اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > رسالة الى فائق حسن.. بمناسبة قتل معهد الفنون الجميلة!!

رسالة الى فائق حسن.. بمناسبة قتل معهد الفنون الجميلة!!

نشر في: 5 أغسطس, 2016: 09:01 م

أستاذي العزيز، لم أرغب في أن أعكر عليك صفو راحتك وأنت ترقد في الأعالي. لكني أتساءل أحياناً مع نفسي، أين أنت يافائق حسن لترى وتشهد على وضاعة الأوضاع في بلدنا العراق، أين أنت يامن أسست معهد الفنون الجميلة سنة 1939 وعلمتنا سحر الرسم؟ وقتها أردتَ أن تجمعَ الموهوبين من الشباب والشابات ليكونوا نواة لفناني البلد في المستقبل. سبع وسبعون سنة مضت على ذلك الحدث الذي غيّر وجه الثقافة في العراق وأعطاها هوية جديدة. كنت رائداً يا أستاذنا في الرسم وفي صياغة معايير جديدة لإبداعنا. لكنك ربما لاتعرف الآن وأنت بعيد عنا كل هذا البعد بأن ثمة رواد جدد قد ظهروا الآن في بغدادك ليؤسسوا نوعاً جديداً من (الفن)، أنه فن الخزعبلات والوضاعة وقتل الجمال بكل ما تحمله هذه الكلمات من معانٍ. هل تصدق يا أستاذي بأن هؤلاء الذين يسحبون خطواتهم الآن على درب الانحطاط ويريدون سحب البلد معهم أيضاً على نفس هذا الطريق، يحاولون الآن طمس ما بنيت وهدم ما أسست وتفريق ما جمعت وما تركت لنا من أرث نفاخر به كل وقت!!
لقد غيروا أسماء المدن ومسحوا أسماء الشوارع التي نعرفها وهدموا بناياتنا الجميلة وحولوا أحجارنا الثمينة الى محابس وسبح !! قلبوا قماشات لوحاتنا ووضعوها تحت اقدامهم وهم يدعون لخرابنا في صلاتهم للرب!! اطفأوا مصابيحنا ومنحونا القنابل والتفجيرات!! منعوا أغانينا وأهدونا العويل والبكاء!! نزعوا لافتات أفراحنا وغطوا بقماشاتها عنوةً رؤوس فتياتنا الجميلات!! أصبح الرسم محرماً في بلد اخترع الرسم وأهداه للبشرية!! وسادت الخزعبلات والتعاويذ في بلد اخترع الكتابة وغيّر تاريخ العالم!! منعوا الرقص والموسيقى!! وفوق هذا يسمّون النحت أصناماً!! أزالوا الدمى البلاستيكية التي توضع في واجهات المحال لغرض عرض الملابس واتهموها بإفساد الذوق العام، ليعطوا لنسائنا بعدها السواد والقتامة. ربما تستغرب يا أستاذي وتتساءل بعفويتك المعهودة عن كيفية حدوث كل هذا التغيير وبهذا الوقت القياسي؟ وأنا أقول لك، لا وقت لهؤلاء سوى أوقات صلاتهم الزائفة، وهم سائرون بهذا النهج ما دام الجميع ساكتين.
اِسحب نفساً من دخان غليونك يا أستاذي واتكئ على كرسيك قبل أن أزف لك الخبر الأخير، نعم، أنه الخبر الذي دعاني لمكاتبتك والرجوع اليك كما كنت أفعل ذلك أيام الدراسة. فقد قرر قبل بضعة أيام أحد هؤلاء الجهابذة أن يهدم ويلغي ويزيل عن الوجود معهد الفنون الجميلة ويدعو الى تحويله لمدرسة إعدادية!! يالمحبته للعلم والمدارس ويالانتباهته الفذة في اقتلاع الفساد الذي يعشش في معهد الفنون الجميلة والذي تسبب في خراب البلد والناس، ويالبراعته وهو يحارب الشر والرجس الذي هو من عمل الشيطان!!! أنت تضحك الآن بالتأكيد يا أستاذي وتحمد الله لأنك بعيد كل هذا البعد. أراك تضحك أكثر وتعدّل من جلستك وتتكئ على حافة كرسيك القديم لتستذكر دعوتي لإطلاق اسمك على أحد شوارعنا. وأنا أضحك معك الآن بحرقة أقرب الى الكوميديا السوداء، حيث لا أرى اسمك مكتوباً على يافطة شارع حتى وأن كان صغيراً، بل دَمِعَت عيناي وأنا أشاهد بدلاً من ذك أسم (رجل دين) من بلد آخر، يُطلق على احد شوارع بلدي!!!!
أخيراً أعرف بأنك قد تستغرب يا أستاذي وقد يستغرب القراء أيضاً بأني قد استعملت هنا في هذا المقال الكثير من علامات التعجب، وأنا أسألك، هل رأيت عجباً أكثر مما يمر به بلدنا؟  فلا علامات في اللغة تشير الى وضعنا الآن بشكل مناسب سوى علامات التعجب، والتعجب جداً!!!!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram