TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > خطوةٌ صحيحةٌ تكتملُ بحلِّ الميليشيّات

خطوةٌ صحيحةٌ تكتملُ بحلِّ الميليشيّات

نشر في: 27 يوليو, 2016: 06:01 م

"الحشد الشعبي" يتحوّل إلى "تشكيل عسكريّ مستقل" مرتبط بالقائد العام للقوات المسلحة على غرار جهاز مكافحة الإرهاب. هل هذا أمر حَسَن؟.. بالتأكيد نعم، فمن أسوأ الأمور أن تكون هناك قوى مسلحة خارج سلطة الدولة، تعمل لحساب قادتها أو أحزابها، وحتى لجهات توجد خارج الحدود.
للتو كُشِفَ عن أمر ديوانيّ لرئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة صادر قبل خمسة أشهر يقضي بجعل الحشد "تشكيلاً عسكرياً مستقلاً وجزءاً من القوات المسلحة العراقية ويرتبط بالقائد العام للقوات المسلحة"، ويعمل بنموذج يضاهي جهاز مكافحة الإرهاب الحالي من حيث التنظيم والارتباط، ويخضع ومنتسبوه للقوانين العسكرية النافذة من جميع النواحي.
لكنَّ السؤال المهم هو: ماذا عن علاقة الجسم الأساس من هذا الحشد بالميليشيات والأحزاب السياسية التي لها أذرع عسكرية مجهّزة بأحسن التجهيزات الحربية وممولة من مصادر غير مفصوح عنها، على نحو يضاهي تمويل القوات المسلحة الحكومية؟ الأمر الديواني يقول " يتم فكّ ارتباط منتسبي هيئة الحشد الشعبي الذين ينضمّون لهذا التشكيل عن الأطر السياسية والحزبية والاجتماعية كافة ولا يُسمح بالعمل السياسي في صفوفه".
هذا جيّد، لكن كيف يتمّ هذا؟ وكيف يُضمَنُ تحقيقه؟
معلوم أن الذين التحقوا بالحشد الشعبي صنفان: الصنف الأول هم المتطوعون الذين استجابوا لفتوى المرجعية الدينية العليا في النجف بـ "الجهاد الكفائي"، بعدما احتلّ داعش ثلث مساحة البلاد في حزيران 2014، نتيجة لتقصير الحكومة السابقة وانتهاجها سياسات خاطئة في المجالات كافة. والتحق بهؤلاء في ما بعد الكثير من الشباب العاطلين عن العمل الذين وجدوا في تبنّي الدولة للحشد الشعبي وصرف رواتب لعناصره فرصة للعمل بعد طول تعطّل. أما الصنف الثاني فهم عناصر الميليشيات التي كانت قائمة وتزايدَ عددها في عهد الحكومة السابقة بتشجيع منها، وهي في الغالب ميليشيات شيعية، فيما تشكّل البعض الآخر بعد فترة من احتلال داعش، وهذه في معظمها ميليشيات سنيّة. وهذه الميليشيات كلها تقريباً جرى تمويلها وتسليحها في عمليات من وراء ظهر الدولة، بل إنّ معظم الأسلحة والأموال جاء من دول مجاورة.
ما لم يكن الهدف منها إضفاء الشرعية على الميليشيات، فإن الخطوة الحكومية الأخيرة ضرورية للغاية، فقد تسبّب تعدّد مراكز القرار في تشكيلات الحشد الشعبي في مشاكل كبيرة مع سكان المناطق المحرّرة ومع القوات العسكرية النظامية. وعلى الدوام كان ثمة خوف من أنّ بقاء الجسم الأساس للحشد الشعبي على علاقة بالميليشيات والأحزاب سيؤدي، بعد دحر داعش وتحرير المناطق المحتلة، إلى نشوب نزاعات مسلّحة في ما بين هذه الميليشيات والأحزاب على خلفيّة الدور السياسي الذي تطمع فيه قياداتها.
ضمّ الحشد الشعبي، شيعياً كان أم سنيّاً، إلى مؤسسة الدولة العسكرية ينزع فتيل حرب أهليّة مدمّرة مُحتملة، لكن يتعيّن أن تتخذ الدولة كلّ الإجراءات اللازمة لقطع علاقة عناصر الحشد بالميليشيات والأحزاب التي جاءت منها، وللالتزام بقواعد وضوابط العمل الخاصة بمؤسسة الدولة العسكريّة.
ومن اللازم أيضاً أن تكتمل هذه الخطوة بخطوة مهمّة تالية، هي حلّ الميليشيات وتحريم عملها على وفق ما قضت به أحكام الدستور الدائم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. محمد سعيد

    الخطوة الصحيحة والجادة يا اخي الكاتب ان يكون ويبقي فقط لدوله شرعيه معترف بها وطنيا و دوليا واخلاقيا جيشا موحدا وقوات امنيه رادعه, وليس جيوش ومليشيات محاصصة (مثل قوات ضد ارهاب او حشد شعبي او غيرها من تسميات ولمبررات واسباب مجهولة او معلومة ). غير

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram