TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "المختوم" مشروب مذموم

"المختوم" مشروب مذموم

نشر في: 27 يوليو, 2016: 09:01 م

العراق بعد عام 2003 انتقل من ممر لنقل المخدرات الى بلد سجلت محافظاته الوسطى والجنوبية نسبة عالية في تعاطيها ، طبقا لبيانات منظمات مدنية ومؤسسات معنية بمكافحة الظاهرة ، عزت أسبابها الى غياب الرقابة في المنافذ الحدودية ،فضلا عن دخول جهات متنفذة  على الخط للحصول على مكاسب مالية قد تستخدمها ، والله اعلم ، في تغطية نفقات حملاتها الانتخابية .
الذاكرة الشعبية سخرت من متعاطي المخدرات او الحشّاشة متناولي الحشيشة ، فاستطاعت ان تكون رادعاً لمن يخوض المغامرة لغرض التجربة فيكون مسخرة ومضحكة، تلاحقه حتى يوم مماته . القانون العراقي سمح ببيع الخمور وافتتاح  البارات والنوادي في أماكن محددة في بغداد والمحافظات ، وأدى ذلك الى انحسار او انعدام  تعاطي المخدرات بكل أنواعها . في مؤتمرات وزارء الداخلية العرب طيلة السنوات الماضية ، كانت التوصيات تشدد على أهمية التعاون العربي المشترك لمنع دخول المخدرات  من إيران عبر الأراضي العراقية الى دول الخليج ، الأشقاء  الخليجيون تناولوا الظاهرة بمسلسلاتهم ، واستحدثوا مؤسسات لمعالجتها.
 في إحدى دورات مهرجان المربد الشعري في ثمانينات القرن الماضي ، طلب إعلامي خليجي من زملائه العراقيين مرافقته الى شارع ابي نواس وقضاء سهرة على ضفاف دجلة لكتابة قصة عن ليالي بغداد ، نشرها في جريدة محلية ، كلفته المثول أمام جهة دينية في بلاده قضت بجلده بتهمة الترويج للرذيلة ، لكنه تخلص من العقوبة بتدخل  شخصية متنفذة.
في الدورة اللاحقة لمهرجان المربد ، زار الإعلامي العراق ، فسرد لزملائه  تداعيات نشر قصة شارع ابي نواس ، معرباً عن تمنياته في ان يبقى  الشارع محافظاً على حضوره في حياة البغداديين ، لكن الأمنيات تحولت الى نظرة حسد ، وإذا كان  بعض الخليجيين يقصدون البحرين بحثا عن ضالتهم ، ليس في وسع  أبناء البصرة الوصول الى المنامة.
أصحاب القرار في مجالس محافظات الوسط والجنوب يختزلون الدفاع عن الحريات الشخصية بفتح البارات والملاهي وبيع الخمور ، سواء كانت من النوع المغشوش او بالمفرد المختوم ، القضية قد تبدو تافهة بنظر من شدد الإجراءات لمنعها حفاظاً على التقاليد والأعراف السائدة ، لكن المسؤول صاحب فرمان منع دخول الخمور وملاحقة شاربيها وبائعيها لم يشد حزامه لمنع تداول وتعاطي المخدرات ، مع معرفته التامة بمنافذ دخولها .
الدولة في النظام الديمقراطي تعتمد تشريعات تضمن حقوق وواجبات مواطنيها ، لايحق لأية جهة أخرى ان تصدر فرمانات بحسب مزاجها ، العقول المريضة تفسر دائماً الدعوات لإشاعة المظاهر المدنية دفاعاً عن شاربي الخمور ودعاة الرذيلة ، في يوم تنفيذ صولة الفرسان بمحافظة البصرة قال مستشار سابق في  وزارة الدفاع  إن الضمان الأكيد لاستقرار الأوضاع الأمنية في المحافظة بعودة المظاهر المدنية ، الرجل قال  كلمته في حديث لإحدى الفضائيات ففقد منصبه بفرمان عاجل .
 "المفرد المختوم" مشروب ومذموم في كل المجتمعات لكن خطورته مقارنة بالمخدرات قليلة نسبيا ، طبقا  لتوصيات مؤتمرات وزراء الداخلية العرب.      

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram