يرحل الفنانون ، إلا أن فنونهم تبقى على قيد العرض والمشاهدة والمتابعة ، فيثرونا هم بفنونهم ونبخل نحن بتكريمهم في حياتهم ، وهذه هي المفارقة التي لايزال يعاني منها المثقف والفنان والمبدع والمفكر في وطننا ، فقيمة إرثهم لاتقدّر إلا بعد غيابهم الأبدي
يرحل الفنانون ، إلا أن فنونهم تبقى على قيد العرض والمشاهدة والمتابعة ، فيثرونا هم بفنونهم ونبخل نحن بتكريمهم في حياتهم ، وهذه هي المفارقة التي لايزال يعاني منها المثقف والفنان والمبدع والمفكر في وطننا ، فقيمة إرثهم لاتقدّر إلا بعد غيابهم الأبدي .
وكمبادرة من بعض المؤسسات الثقافية التي تدرك قيمة الفنان والمثقف العراقي ، قام الملتقى الاذاعي والتلفزيوني في العراق بإقامة حفل تأبيني للفنان المسرحي الراحل فاضل القزاز وذلك مساء يوم السبت الفائت على قاعة الجواهري في مقر الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق .
جلسة طغى عليها طابع الحزن ، ليس بسبب رحيل القزاز فحسب ، فنحن نعلم أننا قادمون لهذه الحياة لنرحل عنها يوماً ما ، إلا أن الألم يكمن بأن يرحل البعض مهملاً منسياً متروكاً دون كلمة شكر ، أو موقف امتنان لعطائه ، وهكذا رحل القزاز . في جلسة أدارها رئيس الملتقى د. صالح الصحن ، والذي افتتحها بوقفة لقراءة سورة الفاتحة على روح الفقيد وأرواح شهداء العراق ، وقال خلالها :"رغم الظروف التي حلت بنا وجعلت الخوف رفيقنا على الدوام لأننا نجهل ما قد يحدث على مدى الساعة ، لكن الاصرار يتضح في وجوه الحاضرين اليوم ، وهذا قد يتجلى باعتزازهم بالراحل ."
ويضيف الصحن قائلاً "إن القزاز هو استاذ الفن ليس على المسرح فقط بل في معهد الفنون الجميلة وفي أكاديمية الفنون كذلك ، درس التصوير والديكور المسرحي وله الكثير من الاعمال التي لا تقل عمّا يقارب الخمسين عملا ."
وأكد الصحن "أن لفاضل القزاز لغة اخراجية خاصة ، وقد عمل في تصاميم الكثير من المسرحيات من بينها "النصيحة" ، التي استخدم فيها اجزاء حقيقية من الشجر ووظفها وصممها بما يلائم ويوافق العمل المسرحي و كذلك مسرحية "العطش" ، التي اخرجها عبد الوهاب الدايني والتي لم تكن العمل الأول له مع الدايني بل تلاها الكثير من الاعمال ."
البعض لم ينفك عن العتب الشديد لإهمال الراحل في حياته ، حيث يذكر المخرج عبد الوهاب الدايني قائلاً " كثيراً ما يُنسى المبدعون ، فهم كالجندي العظيم في ساحة القتال يقاتل ويعطي افضل ما لديه ، ولكن الانتصار يحسب للقادة الكبار الصعالكة وهذا أمر محزن بحق ، فعطاء القزاز كبير وثري ولكنه للأسف منسي ."
وأضاف الدايني "حين هاجر القزاز الى روسيا كان هدفه أن يكون مخرجاً ، لكنه اخبرني أنه حين وصل إلى هناك وجد كثيرا من المخرجين وكثيرا من الممثلين لكنه لم يجد مصممي ديكورات المسرح والسينوغرافيا ، وقبل ظهور السينوغرافيا عمل القزاز تصميم المسرح من ضمنه الاضاءة ، وقد اشتغلت كل اعمالي معه عدا عمل واحد وهو " بهلوان اخر الزمان " الذي اشتغلته مع المصمم فاضل حيدر ."
بدوره ، ذكر الفنان فخري عرب قائلاً "لم أكن تلميذاً للقزاز إلا أنني تعلمت منه الكثير فأجده جديراً بلقب معلمي ."
ويؤكد عرب قائلاً " لم تصل السينوغرافيا إلى المسرح العراقي في بدايات ظهورها إلا بعد فترة من الزمن ، لكن ما ميز القزاز انه اشتغلها من ضمن التصميم نفسه ، كما أنه اشتغل الديكورات بكل انواعها وبجوانب متعددة ."
وأشار قائلاً "نحن لم نخسر شخصا مثل القزاز الذي لايزال في قلوبنا وأذهاننا بما قدم من فن وأبدع به ، وأجاده وامتاز به ، بحق هو فنان كبير ومدرسة تصميم خاصة ."