان الدكتور طه حسين قد عالج في نقده الادبي، النصوص بمعزل عن شخصية كاتبه، واذا كان غير طه حسين قد اعتمدوا الاصول النقدية المتوارثة في الايقاع واللغة ، او اعتمدوا النقد العلمي، فأن للعقاد ما كان يفرده في اسلوبه النقدي الذي يقوم على دراسة النص من خلال كاتبه، وان لاي ادب جدير بالاهتمام ما لم يكن لشخصية كاتبه حضور فيه، بل وحضور مكثف، فأن افتقدناها، فلن يكون له ما يميزه، وانه يلوك كلام الذين سبقوه ، واذا كان المقاس في هذا القول صحيحاً، وربما يكون ضروريا، فان العقاد لم يكن دائماً على كثير حق في استخدامه، خاصة عندما يتعرض به لنقد شعر احمد شوقي "1868- 1932" وبشيء كثير من التحامل كقوله: "لم يكن لشوقي كما سبق ان قلنا، شعر يدل على مزية نفسية، او صفات شخصية، لايجاري فيها الاخرين، او لا تتكرر في النسخ الادمية الاخرى تكرر المنقولات والمحكيات والمصنوعات وهذا نقص ظهر في ابواب شعره كلها. فلا فرق بين حديثه وقديمه ، ولا بين الموضوعات العامة والخاصة، لو كانت مدائح او مراثي اشخاص متعددين". والعقاد الذي يحسن الصنع في سن قلمه، ويشحذ ذهنه بالامثلة التي ينال بها من شعر شوقي، بصفته شعرا لا شخصية فيه، وشعر صانع حاذق لا شعر شاعر مطبوع، يتسمح مع غير شوقي، ممن يكن لهم الود، وقد يتغاضى عن التساؤل عما في شعرهم من شخصية تدل عليهم، وتمايزهم بشيء من خصوصياتهم، وكان في مقدمة هؤلاء الشعراء حافظ ابراهيم 1872- 1932 ، الذي صرف العقاد بعض همه في الادلال على حذاقته اللغوية، والادلال على اهميته كشاعر اجتماعي اجاد كل الاجادة في التعبير عن المشاعر الوطنية واشكالات الواقع الاجتماعي المصري انذاك، متجاوزاً مقاساته "في الخصوص والامتياز والاستقلال بشعور هو شعوره وحده وليس بشعور الآخرين" ونراه عند ذاك قريبا من اصول النقد المتوارث، اذا ما مس احدهم بما يؤخذ عليه فان مبضعه لن يغور عميقاً حتى العظم كما يفعل مع احمد شوقي، فاسماعيل صبري 1855 -1923، شاعر متميز وان "شعره لطيف لاتعمل فيه، ولكنه كذلك لا قوة فيه ولا حرارة، ونقده بصير عارف بالزيف كله، ولكنه غير بصير ولا عارف بالصحة كلها، واثره في تهذيب الاطواق ونفي ما كان فاشياً من زيف التشبيه وفساد الخيال، اثر واضح لا ريب فيه، ولكنه بعد هذا اثر محدود بذلك النطاق المرسوم"، واننا لو جمعنا وطرحن

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram