TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مَـن يذكره؟!

مَـن يذكره؟!

نشر في: 24 يوليو, 2016: 09:01 م

قبل سنة ، في الواحد والعشرين من تموز عام ٢٠١٥، في غبش يوم ثقيل ، لفظ المعماري محمد مكية أنفاسه الأخيرة في المغترب ، وكانت آخر وصاياه :لا لتشييد صرح من مرايا ومرمر لتخليده ، ولا لنحت تمثال يُجسد منجزاته ، ولا ، ولا ، بل كانت آخر نبض في شرايينه …. بغداد .
أوصيكم ببغداد ، إستمعوا لنجواها ، إصغوا لصوتها ، تجدونه في ميس الشجر ، وهمسات سعف النخيل .في دفق ماء النهر، في الضحكات الصافية ، تجدونه في الطابوق ، في الخشب ، في زرقة الماء ، في سمرة وجوه الأهل ، أُطالب  بعودة ديوان الكوفة لمكانه الطبيعي  ببغداد،، سنوات عمري — التي شارفت المائة — لا تسعفني للقيام بالمهمة ، كلفت ولدي ( كنعان ) بالعمل معكم لتنفيذ هذي الوصية … بغداد جوهرة من جواهر العصر ، ربما تمرض حيناً ، ربما تمرض حيناُ ، لكنها لا تشيخ — ولا تموت — فزمن المدن العظيمة مغاير لتفسيرنا للزمن …. عندما غادرنا بغداد  مضطرين ، عرفنا إن بعضاً من  ذواتنا علق بها ، هناك بعيدا على ضفاف دجلة ، عبر الأزقة والمقاهي والشناشيل …. بعض من بغداد ظل فينا ، يتماوج بأحلامنا ، بطريقة تفكيرنا ، يتسلق مآذن  إنجازاتنا .. ليست كل المدن تزاول هذا الفعل ، بغداد تستطيع ، و…و..
كان ديوان الكوفة بلندن — صرحاً ثقافياً فنياً علمياً مرموقاً — ملتقي االنخب العراقية والعربية ، وكانت جدران  الطابق الثاني من المبنى معشوشبة   بنفائس الكتب والمخطوطات ، ويُقال — والعهدة على القائل — إن تلك النفائس ، التي لا تقدر بثمن ، خضعت لمطرقة المنادي في مزاد علني عبر مزاد  ( سوذبي ) الشهير ، الكائن بـ : نيو بوند ستريت ، في قلب لندن .
تلك الأضمامة الطويلة من قلائد  القداح التي ما غادرها شذاها العبق ،  كان الأولى بها ، أهلها لا الغرباء ، ومثابتها الأخيرة العراق ، لا دول الإغتراب .
منجزات محمد مكية كثيرة .. منها على سبيل المثال لا الحصر : جامع الخلفاء ببغداد . جامع السلطان قابوس في عُمان ، بوابة عيسى في البحرين ، مصرف الرافدين في الكوفة ، مقر جامعة الدول العربية في تونس . جامع الدولة الكبير في الكويت ،و……وشهادة التميز من ملكة بريطانيا .
الخلود والرحمة لمحمد مكية في ذكراه ، ووصمة عار  بجبين مَن يدَّعي حبَّ العراق ظلماً وعدواناً وبُهتاناً .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram