ولمّا كان اليوم الأول من آب " اللهاب "، ظهر وزير الدفاع خالد العبيدي ليُعلن بالبثّ المباشر أنه تعرّض لضغوط كبيرة من أجل تمرير صفقات ومقاولات في وزارة الدفاع، وإنْ هي إلا دقائق، حتى وجدنا رئيس مجلس النواب سليم الجبوري يقف منتفضاً، ليُعلن براءته من الوزير، وليذرف الدمع على عفّة البرلمان التي انتُهكتْ، وإنْ هي إلا دقائق بعدها، حتى كانت النائبة عالية نصيف تهمّ برمي فردة جديدة من حذائها الذهبيّ باتجاه الوزير، الذي كشف أنَّ النائبة " المجاهدة " ساومته على تعيينات وعطايا من أجل أن يتّقي شرّ لسانها " السليط " وحذائها " المجيد ". قبل حديث عالية نصيف المسلّي، كان الوزير يتحدث عن صفقة المليوني دولار من أجل أن يتجنب توازن حنان الفتلاوي، وقبلها بقليل كان سليم الجبوري يترجّى من الوزير أنْ " يحنَّ " على أبناء طائفته بعقد ملياري من أموال إطعام الجنود، وفي الصورة كان طالب المعمار يستبدل أفلام " البورنو " بصفقة المارسيدس! من بعيد كان حيدر الملا وجمال الكربولي يساومان على " لقمة " دسمة وطريّة لاتختلف بالنوع والنكهة عن " لقمة " الهلال الاحمر التي ابتلعها كرش الكربولي لوحده، وبعد كلّ هؤلاء طالت "مفرمة" وزير الدفاع مقاولين وأصحاباً وأحباباً بنوا ثرواتهم من دماء العراقيين، المواطن الذي أمضى مع النواب وفضائحهم سهرة ممتعة حتى طلوع الفجر، فرك عينيه وهو لايصدّق أنّ هناك حرب ستشن على الفساد، إنه التطهير. هكذا أعلنها حيدر العبادي.
للأسف ينسى هؤلاء الظرفاء أنّ المرحلة برمّتها ما كان لها أن تتأسس، لولا أفضال الفساد عليها، أو قُل إننا منذ عام 2005 نعيش مرحلة ردّ الاعتبار للفساد والتسلّط والانتهازية، فهل كان غير الفساد ديناً وعقيدة لحكومة الجعفري ومن بعده المالكي؟ هل كان غيرالفساد سلاحا ماضيا وحليفا ستراتيجيّا؟ الجميع رفع شعار "الفساد للفساد"، فساد بدأ بإغراق المجتمع في شعارات طائفية مقيته، وعصابات فاسدة منظمة تقتلُ على الهوية، ومافيات سرقت كل ثروات البلاد وحوّلتها للشقيقة إيران والأشقّاء في عمّان ودبي ولندن. واستمر الفساد ينمو وينتشر ويتوغل، حتى وصل إلى مفاصل وأعصاب العراق بأكمله، في ظل تخصيبه وتسمينه ورعايته باشراف من كل القوى السياسية بلا استثناء، تمويلات الانتخابات فساد، وعقود النفط فساد أكبر، ولعنة الكهرباء، اموال الصحة فساد، الحصة التموينية فساد، الهيئات المستقلة فساد، التوظيف للنصوص الدينية والفتاوى، لصالح منظومة سياسية فاسدة، وإرضاء لغرور سياسي تحوّل من رئيس حكومة الى مختار للعصر، أليست هذه صور شديدة الوضوح للفساد؟ هل غير الفساد، يصلح لتسمية كلّ ما سبق؟ نعم، يمكنك أن تضيف إلى الفساد، عبارة "خيانة الوطن " التي برع الجميع بممارستها وبالعلن.
نعم هذا النظام السياسي من أعلى رموزه هو الراعي لهذه المسرحية التي جرت في البرلمان، هو الحامي لزمن "الطائفية والخيانة "، ولهذا نصيحتي الى كل السياسيين أن يتمعّنوا جيّداً في الحكمة الصينية القائلة: " عندما تكون غارقاً في الوحل فمن الأفضل أن يبقى فمك مغلقاً "!
عالية " نادبةً " ، الفتلاوي " صارخةً "، سليم " باكياً"
[post-views]
نشر في: 2 أغسطس, 2016: 06:56 م
جميع التعليقات 1
بغداد
أستاذ علي حسين اقتطف من مقالك هذه الجمل التي شخصت بالضبط اللي صار وكاعد ديصير في عراق مابعد ٢٠٠٣ ونحن الان في اب ٢٠١٦ ( الجميع رفع شعار الفساد للفساد ، فساد بدأ بإغراق المجتمع في شعارات طائفية مقيته، وعصابات فاسدة منظمة تقتلُ على الهوية، ومافيات سرقت كل