أثار القرار الذي اتخذته الصحيفة الإيطالية اليومية (الجورنال) بإعادة نشر كتاب (كفاحي ) للزعيم النازي ادولف هتلر جدلاً كبيراً ، واعتبر البعض إقدام مالكها (باولو بيرلسكوني) ، شقيق رئيس الوزراء الايطالي السابق على هذا القرار لعباً بالنار على اعتبار انه ي

أثار القرار الذي اتخذته الصحيفة الإيطالية اليومية (الجورنال) بإعادة نشر كتاب (كفاحي ) للزعيم النازي ادولف هتلر جدلاً كبيراً ، واعتبر البعض إقدام مالكها (باولو بيرلسكوني) ، شقيق رئيس الوزراء الايطالي السابق على هذا القرار لعباً بالنار على اعتبار انه يعمل على نشر العمل العقائدي للزعيم الاشتراكي الألماني ..

صحيفة الفيغارو الفرنسية أجرت حواراً مع مارك لازار ، رئيس مركز تاريخ العلوم السياسية المتخصص في الشأن الايطالي لتحليل القرار المثير للجدل ، فمنذ ان اصبحت حقوق اعادة طبع كتاب (كفاحي) شأناً عاماً ، ازدهرت الخلافات في مختلف الدول الاوروبية وأحدث القرار الايطالي ضربة قاصمة لايطاليا ،حيث دان ماثيو رينزي  الرئيس التنفيذي الحالي وممثلو الجالية اليهودية الايطالية هذا القرار على الفور ووصفوه بأنه قرار شائن وهجومي ...من جهته ،عمل مارك لازار على تسليط الأضواء عليه في حواره مع صحيفة الفيغارو الفرنسية :
الفيغارو : كيف تفسر قرار صحيفة الجورنال بنشر كتاب (كفاحي ) ؟
لازار : اعتقد بأن هذا القرارعبارة عن حملة تجارية وعملية تسويق أساسا ، ولايخلو ذلك من وجود هدف محدد والهدف هنا هو اثارة الجدل وربما جني المال في الوقت ذاته ..من هنا ، يمكن إدانة القرا واعتبار الصحيفة تلعب بالنار !!
الفيغارو : من المستحيل اذن نشر نص تاريخي يروج للافكار الخطيرة ؟
لازار : لقد كانت لتلك الافكار عواقب وخيمة في المانيا وفي اوروبا قبلها خلال وبعد الحرب العالمية الثانية فهو لايعتبر نصا غير ضار ..أنا لست ضد اعادة طبع كتاب (كفاحي ) ،ولكن بشرط أن يكون خاضعا للنقد التاريخي ..وقد تم نشره هذه المرة بدعم من مؤرخ معروف بأفكاره الفاشية الايطالية  هو فرانشيسكو بيرفيتي ، وتم اختيار النسخة التي تم اعتمادها في المانيا من قبل معهد التاريخ المعاصر في ميونخ وهو اكبر مركز لتاريخ النازية ، اما المؤرخون الذين يمتلكون وجهة النظر فتقع عليهم مسؤولية العمل بدقة واتباع كافة القواعد الفنية ..
من جهتها ، تؤكد صحيفة الجورنال بأنها فعلت ذلك لتحقق هدف (المعرفة من أجل الرفض ) ويمكن تصديق ذلك لأن هذه الصحيفة اليومية التي يمتلكها باولو بيرلسكوني شقيق رئيس الوزراء الايطالي السابق لايمكنها ان تتهاون مع النازية او ان تكون معادية للسامية ، وعلينا ان نتذكر دائما بأن بيرلسكوني ، وفي كل مرة وصل فيها الى السلطة ، كان يتبنى موقفا مؤيدا لاسرائيل بقوة وكان مقاطعا للديبلوماسية المؤيدة للعرب بشكل تقليدي كبلاده ..لكن مايثير الجدل في هذا الأمر هو طريقة النشر فقد كان نشر (كفاحي ) بشكل واسع ودون ان يطلب احد رأي القراء أمراً صادماً فليس شراء الصحيفة لقراءتها كعادة يومية يشبه بأي حال من الأحوال التوجه الى مكتبة كلاسيكية او رقمية لمطالعة الكتاب ..
الفيغارو: هل تجعل قصة (موسوليني) الفاشي الايطاليين اكثر حساسية لهذا الاصدار ؟
لازار : منذ ان اعيد نشر هذا الكتاب من قبل صحيفة الجورنال ، لم تكن هناك علاقة مابين كونه كتاباً نازياً ومابين الفاشية ، فردود الفعل الأولى كانت سياسية جدا ، اذ دان ماتيو رينزي هذا الاصدار بقوة تماما كما فعلت الجالية اليهودية الايطالية الصغيرة ، ويجب ان نضيف ايضا بأن ميلان تعيش حاليا فترة حملة انتخابات البلدية ، وقد اشار وسط اليسار الى ان الصحيفة دعمت مرشح اليمين المعتدل ستيفانو باريزي مشددين بطبيعة الحال على الروابط الموجودة بين باولو برلسكوني واليمين الوسط ..وفي رأيي ، فان المنظور التاريخي اكثر اهمية ، فمنذ 15 عاما ، أعاد المتخصصون وجهة نظرهم التقليدية حول الفاشية ومعاداة السامية ..ففي السابق ، لم تكن الفاشية معادية للسامية بل بدأ ذلك انطلاقا من عام 1938 ، مع القوانين التي سنها موسوليني ، لكنها لم تكن ذات تاثيرات كبيرة لأنها جاءت كنتيجة طبيعية للتلوث النازي ..وقد اظهرت الابحاث ان هذه القضية كانت اقل اتعقيدا واكد المؤرخون ان هناك عنصر ذاتي عميق وحقيقي لمعاداة السامية من قبل الفاشية الايطالية ..
الفيغارو: وهل حافظ كتاب (كفاحي ) على قوة التوجيه وغرس العقائد ؟
لازار:يمكن اعتبار كتاب (كفاحي ) بالنسبة لأوروبا مثل عودة الى الحركات الشعبوية فالبعض ليس لديه موقف مؤيد للنازية لكن هناك آخرون قريبون جدا منها كاليونان واوروبا الوسطى ..فهناك شعور لاحياء مشهد مأساوي في التاريخ ونحن ندرك بانه لن يتكرر بنفس الطريقة ولكن يوجد هناك سياق هذه الايام للانكفاء وكراهية الأجانب والعنصرية ومعاداة السامية التي تضاعف ايضا من حجم القلق من الموضوع ..
ويقدم كتاب (كفاحي ) شرحاً للسيرة الذاتية للزعيم النازي ادولف هتلروتفصيل كامل لنظرياته النازية وقد نشر المجلد الاول منه عام 1925 ، والمجلد الثاني عام 1926 ، وقام بتحريره برنارد شتميفل.