منذ أعوام ومديرية المرور العامة في بغداد ومديرياتها في المحافظات تحاول الحدّ من حوادث السير، بلا فائدة حقيقية فالمتوسط العام ما يزال مرتفعاً، ونتحدث عن آلاف الإصابات والوفيات في كل عام ’ واخيراً مجزرة الكوت التي راح ضحيتها اكثر من 20 شخصا في حا
منذ أعوام ومديرية المرور العامة في بغداد ومديرياتها في المحافظات تحاول الحدّ من حوادث السير، بلا فائدة حقيقية فالمتوسط العام ما يزال مرتفعاً، ونتحدث عن آلاف الإصابات والوفيات في كل عام ’ واخيراً مجزرة الكوت التي راح ضحيتها اكثر من 20 شخصا في حادث مروع لعجلتين كانت تسيرا بسرعة فائقة .
ربما يتذكر كثير من المواطنين الاجتماعات والورش والندوات التي تقيمها مديرية المرور العامة وبرامج تلفزيونية للتوعية المرورية بشأن توعية المواطن للحد من حوادث المرور لكن النتائج بالرغم من تلك الجهود المبذولة ، لم تكن نوعية، ثم عادت الأمور إلى ما كانت عليه .
لا يوجد خيار آخر للحدّ من السلوك غير المنضبط والمخالفات الهائلة إلاّ عبر تشديد العقوبات والمراقبة، لتكريس الثقافة الجديدة. ليس ذلك فحسب، بل من الضروري أيضاً التشدد في العقوبات غير المالية أيضاً، وتحديداً تجاه المخالفات الخطرة التي تنجم عنها حوادث قاتلة على الطرقات.
ويكفي النظر إلى بعض الأرقام التي اصدرتها مؤخرا مديرية المرور العامة عن حوادث السير في العراق ، لنكتشف أنّنا نخوض حرباً حقيقية أخطر من الحرب على الإرهاب بآلاف المرّات، في حيثياتها ونتائجها. فالعراق من أعلى دول العالم في حوادث السير، سواء على صعيد العدد أو الإصابات والوفيات.
وعند مقارنة العقوبات المترتبة على المخالفات في العراق ، بأوروبا أو الولايات المتحدة الأميركية أو أي دولة في العالم تحترم القانون والنظام، سيجد أنّها مخففة عندنا، سواء على صعيد الغرامات المالية أو حتى العقوبات الأخرى. وذلك، بحد ذاته، سبب رئيس ومباشر لحالة عدم المبالاة وغياب الاكتراث من قبل المواطنين والسائقين إزاء الوقوع في المخالفات والاستهتار بالقيادة، ما يؤدي إلى حجم كبير من الحوادث والكوارث الإنسانية المترتبة على ذلك.
اذن فلتكن عقوبات مشددة بتعديل قانون المرور ، عقوبات مشددة ! نعم هي كذلك لكن في النتيجة ، لا بد من بناء ثقافة جديدة تحدّ من حالة الاستهتار الحالي ومن اللامبالاة. وهذه الثقافة تبنى عبر احترام القانون والأنظمة، ثم تتحول إلى سلوك يومي، فلا يحتاج الإنسان بعد ذلك إلى رقيب فوق رأسه ليضع حزام الأمان، ولا إلى النظر فيما إذا كان هنالك شرطي موجود كي يصطف بطريقة خاطئة أو يتفنن في تحاشي السيارات على الطرق ولو كان لديكم طريقة أخرى أفضل، فأنقذونا بها .