التحرك البرلماني الاخير لتفعيل عمل لجنة التعديلات الدستورية ، جاء بعد سبات طويل استمر ثلاث دورات تشريعية . القوى السياسية الممثلة في مجلس النواب، تتحمل مسؤولية تعطيل انجاز استحقاق مهم خضع للمماطلة والتسويف ، فأثبتت بالدليل القاطع الملموس أنها غير معنية بإرساء أسس بناء الدولة بقدر اهتمامها بمكاسبها.
مع دعوة رئيس البرلمان سليم الجبوري الموجهة الى الكتل النيابية لتسمية مرشحيها لعضوية اللجنة ،عادت حليمة الى عادتها القديمة بذلك الطاس وهذا الحمام . ستخضع اللجنة الى التحاصص على وفق النسب الثابتة المخصصة للكرد والشيعة والسُنة ، اما الرئيس فسيتم اختياره بالتوافق ، ثم على بركة الله تبدأ عملية تعديل المواد الدستورية في حال توفرت اجواء سياسية وأمنية مستقرة تساعد اللجنة على تحقيق المعجرة ضمن سقف زمني محدد غير خاضع للتأجيل.
تعديل الدستور يتطلب تصويت البرلمان ، ثم عرضه للاستفتاء بوجود فيتو لثلاث محافظات من حق سكانها رفض التعديل فتنتصر "حليمة " على الارادة الشعبية . قبل الوصول الى هذه المرحلة ، وطبقا للتقليد السائد في مجلس النواب لابد من تحقيق اتفاق بين الزعماء السياسيين ورؤساء الكتل لحسم النقاط الخلافية، لعلهم يتوصلون الى تفاهم مشترك بساعة رحمانية لانهاء جدل استمر سنوات كان سببا في اثارة ازمات سياسية مستعصية لم تعالجها الرغبة في الاصلاح ، وتواقيع الموقعين على وثائق الشرف .
يقال ان الدستور يحتوي على ألغام قابلة للانفجار في اي وقت ، بحسب بعض القوى المشاركة في العملية السياسية . بصرف النظر عن صواب او خطأ هذا القول ، اهتمت الكتل النيابية في الدورات التشريعية السابقة بقضية ترتيب حضورها في السلطة التنفيذية ، وحذرت من انفجار ألغام الدستور وكأنه حزام ناسف يرتديه انتحاري حين تشعر بأن هناك من يهدد مصالحها ، على هذا الإيقاع من الأداء السياسي، خسر العراقيون ثماني سنوات من اعمارهم ، منذ صوتوا لصالح الدستور على امل تعديل مواده بالحوار والتفاهم ، وليس بطريقة عمل رشاشة الكلاشنكوف بقوة الغاز ونابض الإرجاع.
المشككون بإمكانية مجلس النواب بكتله الحالية في تحقيق التعديلات الدستورية طرحوا مقترحات فنطازية لإنجاز المهمة بالاستعانة بخبراء وشخصيات مستقلة تتولى كتابة دستور جديد ، او استيراد نسخة من الخارج تلائم الأجواء العراقية ، على غرار استيراد سيارات السايبا الايرانية ، او تكليف العشائر بحسم الموضوع بطريقتها الخاصة باعتماد السنن والإعراف السائدة. يبدو المقترح الاخير في ظل الأوضاع الراهنة هو الخيار الوحيد المتاح ، بشرط ابعاد رجال الدين من التدخل في الشأن الدستوري ، ومثل هذا القرار ، أي إبعاد رجال الدين ، يحتاج الى شجاعة المرحوم "خلف العودة" عندما رفض تدخل احد رجال الدين لحل نزاع بين ابناء عمومة المرحوم وقال : "مولانا طلابتنا احنا نحلها وهذا نص دينار يرجعك للولاية " . هل يستطيع البرلمان تحقيق المعجزة ويحل "طلابة "الدستور ؟؟
دستور ناسف
[post-views]
نشر في: 19 يوليو, 2016: 09:01 م