بعد كل خرق أمني في بغداد او المحافظات تصعد "الحماوة " الى اقصى درجاتها لدى المسؤولين ، ويكاد كل واحد منهم "يشد حزامه" على قدر موقعه ومنصبه ، لكنهم يشتركون بعبارة واحدة تقول "سنتخذ اجراءات من شأنها تحسين الملف الأمني" مع وعود بتفعيل الجهد الاستخباري في الكشف عن الخلايا النائمة ، لتكرار العبارة اصبحت مثل "الطابع ابو المية" كان يضعه كتّاب العرائض في طلبات مراجعي الدوائر الرسمية .
العودة السريعة للآرشيف مع استعراض ابرز الحوادث الأمنية واستذكار منجزات جنرالات الدفاع والداخلية ، كلها تعطي دليلاً واضحاً بأن أصحاب القرار فشلوا في ادارة الملف الأمني ،
جملة "من شأنها تحسين ادارة الملف الأمني" وردت على لسان اول وزير داخلية ابراهيم البدران قالها من حديقة مقر حركة الوفاق الوطني بزعامة إياد علاوي في شارع الزيتون ، وكررها خلفه سمير الصميدعي ، ثم فلاح النقيب ، وبعده جواد البولاني ، والوكيل الأقدم النائب الحالي في ائتلاف دولة القانون عدنان الأسدي ، والوزير الأخير المستقيل من منصبه محمد سالم الغبان ، وكرر العبارة مستشارو الأمن الوطني، موفق الربيعي ، ثم قاسم داود ، وعبد الكريم العنزي ، وشيروان الوائلي ، وفالح الفياض . ويعد وزير الدفاع الأسبق حازم الشعلان المتهم بقضايا فساد والمحكوم غيابياً ، الوحيد بين زملائه صاحب "نظرية أمنية " تتلخص بالانفتاح على ما يعرف برجال المقاومة لعزل عناصر الجماعات الإرهابية ، لكن نظرية الشعلان لم تأخذ طريقها نحو التطبيق ، اما مستشار الأمن الوطني الأسبق عبد الكريم العنزي في حكومة ابراهيم الجعفري فمنعت قوات الاحتلال الاميركي جهوده في اعتماد خطة ستراتيجية :"من شأنها تحسين ادارة الملف الأمني" .
العبارة استنسخت آلاف المرات ، تضاف اليها مطالبات بتنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق المدانين بارتكاب جرائم ارهابية ، اما نتائج لجان التحقيق بقضايا سقوط الموصل ومجزرة سبايكر، وجهاز الكشف عن المتفجرات ، فتبقى مؤجلة حتى إشعار آخر ، لايستطيع اكبر مسؤول في الحكومة الاقتراب منها ، خشية انفجار لغم يهدد مستقبل العملية السياسية ، ملفات خطيرة من هذا النوع تنتظر "اجراء اللازم " .
بعد ايام قليلة من إحالته الى التقاعد لأسباب صحية ، شعر عبد القادر الموظف في وزارة الصحة بفراغ كبير ، الرجل كان يرتاد مقهى يعتقد انه دائرته الرسمية ، يتخذ له ركناً منزوياً ثم يردد عبارات توحي بأنه يمارس عمله السابق ، معاملتك بحاجة الى توقيع المدير ، الكتاب في قسم الطبع ،راجع من الشباك ، اين كتاب صحة الصدور؟ ووسط استغراب رواد المقهى واعتراضهم على سلوكه ، يخاطب الجميع بأعلى صوته "اجرينا اللازم" ، ثم يغادر المقهى على امل العودة في اليوم التالي لإنجاز معاملات المراجعين ، واتخاذ قرارات من شأنها تحسين إدارة الملف الأمني.
أجرينا اللازم
[post-views]
نشر في: 30 يوليو, 2016: 06:01 م