العراق بعد عام 2003 انتقل من ممر لنقل المخدرات الى بلد سجلت محافظاته الوسطى والجنوبية نسبة عالية في تعاطيها ، طبقا لبيانات منظمات مدنية ومؤسسات معنية بمكافحة الظاهرة ، عزت أسبابها الى غياب الرقابة في المنافذ الحدودية ،فضلا عن دخول جهات متنفذة على الخط للحصول على مكاسب مالية قد تستخدمها ، والله اعلم ، في تغطية نفقات حملاتها الانتخابية .
الذاكرة الشعبية سخرت من متعاطي المخدرات او الحشّاشة متناولي الحشيشة ، فاستطاعت ان تكون رادعاً لمن يخوض المغامرة لغرض التجربة فيكون مسخرة ومضحكة، تلاحقه حتى يوم مماته . القانون العراقي سمح ببيع الخمور وافتتاح البارات والنوادي في أماكن محددة في بغداد والمحافظات ، وأدى ذلك الى انحسار او انعدام تعاطي المخدرات بكل أنواعها . في مؤتمرات وزارء الداخلية العرب طيلة السنوات الماضية ، كانت التوصيات تشدد على أهمية التعاون العربي المشترك لمنع دخول المخدرات من إيران عبر الأراضي العراقية الى دول الخليج ، الأشقاء الخليجيون تناولوا الظاهرة بمسلسلاتهم ، واستحدثوا مؤسسات لمعالجتها.
في إحدى دورات مهرجان المربد الشعري في ثمانينات القرن الماضي ، طلب إعلامي خليجي من زملائه العراقيين مرافقته الى شارع ابي نواس وقضاء سهرة على ضفاف دجلة لكتابة قصة عن ليالي بغداد ، نشرها في جريدة محلية ، كلفته المثول أمام جهة دينية في بلاده قضت بجلده بتهمة الترويج للرذيلة ، لكنه تخلص من العقوبة بتدخل شخصية متنفذة.
في الدورة اللاحقة لمهرجان المربد ، زار الإعلامي العراق ، فسرد لزملائه تداعيات نشر قصة شارع ابي نواس ، معرباً عن تمنياته في ان يبقى الشارع محافظاً على حضوره في حياة البغداديين ، لكن الأمنيات تحولت الى نظرة حسد ، وإذا كان بعض الخليجيين يقصدون البحرين بحثا عن ضالتهم ، ليس في وسع أبناء البصرة الوصول الى المنامة.
أصحاب القرار في مجالس محافظات الوسط والجنوب يختزلون الدفاع عن الحريات الشخصية بفتح البارات والملاهي وبيع الخمور ، سواء كانت من النوع المغشوش او بالمفرد المختوم ، القضية قد تبدو تافهة بنظر من شدد الإجراءات لمنعها حفاظاً على التقاليد والأعراف السائدة ، لكن المسؤول صاحب فرمان منع دخول الخمور وملاحقة شاربيها وبائعيها لم يشد حزامه لمنع تداول وتعاطي المخدرات ، مع معرفته التامة بمنافذ دخولها .
الدولة في النظام الديمقراطي تعتمد تشريعات تضمن حقوق وواجبات مواطنيها ، لايحق لأية جهة أخرى ان تصدر فرمانات بحسب مزاجها ، العقول المريضة تفسر دائماً الدعوات لإشاعة المظاهر المدنية دفاعاً عن شاربي الخمور ودعاة الرذيلة ، في يوم تنفيذ صولة الفرسان بمحافظة البصرة قال مستشار سابق في وزارة الدفاع إن الضمان الأكيد لاستقرار الأوضاع الأمنية في المحافظة بعودة المظاهر المدنية ، الرجل قال كلمته في حديث لإحدى الفضائيات ففقد منصبه بفرمان عاجل .
"المفرد المختوم" مشروب ومذموم في كل المجتمعات لكن خطورته مقارنة بالمخدرات قليلة نسبيا ، طبقا لتوصيات مؤتمرات وزراء الداخلية العرب.
"المختوم" مشروب مذموم
[post-views]
نشر في: 27 يوليو, 2016: 09:01 م