TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > في انتظار المخلص!

في انتظار المخلص!

نشر في: 5 أغسطس, 2016: 09:01 م

منذ استجواب وزير الدفاع خالد العبيدي الذي تحوّل الى استجواب عكسي لبعض نواب البرلمان في سابقة لم تحدث من قبل في البرلمان العراقي، ظهرت دعوات في وسائل التواصل الاجتماعي تطالب العبيدي بالقيام بانقلاب والسيطرة على قناة العراقية واعلان البيان رقم 1، وهذا يؤكد خيبة الشعب بالديمقراطية ورغبته في إحداث التغيير على يــد شخصية قوية تستحق ان تنال التمجيد والتأليه الذي يمكن ان يمارسه الشعب ببساطة حين يشعر بأنه وجد المخلص!
لا أظن ان من الصائب أن نتفق مع وجهة النظر هذه فقد سعينا طويلا للمطالبة بديمقراطية حقيقية وندرك اننا ندفع ثمنها يوميا من معاناتنا ومن دماء ابنائنا، لكن هذه الدعوات تصور مدى اليأس الذي حل بالشعب العراقي وكيف صار من السهل عليه المطالبة بحكم فردي مقابل استعادة توازنه بعد الفوضى التي اعقبت سقوط الحكم الدكتاتوري عملا بمبدأ الرضى بأهون الشرور، فهل سيحقق النظام الرئاسي حاليا لو تم تطبيقه آمال الشعب، وهل ستتم ولادته بسهولة ومن دون عملية قيصرية يفقد فيها البلد المزيد من الدماء وربما يأتي الوليد مشوَّهاً ومهدداً بالعديد من الامراض والعلل المزمنة؟!
اعتقد ان بانتظارنا سنوات اخرى من التخبط والتسقيط قبل ان تأخذ الديمقراطية مسارا صحيحا، وخلال هذه الفترة لابدّ ان يعي الشعب الذي يتحمل ايضا مسؤولية ماحدث ويحدث له حجم الخراب وأن يُسهم في تغييره عن طريق الانتخابات التي لا أحبذ التبكير بها اذا ماحاول البعض المطالبة بحل البرلمان، فالمرحلة المقبلة ستحفل ولاشك بالكثير من التغييرات والمفاجآت وستسقط اوراق توت عديدة لتنكشف عورات الفساد في مختلف مفاصل الدولة وستظهر الوجوه الحقيقية للعديد من المسؤولين بعد ان تسقط أقنعتهم، وبرغم ان العبيدي غير مُنزَّهٍ ايضا لسكوته الطويل عما بجعبته من اسرار واطلاق سِهامها في توقيت قد يكون مخططا له وقد يكون دفاعا عن شخصه ومنصبه لدى اقتراب الخطر منه، فقد يستمد بعض المسؤولين الجرأة والشجاعة من حادثة استجوابه فيفتحوا الدفاتر المغلقة للفاسدين بانتظار ان تجري عملية الحساب والمحاسبة ما لم يعمل المتنفذون على لملمة القضايا وإطفاء فتيل اشتعالها لإنقاذ أيديهم الملوثة ايضا بوحل الفساد..
نحن لا نحتاج إذن الى انقلاب لاسيما وان جيشنا العراقي لا يمتلك ولاءً واحداً وفيه العديد من الفصائل التي تُدين بالولاء لأحزاب او جهات خارجية وهذا يعني ان تجربة الجيش المصري لن تتكرر في العراق ومن سيقود الانقلاب لن يجد الجميع طوع أمره كما حدث مع السيسي، ونحن لا نحتاج ايضا الى انتخابات مبكرة فمازال الشعب يبحث عن الخلاص في القوة لا الديمقراطية، وهكذا، علينا ان نتابع بتجرد ما يحدث في الساحة السياسية وننتظر سقوط اوراق اخرى وحدوث فضائح أكبر، لأن كل ما سيحدث سيصبُّ في مصلحة الناخب العراقي وسيساعد الشعب على الاختيار بوعي ومنطقية وليس التهليل لكل مَن يتصدّر المشهد بدعوى محاربة الفساد!!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram