من يزور محافظة النجف تنتابه حيرة مصحوبة بعلامات استفهام كبيرة لمعرفة سر انتشار محال بيع حلاوة "الدهين" في المدينة باسم "ابو علي" . يقول النجفيون ان التسمية تعود الى استعارة شهرة ومهارة المرحوم "ابو علي" المعروف في السوق بأنه كان افضل من يعد الدهين بالجوز والدهن الحر ، فانتحل مقلدوه كنيته لاستقطاب الزبائن .
العراقي اليوم تنتابه ذات الحيرة لمعرفة الجهة الصادقة في تحقيق الاصلاح ، جميع الأطراف المشاركة في الحكومة الحالية والقوى السياسية جعلت الثورة الإصلاحية منهاج عمل لأغراض الاستهلاك الإعلامي ، انتحلت" دهين ابو علي" في محاولة لإيصال رسالة الى قواعدها الشعبية بأنها مازالت على العهد في الدفاع عن مظلومية الأغلبية، وتحقيق مستقبلها المشرق في عراق ديمقراطي تعددي حار جاف صيفاً بارد ممطر شتاءً ، مع احتمال تصاعد غبار كثيف في جميع الفصول نتيجة الخلاف السياسي المزمن .
جبهة الإصلاح حسمت أمرها ومواقفها تجاه الإصلاحات بجعل الإصلاح اسماً لها ، بقية الكتل في مجلس النواب : ائتلاف دولة القانون ، اتحاد القوى العراقية ، كتلة المواطن والفضيلة والأحرار مع الكتل الكردستانية ، تبنت الإصلاح قلباً وقالباً . ما دار من جدل حول مشروع قانون مجلس النواب كشف زيف الادعاءات ، تصريحات ممثلي الشعب لم تكشف الحقائق بوضوح ، احد النواب رمي الكرة في ملعب الحكومة بإرسالها المسودة الى البرلمان ، وآخر يبدو مغرداً خارج السرب قال ان المشروع طرحته هيئة رئاسة الجمهورية ، اين الحقيقة ؟ وهل هناك جهة تدعم الاصلاح ، تتحلى بالشجاعة تعلن استعدادها للتخلي عن استحقاقها الانتخابي في الحصول على حقيبة وزارية في التعديل المرتقب ؟ ألف رحمة على روحك ابو علي ضاع اسمك بين قبائل باعة الدهين ، كما ضاع الإصلاح بمواقف السياسيين.
العبادي يخوض هذه الأيام مشاورات مع القادة السياسيين من الصف الاول لتسمية مرشحين لشغل سبع وزارات ، لا يوجد سقف زمني محدد لإنجاز الاستحقاق التاريخي بإجراء التعديل المرتقب ، ثم التوجه الى خطوات إصلاحية اخرى ، وجرت العادة ان تكون المفاوضات طويلة لحين التوصل الى بلورة اتفاق مشترك ليضمن العبادي تصويت دعاة الإصلاح في البرلمان على المرشحين ثم يسدل الستار على الفصل الاخير من المسرحية الكوميدية ، وعاشوا عيشة سعيدة.
في أوضاع العراق الحالية بوجود عملية سياسية مصابة بعاهات وأمراض مزمنة ، من المستحيل تحقيق الإصلاح حتى على مستوى تخلي أمانة بغداد عن منهجها الثابت:الاهتمام بالأرصفة وترك المطبات في الشوارع العامة . العراقيون على موعد مع قراءة سورة الفاتحة على الإصلاح ، على طريقة ذلك الشاب الذي استقبل تابوت أبيه ،بعد عودة الجنازة من النجف، ببكاء وعويل "يابويه رجعوا تابوتك فارغ" فقال له شقيقه الاكبر " شتريد نترس التابوت دهين من النجف" . نوصيكم بالدعاء وقراءة سورة الفاتحة على الإصلاح.
"دهين" الإصلاح
[post-views]
نشر في: 29 يوليو, 2016: 09:01 م