الاعتقاد العراقي السائد عن شهر تموز، بأنه لن يمر من دون ان يترك بصمته في سجل الأحداث في الساحتين المحلية والدولية ، وعلى خلفية الانقلاب العسكري في تركيا ، استنكر رئيس مجلس النواب سليم الجبوري المحاولة الانقلابية، مؤكداً ضرورة احترام الشرعية الدستورية والقانونية في تركيا. فيما نقلت صفحات التواصل الاجتماعي مواقف لنواب في قوى سياسية مشاركة في الحكومة الحالية عبرت عن تأييدها لحركة العسكر ، ووصفتها بأنها جاءت ردة فعل لسياسية الرئيس التركي المتمثلة بإرسال قوات بلاده الى العراق وجعل بلاده ممراً لدخول عناصر تنظيم داعش الى سوريا ثم العراق. المواقف الدولية كانت داعمة للشرعية في تركيا ، لذلك لم يترك شهر تموز بصمته في تركيا ، بعد ايام قليلة سيمثل الانقلابيون العسكر الأحياء أمام المحكمة لتقدم أنقرة درسا بليغاً لمن يحاول تكرار المحاولة .
بعد ساعات من بث البيان رقم واحد التركي، استجابت الجماهير لدعوة اردوغان للدفاع عن الشرعية ، نزل أنصاره الى الشارع فحسمت القواعد الشعبية للحزب الحاكم الموقف لصالح الرئيس التركي فأنقذته من عواقب وخيمة ، كان يتمناها أعداء اردوغان بوصفه أحد السلاطين العثمانيين أصحاب نزعة فرض النفوذ العثماني في المنطقة .
حركة العسكر في تركيا يراها من يؤمن بنظرية المؤامرة محاولة يقف وراءها اردوغان نفسه لتصفية خصومه العسكر من كبار الجنرالات ، والتعرف على الموقف الدولي ، خاصة الولايات المتحدة . يبقى القول في إطار التحليل ، ولكن الأحداث في تركيا بعثت برسالة الى دول المنطقة تفيد بأن صفحة الانقلابات العسكرية مازالت قائمة تهدد حكام الأنظمة ، ولابد من بلورة اتفاق موحد للحفاظ على السلطة بشتى الوسائل حتى ان تطلب ذلك التحالف مع الشيطان .
سيطرة الحزب الحاكم على السلطة في تركيا على مدى السنوات الماضية ، منحته خبرة كافية لمواجهة الانقلابات ومحاولات التغيير، فضلا عن ذلك توسيع قاعدته الشعبية الإخوان المسلمين ولكن بنموذج مقبول محليا .
في كل الأحوال فإن "تموز التركي" قدم خدمة مجانية لحكام المنطقة العربية بأن يعيدوا حساباتهم ، واول من استجاب رئيس مجلس الوزراء العراقي حيدر العبادي بعقد اجتماع فوري عاجل مع وزراء الدفاع الوطني ،لبحث الاوضاع في الدول الجارة ، اما التفاصيل الاخرى فظلت في طيّ الكتمان ، اثارت فضول من يبحث عن الخفايا ، لفشلهم في الحصول عن معلومة واحدة حول تفاصيل الاجتماع الفوري العاجل ، فمنحوا المخيّلة وضع سيناريوهات لتنفيذ انقلاب عسكري في العراق قبل ان تنقضي ايام شهر تموز بما يحمل من مفاجآت لاتخطر على البال والخاطر .
المسؤولون في تركيا سيضعون شهر تموز بحساباتهم ، اما العراقيون فمازالوا يشعرون بالقلق من امكانية تنفيذ انقلاب عسكري محتمل ، على الرغم من امتلاكهم قواعد شعبية مزودة بأسلحة حديثة ، اللهم اجعل شهر تموز يمر بسلام ، حتى نتفرغ لتحقيق الإصلاح .
تموز بمقياس ريختر
[post-views]
نشر في: 17 يوليو, 2016: 09:01 م