حكومة الأنبار المحلية تعيش خلافاً مزمناً ، زعماء القوى السياسية في المحافظة انقسموا الى ثوار خنادق وفنادق ، ممثلو الانبار في مجلس النواب معظمهم يقيم في العاصمة عمان ، بعضهم يدير من الخارج المعركة لصالح هذا الطرف ضد اللآخر ، المسؤولون المحليون جمعيهم بلا استثناء اصبحوا كتّاب عراض لتقديم طلبات الى الحكومة المركزية لغرض الحصول على دعم مالي لإعمار المدن المحررة تمهيداً لإعادة النازحين الى مناطق سكنهم . يوميا عبر شاشات الفضائيات العربية والعراقية، يطل احد اعضاء مجلس المحافظة ليتحدث عن مشاريع ستنفذ في غضون الأيام القليلة المقبلة ، ومنها انشاء منطقة حرة في قضاء الرطبة لتشجع حركة التبادل التجاري بين العراق والاردن تخصص مواردها المالية لإعمار مدن الانبار بالتحديد مدينة الرمادي ، مع وعود بإقامة مشاريع خدمية ضخمة تنفذها شركات عربية بموجب العمل بنظام الدفاع بالآجل.
حديث المسؤولين الأنباريين في الفضائيات حول مستقبل مدينة الرمادي ،سيجعلها نسخة من دبي : مطارات ، جسور عملاقة ، منتجعات سياحية ، تصدير الغاز الى دول الجوار ، انشاء مترو يربط أحياء المدينة ،هدية من اليابان الى أبناء الرمادي ، بعد الفاصل يظهر مسؤول آخر فينقل صورة مصخمة هي الاقرب الى الواقع : نسبة الدمار بلغت اكثر من تسعين بالمئة، الشركة البريطانية المكلفة بإزالة الالغام والعبوات اوقفت عملها ، منذ ثلاثة اشهر لم تتسلم مستحقاتها المالية ، الجامعة لن تعود الى مقرها الاصلي ، النازحون ينتظرون العودة الى مناطق سكنهم ، رئيس مجلس المحافظة صباح كرحوت سبق ان اعلن قرب عقد مؤتمر في الاردن لدعم صندوق إعمار الأنبار من الدول العربية .
قبل ان يصل دولار واحد من الأشقاء حصل انقسام داخل مجلس المحافظة لأسباب معروفة ، كل طرف يحاول ان يكون صاحب "موقف وطني" في خدمة أبناء محافظته . آخر المواقف الوطنية تمثل بكشف فضيحة تقدير الأضرار في الممتلكات الشخصية لبعض اعضاء المجلس . لجان الكشف قدمت3000 معاملة تعويض شملت منازل مسؤولين محليين واقاربهم من الدرجة الرابعة تشوبها حالات فساد فيما ينتظر النازحون تنفيذ الوعود لنصب خيم في منازلهم المدمرة.
الاوضاع الحالية في الانبار تحتاج الى رجال حكماء ، سواء من ثوار الخنادق او الفنادق لتشخيص المشكلة، وهي معروفة للجميع ، ثم التوجه نحو خطوات اخرى في مقدمتها تسوية الخلافات العشائرية وإطفاء نيران الثارات ، بخلاف ذلك ستبقى المحافظة تعيش أجواءً مشحونة بالقلق قد تكون سببا في عودة الجماعات الارهابية الى المناطق الرخوة ، نتيجة اتساع الخلاف السياسي.
المعروف عن محافظة الأنبار انها كانت بيئة مناسبة لنشاط المهربين" القجقجية" وهؤلاء يتمتعون بنفوذ وتأثير كبيرين ، استطاعوا بعلاقاتهم مع مسؤولين محليين نقل عدوهم اللدود العريف المرحوم مطر الشرطي مطلع عقد السبعينات الى محافظة كركوك ليتخلصوا منه ، المحافظة اليوم بأمسّ الحاجة الى خدمات المرحوم مطر لملاحقة نوع جديد من "القجقجية" يقفون وراء ترسيخ الخلاف الأنباري المزمن .
"قجقجي" الأنبار
[post-views]
نشر في: 24 يوليو, 2016: 09:01 م